كامب ديفيد ومآلها

«إسرائيل» كيان متعال يمارس كل طقوس العجرفة والصفاقة والتهديد والوعيد، وفي كل مناسبة يتوعد بالويل والثبور لكل من يقول لا للاحتلال أو يفتضح أكاذيبه وافتراءاته، وهي تدس أنفها القميء في سياسات الدول وأمورها الداخلية وتنتظر السمع والطاعة. وفي الفترة الأخيرة دأبت «إسرائيل» على إطلاق بالونات اختبار في ما يخص الشأن المصري الداخلي لمعرفة ردود فعل السلطات الجديدة، وبدا ذلك جلياً وواضحاً من خلال التصريحات شبه اليومية لمسؤوليها حول ما يتعلق بالتطورات المصرية وسيناء وما يدور على رمالها، ووصل الأمر إلى استهداف أفراد أو مجموعات بشكل مباشر أو استخبارياً على التراب المصري، وعندما أيقنت أن لا جديد حتى الآن في السياسة المصرية تجاهها، عمدت إلى التمادي، والذهاب أبعد من ذلك لدرجة أنها تتصرف كأن سيناء حديقتها الخلفية وأنها منزوعة من السيادة المصرية.
هذه الأمور تذكّر بتصريحات وزير خارجيتها، المتطرف أفيغدور ليبرمان، الذي ما أنفك يهدد، من دون أي رادع، بقصف السد العالي وإغراق القاهرة بمياه النيل. مقابل كل ذلك، نرى تطمينات من القيادة المصرية الجديدة بأن اتفاقية «كامب ديفيد» لن تمس وأن مصر ستحافظ عليها.
لكن، وبالرغم من أن «كامب ديفيد» حيّدت مصر من الصراع العربي  الصهيوني، فإن الشعب المصري لم يحيّد ويحمل همّ فلسطين والقضية الفلسطينية في قلبه وعقله وضميره، ومن الأكيد أنه لم ينس دماء شهداء حرس الحدود الذين سقطوا برصاص العدو الغادر بعد عملية إيلات، ولم ينس أيضاً، أن العدو الصهيوني لم يتنازل حتى بتقديم اعتذار إلى مصر، وأن القاهرة لم تقم بأي إجراء يعيد الاعتبار إلى الذين سقطوا دفاعاً عن الوطن، وعائلاتهم المكلومة.
المتوقع من القيادة المصرية الجديدة أن تفي بتعهداتها وتعمل على تحقيق أهداف الثورة في السيادة ورفض التبعية واستقلالية القرار، والعمل لخدمة مصر وتطورها ورفعتها، لأن الشعب المصري غير راض أبداً عما آلت إليه الأمور حتى الآن، فهو يريد استقلالاً ويرفض الارتهان للخارج، ويعلم علم اليقين أن «كامب ديفيد» كبّلت مصر وحجّمت دورها، لذا عليها الاستماع لصوت الشارع وتحقيق أهدافه، وعليها أن توقن أن «إسرائيل» لم تسع يوماً إلى السلام، لأن مبادرة «السلام» العربية التي مضى عليها عقد من الزمان قابلتها الدولة المتعجرفة بمذابح ومجازر واجتياحات في الضفة الغربية، وما زال القتل مستمراً، والمبادرة تنتظر.
[email protected]
صحيفة الخليج الإماراتية