الأمم المتحدة.. السلب والاستلاب والسلبية

وعلى هامش الدورة ستنعقد قمم عديدة واجتماعات وزارية ولقاء المجموعات من بينها قمة عن الصومال وأخرى عن البحيرات العظمى وسيادة القانون على المستويين الوطني والقومي، وقمة عن بناء السلام في مرحلة ما بعد النزاعات، كما تعقد الاجتماعات الدورية للمجموعة العربية والإفريقية وحركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجموعة «ال 77»، وستكون كلمات الوفود إعلاناً عن طبيعة السياسة لكل بلد بخياراتها الداخلية وعلاقتها الخارجية ومواقفها إزاء الأزمات والقضايا المتفاقمة والمستجدة في عالمنا بأسره.
لكن في القراءة لا تبدو هذه العملية أكثر من «سوق» كلام، إذا كان بعض من الحاضرين يستمعون، فإن أهمية ما يقال وحتى ما يتم عليه الاتفاق لا يصير في واجهة الاهتمام، والسبب أن الجمعية العامة للأمم المتحدة بدلاً من أن تشهد انتقالاً في نظام وآلية المنظمة الأممية، شهدت ما يمكن وصفه بالاستلاب، لهذا باتت الفجوة في اتساع بين هذه المرجعية الدولية ومجلس الأمن، ومن هذه الحالة الاستلابية تحولت دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى وضع مزدوج، إذ إن ما يخطط في الاجتماعات المغلقة أكثر بكثير مما يشهده ويقرأه ويسمعه العالم عبر وسائط الإعلام، حيث تتحول أروقة الأمم المتحدة إلى دهاليز تحاك فيها مؤامرات ومنها على الأمم المتحدة ذاتها في استخدامها مظلة للسياسات، وخاصة ضد الدول الصغيرة، والتوصل إلى صفقات بين أطراف على حساب ليس أطراف أخرى وحسب، بل قد يكون ذلك على حساب عالمنا الدولي والإنساني بأسره، وفي هذا الصدد صار المناخ خصباً أمام الدور الصهيوني للعمل في هذه الدهاليز المظلمة لتمرير وتسويق مخططات تصفية القضية الفلسطينية.
وعلى ذكر الدور الصهيوني يمكن القول إن «الجديد» في الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة جرى إنجازه قبل انعقادها بانتخاب الجمعية بالأغلبية السفير الصهيوني لدى الهيئة الدولية «رون بشرو شأور» نائباً لرئيس الجمعية العمومية الذي يمارس مهامه فور افتتاح الدورة.
جاء ترشيح السفير الصهيوني لهذا المنصب نيابة عن مجموعة الدول الغربية التي تضم دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، ويمنح هذا الانتخاب الكيان الصهيوني قوة تأثير مهمة في الأمم المتحدة، حيث سيكون السفير الصهيوني بوصفه نائباً لرئيس الجمعية العمومية شريكاً كاملاً بتحديد جدول أعمال الجمعية العامة خلال العام المقبل، إضافة إلى إدارة نقاشاتها في حال تغيب الرئيس.
من الواضح أن الدول التي أنابت السفير الصهيوني لهذا المنصب لم تكن تحاول إخراج الكيان الصهيوني من عزلته بسبب سياسته المناهضة للسلام وجرائم حربه العنصرية ضد الشعب الفلسطيني فقط، بل هي تعيد إنتاج وفرض هذا الكيان بوجوده القائم على العدوان والاحتلال والاستيطان والجرائم ضد الإنسانية على عالمنا الدولي والإنساني بأسره.
هل هذا هو الضغط الأوروبي والأمريكي لحمل الكيان الصهيوني على التجاوب مع متطلبات الحل العادل والسلام الدائم في الشرق الأوسط؟ دونما الخوض في هذا السؤال لأن ما جرى هو نقيضه، يمكن القول إن تصعيد السفير الصهيوني إلى نائب رئيس الجمعية العمومية للأمم المتحدة من حيث الإجراء لا لبس فيه، لكن من حيث المبدأ يندرج في سياق الارتداد الذي شهدته الأمم المتحدة في شأن قضية الشعب الفلسطيني التي كانت بدأت هذا في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون الذي قاد حملة إسقاط قرار الأمم المتحدة باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية. وقد حدث هذا في توازٍ مع تزايد النهج العنصري للكيان الصهيوني الذي يشمل في ما يشمل حرب إبادة للفلسطينيين من وجودهم قبل حقوقهم المصادرة والمسلوبة والمنهوبة أمام عالمنا الدولي والإنساني بأسره.
المشهد الناطق يُسلب الفلسطيني أرضه ويستوطنها غيره، فما هو هذا الفعل؟
في كلمته الافتتاحية للدورة المنعقدة حالياً أشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى أهمية وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وفي الميثاق الدولي ومبادئ الأمم المتحدة الاستيطان القائم على نهب الأرض واقتلاع أصحابها من جذور وجودهم التاريخي الإنساني، مرفوض وغير مقبول.
بان كي مون يداري الكيان الصهيوني بالتوقف عند ما وصلت إليه قاطرة الاستيطان المتدفقة في الضفة الغربية والقدس التي يرافقها التهويد لكل شيء، وخاصة في القدس بدءاً من المعالم التاريخية إلى أسماء القرى والحارات، ألم تكن مسؤولياته هي التأكيد أن ما جرى في ظل الاحتلال في هذا السياق ليس شرعياً ولا مشروعية له.
الأهم هو: هل بعد رفض وتجاهل الكيان الصهيوني قرارات الشرعية الدولية، جاءت المكافأة بتصعيد السفير الصهيوني إلى قيادة الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ أو هي خاتمة الزمن الاستعماري الصهيوني في هذه المنطقة؟ أو أن الأمر حصيلة لأوضاع هذه المنظمة الأممية بما هي عليه من خليط سلب الحقوق واستلاب الإرادة وتصدر السلبية؟
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

10 شهداء على الأقل في قصف جديد لمدرسة وسط القطاع
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 10 شهداء على الأقل، وأصيب أكثر من 50 مواطنًا بجراح، إثر قصف إسرائيلي جديد، استهدف، مساء الثلاثاء، مدرسة أبو...

الإعلامي الحكومي: مجزرة البريج امتداد مباشر لجرائم الإبادة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي إن مجزرة مخيم البريج تُعد جريمة امتداد مباشر لجريمة الإبادة الجماعية التي يواصل جيش...

الهيئات الإسلامية: الاعتداء على ساحة الشهابي سياسة تهويدية لتطويق الأقصى
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الهيئات الإسلامية في القدس أن اعتداء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ساحة "الشهابي" التاريخية داخل البلدة...

حماس: مجزرة البريج جريمة حرب بشعة تضاف للسجل الأسود للاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مجزرة مدرسة أبو هميسة في مخيم البريج، والتي كانت تؤوي نازحين، جريمةٍ جديدةٍ...

بلدية جباليا تحذر من كارثة وشيكة لتراكم النفايات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت بلدية جباليا النزلة، يوم الثلاثاء، من انتشار وتراكم كميات النفايات في مناطق نفوذها، مع عدم مقدرة طواقم العمل على...

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس شمال الضفة
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، بهدم عدد من المباني السكنية في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم شمال الضفة...

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...