زوبعة عابرة أم أزمة أم تحوُّل إستراتيجي؟!

ما هذا الذي يجري بين الإدارة الأمريكية وحكومة “إسرائيل”…؟، هل هو خلاف…؟ هل هي أزمة متفاقمة…؟ هل هو صراع إرادات بين الطرفين…؟، هل هو تدخل فج وسافر من قبل نتنياهو في الانتخابات الرئاسية الأمريكية…؟!، ثم هل تحولت “إسرائيل” من كنز استراتيجي إلى عبء استراتيجي على الولايات المتحدة…؟ أم أن الأمور عبارة عن” زوبعة في فنجان” وتمر…؟ ثم ما هو سقف المسألة بين الطرفين، وهل للعرب أن يعولوا حقاً على ما جرى…؟ أسئلة وتساؤلات كثيرة متزايدة على الأجندات المختلفة والعربية منها ..!
حسب محرر مجلة “نيو يوركر”، اليهودي الأمريكي ديفيد رمنيك، فان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يخاطر بمستقبل “إسرائيل” بسبب التدخل الفظ في الانتخابات الأمريكية لصالح المرشح الجمهوري ميت رومني”، وفي مقال نشره يوم الأربعاء -12/9/2012 في “نيو يوركر” كتب رمنيك إنه “من الصعب المبالغة بالمخاطر التي يضعها نتنياهو أمام مستقبل إسرائيل”، وهاجم نتنياهو بشدة متهما إياه بالتدخل الفظ والمتعجرف في المعركة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة والوقوف إلى جانب المرشح الجمهوري ميت رومني والإستراتيجية المحافظة الجديدة لليمين الأمريكي”، وتحت عنوان “أوباما يحاول أن يفهم: نتنياهو رئيس حكومة أم رئيس حملة رومني الانتخابية؟” تناولت “هآرتس 12 / 9 / 2012” هجوم نتنياهو على الإدارة الأمريكية، خاصة من جهة التوقيت، والذي تزامن مع الذكرى السنوية الحادية عشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو اختار يوم الهجوم على سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران خلال مراسم إحياء ذكرى ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كما تزامن مع معالجة الولايات المتحدة لحالة الطوارئ التي نشأت في أعقاب الهجوم على ممثلياتها في القاهرة وبنغازي، وكتبت الصحيفة أنه بدلاً من أن تقف “إسرائيل” صامتة إلى جانب الولايات المتحدة احتراماً لضحايا الأخيرة، فإن العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام الأمريكية تحدثت عن شرخ لم يسبق له مثيل في العلاقات بين البلدين.
والى أن تتضح الأمور لدى الكثيرين المعولين على تفاقم الخلاف أو الأزمة، دعونا نقف مرة أخرى أمام حقيقة كبيرة يبدو أن الكثيرين من العرب لا يريدون أن يروها، وهي أن إدارة الرئيس أوباما ليست فقط تتراجع وتذعن للأجندة الإسرائيلية، وإنما بات أقطابها يعلنون تباعاً “قسم الولاء” و”العلاقات التي لا تنفصم مع إسرائيل” و”الالتزام بأمن إسرائيل” ، في مساع مكشوفة لكسب تأييد اللوبي الصهيوني الضاغط هناك في الكونغرس الأمريكي لصالح حملة أوباما الانتخابية.
ففي العام/2010 نشبت أزمة حادة بين نتنياهو وأوباما أوحت آنذاك بان العلاقات بين الطرفين إلى تحول استراتيجي سلبي، غير أن الرئيس اوباما في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” سارع إلى نفي أن تكون هناك أية أزمة في العلاقات ما بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، وأكد “أن الأخيرة هي الحليف الأقرب للولايات المتحدة، وأن العلاقة معها خاصة لن تنقطع، وبحسبه فإن ما حصل هو عدم اتفاق بين أصدقاء، فهل تختلف هذه الأزمة العلنية المتفاقمة بينهما في هذه الأيام عن تلك..؟!
كبار المسؤولين الأمريكيين يحاولون تخفيف حدة التوتر الذي نشأ، بدءاً من وزير الخارجية هيلاري كلينتون، والمتحدث باسم الخارجية فيليب كراولي، والناطق بلسان البيت الأبيض روبرت جيبس، حيث نقلوا رسالة مفادها أن الحديث عن خلاف حول نقطة عينية لا تشكل تهديداً للعلاقات بين البلدين.
إذاً، نحن أمام جدل بيني أمريكي إسرائيلي ليس للعرب فيه كما هو واضح أي تأثير، وتستمر المسرحية الملهاة التي وفق الشهادات الأمريكية والإسرائيلية المختلفة لن تؤثر على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وفي تأثير ما يجري على فلسطين وما يجري فيها، فالإدارة الأمريكية تدفع للفلسطينيين والعرب “ضريبة كلامية إعلامية استهلاكية” فقط، في الوقت الذي تقدم فيه لحكومة نتنياهو و”إسرائيل” “الضمانات والوعود و”الأموال” و”الأفعال”، خاصة على مستوى الدعم العسكري الاستراتيجي الذي يبقي “إسرائيل” الدولة المتفوقة في المنطقة، بل الدولة التي تصول وتجول في حروبها واعتداءاتها وانتهاكاتها كيفما تريد، دون أي رادع دولي أو أممي.
وتبقى الكرة دائماً في ملعب الفلسطينيين والعرب، فالأجندات والسياسات الأمريكية المنحازة لصالح “إسرائيل” واضحة تماماً، ويبدو أنها لن تتغير على الرغم من هذا التدخل الذي وصفه الصحافي الأمريكي أعلاه بـ “الفظ” في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
[email protected] 
صحيفة العرب اليوم الأردنية