معادلة لاجئ مقابل لاجئ

والهدف الثاني كان مؤجلاً رغم نبش ملفه موسمياً ولأسباب متعلقة بالمفاوضات وبالتحديد بعد اتفاقية أوسلو، وفتح هذا الملف يعيدنا إلى الوراء عقوداً، وأحياناً إلى ما قبل قرنين أو أكثر عندما ظهرت أطروحة صهيونية هي ما سمي مقاومة الاندماج.
فاليهود كانوا يعيشون في بيئات وحاضنات هم جزء عضوي من سياقاتها، يرضعون ثقافتها رغم احتفاظهم بثقافة شبه سرية توراتية، وبعد الثورة الفرنسية عندما شمل ثالوث هذه الثورة بالمساواة اليهود وغيرهم أيضاً خشي الحاخامات على اليهود من الاندماج وبالتالي فقدان ثقافة “الغيتو”، لأن هذا النمط من الثقافة الانعزالية يوفر لهم نسيجاً ميثولوجياً وبالتالي سياسياً لشرنقة يعيشون داخلها ويصبح كل من هم خارجها من الأغيار أو ما يسمى “الغوييم” بالعبرية.
حتى التجربة الروسية الشهيرة لحزب “البوند” قام بإفسادها حاخامات وجماعات يهودية واغتيل المفكر الماركسي واليهودي الأصل إبراهام ليون على يد تنظيم صهيوني.
لم يكن هناك ما يحول دون تكرار اغتيال شخصيات يهودية توصف بالعقوق أو الخروج من معطف صهيون، ذلك لأن كل النظريات والمشروعات ذات الجذر العرقي تبرر غاياتها الوسائل كلها، حتى لو دفعها ذلك إلى إلحاق الأذى باليهود أنفسهم، خشية من اندماجهم في المجتمعات التي ولدوا فيها وورثوا لغتها وثقافتها وجنسيتها.
وها نحن اليوم إزاء معادلة جديدة من اختراع اليمين الصهيوني، هي المرادف السياسي لما سمي الأرض مقابل السلام، والذي عَبَّر عنه أحد الصحفيين الأوروبيين ذات يوم قائلاً: إنه أشبه بالمرآة والمشط في حقيبة غولدمائير، تلك الحقيبة التي تتطلع صاحبتها وحاملتها إلى الحصول على الأرض والسلام معاً، ولم يكن ظهور أو اختراع شعار السلام مقابل السلام إلا تعبيراً دقيقاً عن تطويب الأرض العربية المسروقة لمصلحة الاحتلال وإلى الأبد.
الصيغة الجديدة لهذه المعادلة هي لاجئ مقابل لاجئ، ومعنى ذلك أن تعويضات اللاجئين الفلسطينيين تساوي، وإن بشكل تقريبي، التعويضات التي يجب أن يدفعها العرب للمهاجرين اليهود.
إن ما حدث من مضايقات لليهود في العالم العربي الذي عاشوا فيه قروناً آمنين، خصوصاً بعد أن لاذوا به بعد الاضطهاد الأوروبي كان من منجزات الصهيونية واستكمالاً لبرنامج مقاومة الاندماج، وهناك شهود من اليهود العراقيين على أن إحراق معبد (كنيس) يهودي عام 1951 في بغداد كان فعلاً صهيونياً بامتياز، وذلك ضمن حملة تهجير اليهود إلى فلسطين، وثمة يهود هُجروا من العراق في نهايات الأربعينات وحتى الخمسينات من القرن الماضي يعلنون اليوم وبشكل رسمي رفضهم لأية تعويضات على حساب الفلسطينيين، وإن كان بعضهم يطالب بتعويضات عربية من خلال الجامعة العربية كإطار قومي، ومعادلة لاجئ مقابل لاجئ، وبالتالي تعويض مقابل تعويض هي تزوير علني للتاريخ وخلط للأوراق، الهدف الأخير منه استباق أية مفاوضات للمصادرة على حق اللاجئين في العودة، إضافة إلى استحقاقات أخرى.
ــــــــــــــــ
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...

27 شهيدًا و85 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 27 شهيدًا، و85 إصابة إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال الـ 24 ساعة الماضية؛ جراء العدوان...

اتحاد نقابات عمال النرويج يقرر فرض المقاطعة الشاملة على الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام قرر الاتحاد العام لنقابات عمال النرويج (LO) فرض المقاطعة الشاملة على الاحتلال الإسرائيلي، وحظر التجارة والاستثمار مع...