ما يُجرى على الأرض شيء آخر..!

نتابع الخطابات من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونتابع اشتراطات نتنياهو على الفلسطينيين بالاعتراف بـ”إسرائيل دولة الشعب اليهودي”، ونتابع اللاءات الإسرائيلية المتعاقبة والمتفرخة دائماً عن مزيد من اللاءات، ونتابع الجدل العقيم ما بين الأطراف حول مناخات وشروط استئناف عملية المفاوضات، لكن وبينما تواصل جميع الأطراف المعنية مباشرة بدائرة الصراع، إعادة إنتاج واجترار المؤتمرات والبيانات والوعود والتعهدات والالتزامات تجاه عملية السلام والتسوية وإقامة الدولة الفلسطينية، فإن ما يجري هناك على أرض فلسطين، وديناميكية الأحداث والوقائع التي يجري إقامتها على امتداد مساحة الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية تحديداً، هي التي تفرض نفسها في الحصيلة الاستراتيجية، فالاحتلال عملياً لا يتوقف عن العمل إطلاقاً، وجرافاته تواصل الحرث والتمهيد والتقطيع، وآلياته تواصل بناء الاستيطان والجدران ومعسكرات الاعتقال..!
فتتحدث التقارير والشهادات الفلسطينية في هذا السياق على سبيل المثال، عن انتقال الاحتلال إلى مرحلة متقدمة جدا، في حملاته التهويدية الجارفة في المدينة المقدسة، وكذلك في مدينة خليل الرحمن، كما تتحدث عن “أن إسرائيل أخذت تستبدل مبدأ التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية/النظرية/ بالمواصلات وشبكات طرق وأنفاق لإحكام السيطرة وتوسيع الاستيطان”.
فمنذ التوقيع على أوسلو عقدت عشرات المؤتمرات الإسلامية، كما وقعت العديد من الاتفاقيات التي لم تعد تساوي قيمة الحبر الذي عليها، وبينما يعلن الفلسطينيون والعرب منذ سنوات طويلة وبلا توقف التزامهم بعملية السلام كخيار استراتيجي، لم يتوقف بلدوزر الاستيطان والجدران عملياً عن العمل، ولم تتوقف قوات الاحتلال أيضاً عن الاجتياحات والاغتيالات والاعتقالات والعقوبات الجماعية، وعن اقتراف كافة أشكال جرائم الحرب، غير مكترثة لا بالمؤتمرات أو بالاتفاقيات أو بالالتزامات والتعهدات، بل الواضح هو العكس تماماً، إذ تتمادى دولة الاحتلال في ما تقترفه على الأرض الفلسطينية، ولعل من ابرز واخطر حقائق الأمر الواقع هناك في فلسطين:
– فلسطين أمام انشطار فلسطيني سياسي/جغرافي/سكاني ونضالي خطير يهدد المستقبل الفلسطيني كله.
– أن دولة الاحتلال تعمل على تفكيك وحدة النص النضالي الفلسطيني وهز أركان الجبهة الداخلية.
– هناك اليوم خريطة طريق أمريكية –إسرائيلية جديدة محورها فصل غزة عن الضفة تماماً والى الأبد.
– هناك إجماع في “إسرائيل” على تخليد الاحتلال للضفة، وفي هذا الإطار لا تتوقف البلدوزرات الصهيونية عن العمل.
– فبتنا أمام معطيات استيطانية تهويدية تثير الرعب..!
– نتنياهو ينتهج استراتيجية استيطانية مكثفة وخطيرة جداً، و”إسرائيل” تتحول إلى أخطر مافيا لسرقة الأراضي على وجه الكرة الأرضية.
– الحكومة الإسرائيلية تستغل الأوضاع المحلية والدولية وفلسطين كلها تحت مخالب الاستيطان.
– أسلحة الحرب الاستيطانية الخرائط والأوامر العسكرية والجرافات التي تحولت إلى الأداة الرئيسية لجيش الاحتلال.
– وعلى نحو إضافي، فالواضح أن الحسابات والاعتبارات الفصائلية الضيقة تطغى وتهيمن حتى الآن على الحسابات والاعتبارات الوطنية العليا، حيث الواقع هناك على الأرض الفلسطينية يستدعي الائتلاف والتلاحم والوحدة الوطنية الفلسطينية..!
– ولذلك يقول محللون سياسيون فلسطينيون: إن الأوضاع التي تشهدها الأراضي الفلسطينية هي الأسوأ في التاريخ الفلسطيني الحديث. والمؤسف أن الفلسطينيين أصبحوا يواجهون جملة من المآزق والتحديات الداخلية والخارجية الثقيلة التي لا يمكنهم مواجهتها إلا مجتمعين موحدين، الأمر الذي لا تبشر به ديناميكية التطورات الفلسطينية البينية على الأقل في الأفق المنظور، بل إن الحملات المتبادلة تتصاعد تدريجيا بصورة منهجية إلى مستوى القطيعة والعداء الشاملين، وربما يكون الآتي أقسى وأبشع إذا لم تتدارك الفصائل والقوى الفلسطينية الموقف..!
أمريكياً وإسرائيلياً فإن الإدارتين تعتبران المشهد الفلسطيني الراهن فرصة تاريخية نادرة للإجهاز على القضية والمشروع الوطني برمته، ويبدو أن المعطيات الفلسطينية تسير مع الأسف في هذا الاتجاه، ويمكن القول إن الرياح الفلسطينية تهب هذه المرة أكثر من أي وقت مضى كما تشتهي السفن الإسرائيلية ..! وفي قصة استئناف عملية المفاوضات التي يسعون لها، و”الأفق السياسي” الذي يعاد إنتاجه مجددا، فكما يقول المثل الأمريكي الواشنطني “كلمات مثل الرمل وليس هناك ما يؤكل”..!
فـ”إن كل عملية المفاوضات نصب واحتيال”..!
فكفانا إذاً نصباً واحتيالاً وخداعاً وتضليلاً سياسياً وإعلامياً..!
وكفانا ابتعاداً متعمداً أو جاهلاً عن البوصلة والأهداف الحقيقة..!
فديناميكية الأحداث على الأرض الفلسطينية لا تحترم المؤتمرات والتعهدات والالتزامات الكلامية البيانية التضليلية، كما أنها لا ترحم القضية والمشروع الوطني وخيار الكفاح والتحرير، إذا كان أصحاب القضية والمشروع والخيار لا يرحمون بعضهم بعضاً!!.
[email protected]
صحيفة العرب اليوم الأردنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

