الخميس 08/مايو/2025

(صفر حلول) بعد تسعة عشر عاماً

(صفر حلول) بعد تسعة عشر عاماً

بعد تسعة عشر عاماً من إبرام اتفاقية (أو تفاهمات) أوسلو نستطيع التوصل إلى نتيجة مفادها أن الطرف الفلسطيني هو الخاسر فيها. الجانب الصهيوني أفاد كثيراً منها وفي المقدمة التعاون الأمني بينه وبين سلطة رام الله، كما أن الاقتصاد الفلسطيني أضحى رهينة تل أبيب إلى جانب قيام الطرف الفلسطيني بشطب وتحويل عدد من مواد الميثاق الوطني الفلسطيني ومنها خارطة الوطن الفلسطيني التاريخية والاستمرار في الكفاح المسلح والمقاومة المسلحة.
فلم تعد فلسطين التاريخية هي مطلب منظمة التحرير الفلسطينية (الطرف الذي أبرم الاتفاقية)، ولم يعد بمستطاع الشعب الفلسطيني ممارسة حقه الطبيعي في مقاومة الاحتلال عسكرياً. كما أن الطرف الصهيوني استغل الاتفاقية – وفي غضون فترات المفاوضات العبثية – في تكثيف الاستيطان والاستيلاء على أكثر من ستين بالمئة من أراضي الضفة، وانفرد باستغلال موارد الضفة الغربية المائية وقام بسلسلة من الاغتيالات والمجازر التي كان لها أول دون أن يكون لها آخر.
كان يفترض وفق أوسلو أن يحصل الفلسطينيون على دولة في حدود الرابع من يونيو لعام 67 وعاصمتها القدس الشريف نهاية عام 1998 أو بداية عام 1999، ولكن شيئا من هذا لم يحدث، بل إن الاحتلال أوغل في محاولته الدؤوب تهويد القدس وبنى جدار الفصل العنصري، وبقيت له أكثر من 560 من الحواجز المعيقة لتحركات أبناء الضفة الغربية.
في جردة بسيطة أو مقاربة سريعة يمكن القول إن الطرف الفلسطيني خسر الكثير، وأولى خسائره الجسيمة كانت فقدانه ورقة قوته الأساسية: أي وحدته الوطنية. لقد أدت أوسلو بنتائجها إلى حدوث الانقسام الفلسطيني الأفقي والعمودي ليس بين الضفة الغربية والقطاع فحسب، بل بين مجمل أبناء فلسطين – بين اتجاهين متعارضين: اتجاه يؤمن بالمفاوضات وليس سوى المفاوضات طريقا، واتجاه يؤمن بالكفاح المسلح – وليس بمفهوم (المقاومة الشعبية) الهلامية والقابلة لعشرات التفسيرات. متابعة دقيقة لخطاب الرئيس الفلسطيني في الأمم المتحدة يمكن أن توصلنا إلى استنتاج أن الخطاب كان تأبينيا لاتفاقية أوسلو وأن محاولة نفخ الحياة بالميت أمر غير مجد لو استمر النفخ مئة عام أخرى.
مجرد لجوء الطرف الفلسطيني إلى طلب العضوية غير الكاملة في الأمم المتحدة يعني اليأس التام من مسار المفاوضات العبثية. ولذا فإن الواقع المرضي الفلسطيني اليوم في حاجة إلى مراجعة تامة وصارمة لمسار دام تسعة عشر عاماً.
لنلاحظ أن قيام السلطة صار بديلاً عن المجلس المركزي الفلسطيني والمجلس الوطني الفلسطيني. فكم مرة اجتمع المجلس الوطني الفلسطيني خلال الأعوام التسعة عشر؟ وكم مرة اجتمع المجلس المركزي الفلسطيني خلال الفترة المذكورة؟ ثم ألم يحن بعد وقت انتخابات جديدة لمجلس وطني فلسطيني؟ ألم يحن الوقت لإعادة هيكلة وبناء منظمة التحرير الفلسطينية؟ إذا كانت المنظمة تعتبر مكسبا فلسطينيا لا يجب التنازل عنه، أليس من المفروض إنفاذ ما تم الاتفاق عليه بشأن إعادة هيكلها في القاهرة في العام 2005؟ ولمصلحة من يبقى الانقسام وتجميد المجلس الوطني وعدم إعادة النظر في الميثاق الوطني لاستعادة روحيته الفلسطينية؟
إن تسعة عشر عاما أنتجت لنا (صفر حلول) ومئات المشكلات، وللعدو أنتجت الكثير من الفوائد وفي طليعتها الانقسام الفلسطيني والتعاون الأمني والاستيلاء على أراضينا في الضفة، والتنازل عن الكثير من ثوابت الشعب الفلسطيني مما كان وارداً في نصوص الميثاق الوطني قبل إجراء التعديلات عليه لينسجم مع ما ورد في اتفاقية أوسلوـ الجريمة.
* كاتب فلسطيني
[email protected]
صحيفة الوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات