الأربعاء 07/مايو/2025

التنازلات الفلسطينية بين خطابين

التنازلات الفلسطينية بين خطابين
بين خطاب ياسر عرفات أمام الأمم المتحدة في نوفمبر 1974 وخطاب عباس الأخير أمامها فروقات جوهرية عديدة تختزل حجم التنازل الذي أقدمت عليه القيادة التقليدية لمنظمة التحرير، سواء من حيث الأهداف والثوابت الوطنية الفلسطينية أو من حيث وسائل الكفاح الوطني الفلسطيني، ففي الوقت الذي جاء فيه خطاب عرفات متمسكاً بوحدة التراب الوطني الفلسطيني من خلال طرح الدولة الديمقراطية الموحدة على كامل التراب الوطني الفلسطيني، رغم أن ذلك الحل يعني القبول بما وصف بازدواجية «القومية» وبوجود المهاجرين الصهاينة على أرض فلسطين، وهي خطوة تنازلية، إلا أنها تتمسك بوحدة التراب الوطني الفلسطيني، في حين أن خطاب أبو مازن الذي دعا لحل الدولتين وحدد مساحة دولة فلسطين بـ 22% من التراب الوطني التاربخي للشعب الفلسطيني، وهو إفراط في التنازل لا يحق لأبو مازن الانفراد في تقديمه دون استفتاء شعبي فلسطيني عام يشكل تفويضاً شرعياً له لتقديم هذا التنازل، لا استخدام مظلة منظمة التحرير التي باتت آلية معطلة في ظل عرقلة نهج أوسلو لإصلاح بنيتها التنظيمية وبالتالي برامجها السياسية بما يتلاءم مع الخارطة الواقعية لقوى العمل الوطني الفلسطيني الحالية حجما وتأثيرا، استخدامها في ظل وضعها الحالي الذي لا يمثل كافة الأطياف السياسية والشعبية الفاعلة لتمرير تنازلات تفريطية هائلة، وفي تغييب شامل للسلطة التشريعية المنتخبة.

في خطاب عرفات تركيز على المشروع العنصري الصهيوني ومسؤوليته التاريخية في احتلال فلسطين وتشريد شعبها، في حين كانت معظم كلمات عباس تركز على النكبة دون التطرق إلى مسؤولية المشروع الصهيوني التاريخية عنها، وعلى تطرف حكومات الكيان الصهيوني سيما حكومة نتانياهو وعرقلتها للسلام، متناسيا أن تلك الحكومات المعادية للسلام هي خيارات المجتمع الصهيوني، وعلى الاستيطان، وكأنه يريد التعامل مع الواقع الصهيوني كقضايا مجتزأة، رغم تطرقه لقضية اللاجئين الفلسطينيين، إلا أنه تحاشى التركيز على الصراع مع مشروع عنصري اقتلاعي فلسطيني لا يمكن التعايش معه، مما يؤكد أنه ما زال يراهن على الحل السلمي التفاوضي ولكن ضمن مرجعية الأراضي المحتلة عام 1967.

أما الفرق بين الخطابين من ناحية وسائل النضال، فقد تمسك عرفات في خطابه الأول بكافة أشكال النضال المسلح «بندقية الثائر» والسياسي والدبلوماسي «غصن الزيتون الأخضر»، في حين أسقط عباس الكفاح المسلح داعيا إلى المقاومة السلمية، متناسياً أن الكيان الصهيوني باستخدامه كافة وسائل البطش والتدمير قد شرعن كافة وسائل المقاومة ضده وعلى رأسها الجهاد المسلح.

تنازلات أبو مازن ليست جديدة بل هي مطروحة على مدى يزيد على عقدين من الزمن التفاوضي الرديء دون أن توقف العدوانية الصهيونية أو تمنع الزحف الاستيطاني الصهيوني المتواصل وتهويد القدس، فهل يمكن من خلال طرحها في الأطر الشرعية الدولية أن توقف الجرائم الصهيونية على الأرض؟ لقد دأب الكيان الصهيوني على ضرب عرض الحائط بكافة قرارات الشرعية الدولية وهو يواصل ذات النهج العنصري، والغريب أن يبقى البعض رهين الوهم.

صحيفة الوطن القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...