البديل النضالي لـ أوسلو

حتى لا يلف الإنسان يده خلف رأسه ليقول «هذه أذني»، هناك استنتاج واحد ووحيد لخطاب محمود عباس في الأمم المتحدة، هذا الاستنتاج يقول إن رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ينعى اتفاق أوسلو، رغم إشارته المواربة لإمكان استئناف المفاوضات السياسية مع «إسرائيل». إذا انطلقنا من الجملة الأخيرة فإننا سنجد أنفسنا أمام نقطة بداية جديدة، ذلك أن مرجعية اتفاق أوسلو هي التي زرعت فيه بذور العقم منذ توقيعه.
من البديهي القول إن الشكل يحدد المضمون، وأن الجوهر يظهر، وأن طبيعة الأهداف تحدد طبيعة الوسائل. هذا معناه أن التسوية التي جرت منذ محفل مدريد الذي سمي دولياً وهو ليس كذلك، اعتمد خط التسوية على مرجعية مشتقة من موازين القوى وليس من قرارات الشرعية الدولية التي شكّلت القاسم المشترك المقبول فلسطينياً في إطار منظمة التحرير الفلسطينية. الحرص «الإسرائيلي» على إسقاط الشرعية الدولية من مظلة التسوية تجلى بوضوح في إصرارها على وجود ممثل للأمم المتحدة في «مدريد»، ولكن كمراقب، أي أخرس. ورغم ذلك، فإن عجرفة «إسرائيل» جعلتها تستثمر حتى الحد الأقصى اختلال موازين القوى لصالحها، الأمر الذي ظهر من خلال انفصال التسوية عن مسار «مدريد» ودخولها دهاليز السرية لتخرج من نفقها المظلم إلى النور على شكل اتفاق ثنائي حمل اسم «أوسلو».
كان اتفاقاً بلا روح حيث امتلأ بالبنود الغامضة التي يحتاج كل منها إلى مفاوضات جديدة تحسمها في كل مرة موازين القوى، فهو لم يأت على قضية أساسية واحدة من بوابة حلّها بل من نافذة مرتفعة اسمها »تأجيل البحث». هذا انطبق على قضايا الاستيطان وحدود الدولة واللاجئين، وما هي القضية الفلسطينية إذا خرجت هذه القضايا منها؟ لم يكن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى سلطة مفرّغة السيادة، ولم يقدّم بحراً من الدماء لكي يتسلّم خدمات بلدية ارتاح الاحتلال من عبئها.
إذا لم يكن واضحاً قبل تسع عشرة سنة أن حل أي قضية يجب أن يبدأ بالعقدة الكبرى فيها، فإن هذا يجب أن يكون واضحاً الآن. ولكي نبدأ بشكل صحيح، يجب طرح سؤال «ما العمل؟». ننطلق من حقيقة أن السلطة في خطابها السياسي في الأمم المتحدة نعت اتفاق أوسلو. الخطوة التالية يجب أن لا تكون بحثاً عن «حل» بديل أو شكل جديد للتسوية، لأن موازين القوى التي أفرزت «أوسلو» ما زالت قائمة، إذا حصرنا الميدان بطرفيه الفلسطيني و«الإسرائيلي» ونزعنا الصراع من دائرته العربية والإقليمية والدولية، رغم الاختلاف بين أطراف هذه الدائرة في نظرها للصراع وموقفها من طرفيه.
مطلوب إذاً بديل فلسطيني للمسار السياسي الذي فشل ليس تفصيلاً فحسب، بل من حيث المبدأ. إذا أقر الفريق الفلسطيني الموقّع على «أوسلو»، وتبيّن أن حديثه عن إمكان إلغاء ذلك الاتفاق يعبّر عن توجّه حقيقي وليس تكتيكياً، فإن هذا الموقف يشكّل نقطة البداية الصحيحة، ثم أن يقوم نقاش فلسطيني جماعي يصوغ استراتيجية موحّدة تستند إلى أسس نضالية عمادها الأساسي الميثاق الوطني الفلسطيني كاستراتيجية، وابتكار الخط التكتيكي الذي يمكنه تحويل الممكن التاريخي إلى ممكن واقعي، بالاستفادة من عوامل إقليمية ودولية ناهضة في غير مصلحة «إسرائيل». ولكي تكون البداية ذاتها واقعية ليس هناك غير باب واحد، من دونه يقودنا الدخول إلى طريق واحد أو بالأحرى إلى نفق نهايته المجهول، أو ربما المعلوم الكارثي. هذا الباب هو إنهاء الانقسام فوراً.
[email protected]
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...