18 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...

الاحتلال يُمدد اعتقال 58 أسيرا إداريا
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين وجمعية "نادي الأسير الفلسطيني"، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت 58 أمر...

أنصار الله: الملاحة في المطارات الإسرائيلية غير آمنة
صنعاء- المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية "أنصار الله"، أن الملاحة الجوية في المطارات الإسرائيلية باتت غير آمنة، مشيرة إلى أن...

جيش الاحتلال يقصف مطار صنعاء الدولي ومصنعا للإسمنت ومحطة كهرباء مركزيّة
صنعاء - المركز الفلسطيني للإعلام شنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ، اليوم الثلاثاء، هجوما استهدف من خلاله مطار صنعاء الدوليّ، ومصنعا للإسمنت في منطقة...

مستوطنون يحرقون مساحات زراعية واسعة في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أضرم مستوطنون، اليوم الثلاثاء، النار في أراضٍ زراعية، شمال شرق مدينة رام الله. وأفادت مصادر محلية، بأن عشرات...

حماس: ترامب يردد أكاذيب نتنياهو لتبرير التجويع الممنهج لغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي اتّهم فيها الحركة بالسيطرة على المساعدات الإنسانية في...

48 شهيدا و142 جريحا في غزة خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الثلاثاء، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 48 شهيدا، و142 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...