الأحد 11/مايو/2025

وثائق إسرائيلية جديدة

وثائق إسرائيلية جديدة

مع حلول الذكرى التاسعة والثلاثين لحرب أكتوبر، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن مجموعة وثائق جديدة حول كواليس القيادتين السياسية والعسكرية وما دار داخلهما من اتصالات وتقديرات وحول جوانب التقصير في تقدير نوايا العرب لشن هجوم شامل على جبهتين. تشير إحدى الوثائق إلى جلسة عقدتها لجنة القاضي الإسرائيلي إجرانات التي تشكلت للتحقيق في مسؤولية القيادات السياسية والعسكرية عن التقصير. اختصت الجلسة بالتحقيق مع قائد جبهة سيناء في ذلك الوقت، وهو الجنرال شموئيل جونين الذي تم إنهاء خدمته العسكرية وهاجر إلى جنوب أفريقيا، حيث مات وحيداً في عزلة واكتئاب، وهو يعمل مديراً لإحدى المزارع الإفريقية.
ويتضح من الوثيقة أن المخابرات المصرية استطاعت اختراق سياج الأمن بالجيش الإسرائيلي والحصول على تقرير يرصد الأدلة على قيام المصريين بالاستعداد للحرب، والتي تجمعها أجهزة الرصد الإسرائيلية، ومن بينها وصول قوات الصاعقة المصرية، وهي قوات الكوماندوز الخاصة إلى الجبهة بملابسها المميزة. ويتبين من الأسئلة التي طرحها عضو لجنة التحقيق الجنرال يادين، أحد قادة الأركان السابقين، أن وصول تقرير الرصد إلى أيدي المخابرات المصرية جعل المصريين يتصرفون بطريقة عكسية، أي أنهم شرعوا في تحركات وتصرفات لا تدل إطلاقاً على احتمال قيامهم بشن هجوم قريب.
فقد ظهر الجنود المصريون على الحافة الغربية لقناة السويس في حالة معنوية مترهلة وراحوا يكسرون قواعد الانضباط العسكري، فيسيرون بملابس غير مناسبة ودون أحزمة عسكرية، بل راحوا يمضون وقتهم في صيد الأسماك بقناة السويس، كما تم نصب خيمة كبيرة واضحة لعيون الإسرائيليين استخدمت في أمور الترفيه وتقديم الطعام للجنود المصريين على نحو يظهر الجيش المصري في صورة الجيش البعيد كل البعد عن شن أي هجوم.
لقد أكدت إجابات الجنرال جونين أن تقرير الرصد الإسرائيلي عن استعدادات المصريين للقتال قد وقع في أيدي المخابرات المصرية التي عمدت إلى تقديم أدلة عكسية ظاهرة لعيون الإسرائيليين تطمئنهم إلى أن احتمال الحرب مستبعد تماماً. قال قائد جبهة سيناء الجنرال جونين إنه وجنوده لم يشاهدوا أي أدلة تشير إلى اعتزام المصريين على شن الحرب، وأوضح أن التصور الذي كان مسيطراً على أذهان قيادات الجيش والمخابرات أفاد استبعاد وقوع الحرب، ومن هنا طرحت فكرة تقصير فترة الخدمة العسكرية على أساس أن “إسرائيل” لن تواجه أي هجوم حتى عام 1975.
إن هذه الوثيقة تعني أن خطة الخداع الاستراتيجية المصرية السورية التي طبقت من جانب القيادتين في القاهرة ودمشق قد أصابت تقديرات الجيش الإسرائيلي في الصميم وأقنعته بضرورة التنازل عن صحة تقرير الرصد الدال على قرب نشوب الحرب.
إن قراءة الوثائق الإسرائيلية يمثل أمراً ضرورياً بالنسبة لأجيالنا العربية الناشئة التي تتعامل مع وقائع تلك الحرب باعتبارها تاريخاً بعيداً لم تعايشه. ذلك أن أجهزة الإعلام الإسرائيلية ما زالت إلى يومنا هذا تشن حرباً ذهنية تحاول بها إقناع أجيالنا الشابة خصوصاً بواسطة شبكات الإنترنت ومواقعها أن “إسرائيل” لم تهزم من العرب قط، وبالتالي فهي غير قابلة للهزيمة. إن الوثائق التي ظهرت العام الماضي وهذا العام تعني الكثير بالنسبة للكشف عن حقيقة الأداء المخابراتي والعسكري المتميز للقادة العرب على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي.
ما زلنا ننتظر الوثائق التي ترصد آثار القرار العربي من دول الخليج بقطع إمدادات النفط عن الغرب نتيجة لموقفه المساند ل”إسرائيل”. إن الموقف الناصع لهذه الدول سيزداد سطوعاً عندما نعرف آثاره على التفاعلات الدقيقة في القيادة الإسرائيلية من خلال الوثائق.
صحيفة الاتحاد الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات