عندما يخشى الصهاينة سقوط السلطة الفلسطينية

قبل أيام دق الصهاينة ناقوساً جديداً للخطر. سبب ذلك هذه المرة فلسطينياً، ووفق ما نقلته صحيفة “معاريف”، هو ” تخوفات شديدة ” من احتمالات اندلاعٍ لانتفاضةٍ فلسطينيةٍ ثالثة، يعزو الصهاينة أسبابها فحسب، ويشاركهم في ذلك، ومن أسف، غالب الإعلام العربي، إلى استمرار الاحتجاجات الشعبية على الأوضاع الاقتصادية المتردية في الضفة المحتلة، الأمر الذي يخشى الصهاينة أن يؤدي إلى إضعاف سلطة الحكم الذاتي الإداري المحدود في رام الله ويشكَّل مقدمةً لانهيارها.
رام الله بدورها نظرت للمسألة من هذا المنطلق لا غير، وبالتالي، حاولت معالجتها على هذا الأساس. تراجعت عن قراراتها الاقتصادية وأصدرت جديدها القاضي بتخفيض الأسعار وضرائب القيمة المضافة إلى كانت قد فرضتها، ووعدت بدفع نصف رواتب موظفيها وان تكمل دفع النصف الآخر لاحقاً، آملةً أن تسهم إجراءاتها هذه في الحد من التململ الشعبي الراهن إن لم يكن وقفه. وبالتوازي، وخشيةً من تصاعد الاحتجاجات إلى ما ليس في الحسبان، خفف جزء من حزب السلطة، أو “فتح – اللجنة المركزية، من ركوبه موجتها لتسوية خلافاته ذات الحسابات السلطوية مع رئيس وزرائه، سلام فياض، مستفيداً من شعارات المتظاهرين المطالبة برحيله. كما جرى توافق ما مع النقابات، والتي تسيطر السلطة وأنصارها وبعض التوجهات المؤيدة لها على أغلب قياداتها، إلى ما وصف بتعليق الاحتجاجات ولو لأيامٍ معدودةٍ لا تتجاوز الثلاثة.
إذن، المسألة برمتها عند هذين الطرفين، السلطة والمحتلين، عائدة فحسب لناحية مطلبية يمكن محاولة معالجتها على الطريقة آنفة الذكر إذا ما خفف الاحتلال تضييق خناقه الاقتصادي على السلطة وسارع المانحون وعرب الأنظمة الموسرة بدفع ما قد يجودون به عليها، وهذا يفسر مسارعة السلطة، كرد فعلٍ منها على الحدث، للشكوى بمرارة من عدم التزام من وعدوها بما وعدوها به من مبالغ كانوا قد تعهدوا سابقاً بدفعها، وبالتالي، قد لانعدم، بالتزامن مع التخفيضات التي قررتها السلطة، أن تبدأ تخفيفات احتلالية ما للتضييق المطبق على موارد السلطة، وربما مسارعة الموسرين والمانحين إلى وضع أيديهم في جيوبهم لنجدتها.
هنا السلطة والمحتلون، ومن يتعاطف مع أحدهما دولياً وإقليمياً، يصرون على عزف سيمفونية تبسيطية تزويرية بامتياز لهذا الاحتجاج والتململ الشعبي، الذي ما من شك في أن الأوضاع الاقتصادية المزرية التي تعاني منها أغلب القطاعات الشعبية واحد من عديد مسبباته، حيث يتعاملان معه بمنطق: أطعموهم يهدأون، وفي هذا إهانة لنضالات الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وحط مشين من شأن وعيه السياسي والكفاحي، ويشكِّل محاولة متعسفة لفصل هذا التململ عن جذره السياسي الذي تحكمه معادلة احتلال ومقاومته، ذلك بمسخه عبر تصويره أنه مجرد غضبة جوعى… معادلة سوف تظل تحكم كل احتجاجٍ أو حراكٍ أو تململٍ أو انتفاضة، أو أية محطة ٍنضاليةٍ في المسيرة الكفاحية للشعب الفلسطيني مادام الاحتلال قائماً، وحيث السلطة بلا سلطة وتحت احتلال وفي خدمته بإراحته من التزاماته كمحتل وحماية أمنه عبر التنسيق الأمني معه، وإعطائه الوقت الدائم والكافي لقضم الأرض وتهويدها، باتجاه إكمال مخططاته الترانسفيرية المعروفة، والإجهاز كهدف نهائي على القضية الفلسطينية، وبالإجمال، وكما يقال، منحه ميزة احتلال بسبعة نجوم.
ماسخو الاحتجاجات الشعبية يتجاهلون مآل دويلة سلام فياض التي بشَّر بها في غضون سنتين حددهما لاستكمال بنيانها والتي ذهبت بها ريح الاحتلال من حينها، رغم تماهيها مع حلول نتنياهو الاقتصادية لتصفية القضية، وعقدها ما عرف باتفاق باريس الاقتصادي الذي يربط اقتصاد الضفة باقتصاد الاحتلال ويلحقه به، حيث طالب المحتجون بإلغائه ورحيل صاحبه الذي تتمسك السلطة به ولم تجرؤ في إجراءاتها المتعلقة بالاحتجاجات على مجرد التفكير في مراجعة سياساته الاقتصادية، أو ما ارتكز عليه مشروعه السياسي لبناء دويلته العتيدة وأوصل الأمور إلى ما وصلت إليه.
لعل فيما تقدم الأسباب الكافية لتخوفات الصهاينة “الشديدة” من أن تؤدي الاحتجاجات إلى انهيار السلطة، إذ لولاها لأنهوها هم بأنفسهم، والغوا اتفاقية أوسلو رسمياً لا عملياً، كما هو في الواقع، أو اكتفائهم بالشق الأمني منها. هذا في العموم، ويمكن هنا إضافة فقدان السلطة لمسماها، وفق تصريحاتٍ تتكرر وسمعناها لرموزها أنفسهم، إلى جانب كونها بلا شرعية، حتى وفق قانونها الأساسي الذي استولدته الاتفاقية الكارثية مع العدو التي أوجدتها، كمالا أفق سياسي أمامها لانسداد كامل مساراتها المساومة وفشل نهجها الُمفرِّط، وفداحة ما ألحقه بالقضية، وأقله تحوّلها إلى ما يشبه شاهد زور على تهويد الأرض من حولها، ثم تسببها الأساس في غياب الوحدة الوطنية، هذه التي لا يمكن، رغم كل الشعارات والمزايدات واللغط من حولها، لن تقوم إلا على أساس برنامج إجماع وطني مقاوم لا مساوم، الأمر الذي لا يتفق لا مع مسارها الراهن ولا مع نهجها الذي درجت عليه أو خياراتها التي لا تقوى على العودة عنها.
* كاتب فلسطيني
صحيفة الوطن العمانية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

القوات اليمنية: نفذنا عمليتين استهدفتا مطار رامون ردًا على جرائم الاحتلال
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأربعاء، تنفيذ سلاح الجو المسير عمليتين عسكريتين استهدفتا مطار رامون في...

حماس: عملية جنين أبلغ رد على محاولات الاحتلال إخماد المقاومة
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء اليوم الأربعاء، إن عملية إطلاق النار البطولية التي وقعت عند حاجز الريحان...

إصابة جندي إسرائيلي بعملية دهس في الخليل واستشهاد المنفذ
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد، يوم الأربعاء، منفذ عملية الدهس قرب حاجز "سدة الفحص" جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، والتي أسفرت...

قرار أمريكي بإغلاق مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام قرر السفير الامريكي في الكيان "مايك هاكبي" وفي خطوة غير مسبوقة إغلاق مكتب الشئون الفلسطينية في القدس ودمجه...

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...

القسام تبث مقطع فيديو لانطلاق سلسلة عمليات أبواب الجحيم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام مساء اليوم الأربعاء مشاهد مصورة ضمن سلسلة عمليات "أبواب الجحيم" شرق مدينة رفح....

الاحتلال يعترف بإصابة 4 من جنوده بانفجار عبوة ناسفة برفح
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت مصادر إسرائيلية، إن 4 جنود إسرائيليين أصيبوا اليوم الأربعاء، بانفجار عبوة ناسفة في رفح جنوب قطاع غزة. وذكرت...