الأزمة الفلسطينية الراهنة وأسبابها

اشتدت الأزمة الفلسطينية ذاتياً وموضوعياً. المشكلة الاقتصادية والمعيشية في الضفة يقابلها تجاهل دولي للسبب المالي، في حين تتأزم المواقف وتتشابك المشكلات بدءاً بالغضب الشعبي وليس انتهاء بغسل الأيدي من المصالحة أو من إمكانية استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
الكيان الصهيوني يفكر بفك ارتباط بالضفة من طرف واحد على أن تبقى المستوطنات والمستوطنون في الضفة، وعلى أن تبقى القدس تحت الاحتلال، وعلى أن يبقى الصهاينة مسيطرين أمنياً على الغور. وفي الأمم المتحدة تتأهب القيادة الفلسطينية لخوض معركة (دولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة).
وفي الحالات كلها تبقى الأزمة مرتبطة جوهرياً بالبنية الناتجة عن اتفاقية أوسلو والتي مكنت المحتلين من توسيع نطاق احتلالهم ومصادرة أكثر من ستين بالمئة من أراضي الضفة، والسعي اليومي لتهويد القدس واستمرار المشاريع الصهيونية إلى درجة السعي حالياً لهدم نحو 3700 بيت في سلوان لإقامة حدائق تلمودية. كما أن عمليات التجريف والمصادرة وصلت إلى (الخضر) لبناء 300 وحدة استيطانية جديدة هناك.
وإذا كانت السلطة قد فكرت بإعادة النظر باتفاقية أوسلو أو حتى إلغائها، فالمسألة تبقى قائمة في أسس البنية المعتمدة على سلطة (لتوزيع الرواتب) على الشعب وإلغاء الاعتماد على اقتصاد بناء كان الفلسطينيون جديرين به قبل أوسلو. لقد كان الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال يعيش في حال أفضل مما هو عليه بعد إقامة السلطة، حيث كان شعبا منتجا، وجاءت السلطة لتحوله إلى شعب مستهلك ينتظر رواتبه من السلطة، والسلطة معتمدة على المانحين، وها هم المانحون بعد اجتماعهم الأخير في نيويورك يخرجون دون أي وعد أو بيان أو حتى كلمة مريحة.
تعترف السلطة أنها تواجه ضغوطاً شديدة من قبل الدول المانحة، ومن بعض أقطارنا العربية لكي لا تتوجه إلى الجمعية العامة طلباً للحصول على وضع دولة غير عضو في الأمم المتحدة، ما يعني أن الدولة تحت الاحتلال باعتراف دولي. المشروع الصهيوني الجديد بالانسحاب من بعض مناطق الضفة الغربية من طرف واحد ربما هو أيضاً نوع من الضغط، وربما هو جواب على قرار السلطة، وفي كل الحالات فإن الأزمة تتعمق ويحار الواقعيون الفلسطينيون وهم يبحثون في سبل الخلاص مما هو راهن.
قلنا سابقاً إن أهم ورقة فلسطينية ضاعت منذ نحو سبع سنوات هي ورقة الوحدة الوطنية، وما زلنا نرى أن الهوان الراهن والهزال في اللحظة التعيسة الحالية إنما هما نتاج الانقسام الذي بدوره انعكس في الواقع العربي وفي المواقف العربية حيال القضية العربية التي كانت مركزية للأمة حتى إلى ما قبل الانقسام. ونحن هنا لا نجترح المعجزات إن قلنا إن تشخيص الداء يفتح الطريق للدواء والعلاج. الداء أوسلو بما أنتجته، والدواء يكمن في التخلص من أوسلو ومن نتائجها. لنعد إلى ما كان عليه الوضع قبل أوسلو ونقرأ اللوحة حينذاك: ألم يكن المحتل مسئولاً عن أمن الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال؟ ألم يكن من حق الفلسطينيين ممارسة كافة أشكال المقاومة ضد الاحتلال؟ اليوم تمارس أجهزة السلطة الأمنية ما هو واجب للاحتلال من حيث حملات الدهم والاعتقالات بموجب إفرازات أوسلو.. التعاون الأمني مع الاحتلال.. حتى أن أجهزة السلطة تعتقل حالياً بعض الأسرى المحررين، وتقوم بحملات مداهمات وتفتيش بحثاً عن الأسلحة، واعتقال من تجد لديه قطعة سلاح. أي أن السلطة تقوم بحماية أمن الاحتلال دون ريب.
تخلصوا من أغلال أوسلو نهائياً وهي اتفاقية لم ينفذ منها المحتلون سوى بند وحيد هو التعاون الأمني. والسلطة ذاتها ناتج مرضي لأوسلو، ويجب البحث في وسيلة لإنهائها حتى إن حصلنا على وضع دولة غير عضو في الأمم المتحدة.
* كاتب فلسطيني
[email protected]
صحيفة الوطن العمانية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يقتحم مجمع المدارس في حلحول ويشدد إجراءاته العسكرية في الأغوار
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب عدد من الطلبة بالاختناق، اليوم الأحد، جراء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي منطقة مجمع المدارس في بلدة حلحول...

إصابة مواطنين برصاص الاحتلال في بنت جبيل جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شخصان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، في بلدة مارون الراس الحدودية، قضاء بنت جبيل، جنوب لبنان....

حماس: الموقف العربي من حرب التجويع والإبادة لا يرقى لمستوى الجريمة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام شددت حركة "حماس" على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب جريمة حرب مركبة في غزة، باستخدامها التجويع سلاحا ضد...

السلطة تقطع رواتب عدد كبير من الأسرى في سجون الاحتلال
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام أقدمت السلطة على قطع رواتب عدد من الأسرى والأسيرات، والمحررين والمحررات، في خطوة أثارت استياء واسعًا في...

الأورومتوسطي: إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في قطاع غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل بالقصف المباشر على قطاع غزة ما معدله 21.3 امرأة...

الصحة تحذر من تسارع مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وزارة الصحة من أن مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية في "تسارع خطير"، فميا أفادت بأن مستشفيات القطاع استقبلت...

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...