الخميس 08/مايو/2025

قصة أوسلو

قصة أوسلو

تسعة عشر عاماً مرت والشعب الفلسطيني يتجرع مرارة اتفاق أوسلو المشؤوم الذي أجهض انتفاضة الحجارة بعد ست سنوات على انفجارها في وجه الاحتلال، ومنح “إسرائيل” اعترافاً من منظمة التحرير الفلسطينية، ومكّنها من الجزء الأكبر من فلسطين التاريخية.
رغم الطفولة البريئة والتيه في عالم الخيال فإننا تسمرنا مساء الثالث عشر من سبتمبر/ أيلول أمام شاشة التلفاز “الإسرائيلي” الناطق بالعربية، لنتابع وقائع توقيع الاتفاق بين الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء “الإسرائيلي” إسحاق رابين برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في حديقة البيت الأبيض.
لم نكن ندرك متاهات عالم السياسة بعد، ولم نعِ أن ذلك الاتفاق سيوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم. كل ما دغدغ عواطفنا ما قاله لنا الكبار إن الاتفاق سيفضي في النهاية إلى تحررنا من الاحتلال وإقامة دولة مستقلة خاصة بنا، لها جيش يذود عن حدودها ويحمي حماها، وأكثر ما جلب اهتمامنا أننا سنتمكن من حمل العلم الفلسطيني ونضعه على أسطح المنازل من دون أن تطاردنا دوريات الاحتلال وجنوده، فسارع الجميع إلى وضعه على أسطح المنازل، فكان مشهداً جميلاً أن ترى الأعلام مرفرفة على أسطح جميع منازل القرية بلا استثناء.
وسارع الشبان الفلسطينيون المتحمسون للاتفاق إلى وضع أغصان الزيتون في فوهات بنادق جنود الاحتلال الذين كانوا يسيرون في دوريات راجلة بمدينة رام الله، وأخذ آخرون بإلقائها على سيارات الاحتلال، ظناً منهم أن الاتفاق خطّ النهاية للمواجهات وما كان ينتج عنها من شهداء وجرحى في كل يوم.
لكن بمرور الأيام بدأت تنكشف عورة هذا الاتفاق، وينكشف كذب الاحتلال وتضليله وما كان يرمي إليه من إيقاع الفلسطينيين في هذا الشرك الذي نصبه لهم. انتظر الشعب الفلسطيني دولته الموعودة يوماً بعد يوم لكنها لم تأت، وانتهت المرحلة الانتقالية في مايو/ أيار من العام 1999 من دون أن تظهر أية ملامح للدولة، وتحوّل المؤقت إلى دائم، واستطاعت دولة الاحتلال تكريس الوقائع على الأرض، فاتخذت من الاتفاق غطاء كي تُجْهز على ما تبقى من الأرض الفلسطينية فتسارع الاستيطان والتهويد والسلب، ما خلق حالة غليان في الشارع الفلسطيني إلى أن وصل إلى مرحلة الانفجار الذي تمثل في اندلاع انتفاضة الأقصى العام 2000 بعد فشل مفاوضات “كامب ديفيد” الثانية، وما تبعها من إجهاز الاحتلال على أوسلو بإعادة احتلال مدن الضفة الغربية وهدم مقرات السلطة واغتيال شريكها في الاتفاق، الراحل ياسر عرفات.
من هنا فإن ما يثير الاستغراب والتساؤلات معاً هو الالتزام الحديدي من الجانب الفلسطيني بالاتفاق في الوقت الذي ضربت به “إسرائيل” عرض الحائط وأخلّت بمعظم بنوده باستثناء ما يتناسب مع سياستها ويخدم مصالحها.
الآن بعد أن خرج الشارع الفلسطيني عن بكرة أبيه رفضاً لهذا الاتفاق وبالخصوص شقه الاقتصادي المتمثل في اتفاق باريس، واعتراف القيادة الفلسطينية نفسها بأنه لا يلبي التطلعات الفلسطينية، ينبغي على السلطة أن تعمل بجد لإعادة فتحه وتعديله ليتناسب مع المصالح الفلسطينية ويخفف العبء الملقى على الفلسطينيين من جراء ما جاء فيه.
وعلى الجانب الآخر ألا يبقى “استراتيجياً” في مواجهة عدو ظالم غاشم لا يرعى اتفاقاً ولا يأبه إلا لإشباع غرائزه التوسعية والدموية على حساب الأرض والإنسان الفلسطيني.
[email protected]
صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...