جمهوريون وديموقراطيون… إسرائيل أولاً

عندما انتخب أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأميركية عام 2008، عبّر كثيرون في منطقتنا عن ارتياحهم. أسباب هذا الارتياح تراوحت بين وصول أسود إلى سدة الرئاسة، وهذا تغيير مهم في المجتمع الأميركي، وإنهاء ولاية بوش الابن ومن معه من “المحافظين الجدد”، الذين خربوا العالم والاقتصاد الأميركي. وأمل جديد في أميركا والعالم لناحية تثبيت الأمن والاستقرار والخروج من دائرة حكم المتطرفين.
موجة كبيرة من التصريحات والمواقف وتحليلات كثيرة قدمت وأعلنت تتحدث عن آفاق مرحلة أوباما. في تلك المرحلة، كان لنا موقف يقول: معيار الارتياح هو في النتيجة فيما سيكون عليه موقف الإدارة الأميركية من قضايانا وفي طليعتها القضية الفلسطينية!
اليوم وعلى أبواب الانتخابات الرئاسية الأميركية وفي جردة حساب عما قامت به إدارة أوباما نكتشف أننا لم نر إلا الفشل والخيبات. ربما الأمر الوحيد الذي تحقق في الداخل هو مشروع الرعاية الصحية التحدي الأميركي في الداخل، الذي تمكن الرئيس من تمريره لكن عقبات كثيرة تواجه تنفيذه. فهو لم يمر بسلام ولا يحظى بالحماية الآن ولا بالرعاية السياسية المطلوبة.
الشركات تلعب دوراً أساسياً في منع تطبيقه أو التحايل عليه، ويحاول الرئيس الأميركي أن يبيع العالم أمرين: الانسحاب من العراق والتخلص من تركة سلفه جورج بوش والعمل على معالجة آثارها السلبية المالية في الداخل والمعنوية في الداخل والخارج. والأمر الثاني هو قتل بن لادن! واعتبار أن هذا القتل هو بمثابة انتصار على الإرهاب، والأمران ليسا بهذه القيمة الاستثنائية. لا شك أن مقتل بن لادن كان حدثاً ونجاحاً مخابراتياً للإدارة الأميركية لكن ذلك رافقتهأ أسئلة كثيرة.
لماذا اليوم؟ لماذا لم تفعلوا ذلك سابقاً وأنتم قادرون بما لكم من إمكانات تقنية واستخباراتية تعرفون مكان تواجده؟ كما كان لذلك انعكاس لا تزال تردداته ماثلة على العلاقة مع باكستان وعلى الأوضاع داخل هذا البلد كما في أفغانستان. فأي انتصار على الإرهاب، إذا كانت القوى المصنفة إرهابية باتت تمسك بزمام الأمور في أفغانستان وتلعب دوراً مؤثراً في باكستان وتنتشر في معظم الدول الإسلامية تقريباً كما تقول الإدارة الأميركية نفسها وتخوف العالم من ذلك!
والانسحاب من العراق جاء بعد فشل وخسائر كبيرة أو حقق نتائج كانت تدركها أميركا وهي جعل البلد في دائرة النفوذ الإيراني وتسعير الفتنة السنية – الشيعية فيه.
أما على صعيد المنطقة وحل القضية الفلسطينية فقد وعد الرئيس الأميركي في الأمم المتحدة عام 2010 بأن “نكون في العام المقبل هنا، وتكون بيننا الدولة الفلسطينية”، كما قال في خطابه آنذاك. الدولة لم تقم، وأميركا مارست كل الضغوطات على رئيس السلطة الفلسطينية لمنعه من تقديم طلب إلى الأمم المتحدة لانتساب الدولة الفلسطينية إليها. وقاطعت منظمة اليونسكو وأوقفت التمويل عنها لأنها قبلت عضوية فلسطين. وهذا بالتأكيد هو الموقف الإسرائيلي في جوهره وتتبناه الإدارة الأميركية.
كذلك فإن هذه الإدارة ورغم جولات موفديها الكثيرة إلى المنطقة، لم تقدم فكرة أو مبادرة عملية جدية، ولم تمارس ضغطاً جدياً حقيقياً على إسرائيل لتنفيذ اتفاقات بسيطة وقّعت مع الفلسطينيين ولا أقول للدخول في مفاوضات جدية لحل القضية الفلسطينية، بل على العكس من ذلك تراجعت عن كل وعودها وطروحاتها وثبتت في مراحل مختلفة الطروحات الإسرائيلية ومارست كل أشكال الضغوط على السلطة الفلسطينية. وحاصرتها وأوقفت التمويل عنها لأنها أحرجتها وحققت مكسباً دبلوماسياً لم تكن تريده أميركا وبالتأكيد إسرائيل.
انتخب “الجمهوريون” ميت رومني مرشحاً لحزبهم في مواجهة أوباما، اندفع نحو إسرائيل. أطلق تصريحات مؤيدة لها داخل الأراضي المحتلة. حاول ويحاول استمالة اليهود في أميركا. تصرف في إسرائيل وكأنه رئيس أميركي يوفر كل الدعم لها. أطلق مواقف من قضايا في المنطقة، انسجمت بالكامل مع السياسات الإسرائيلية. في المقابل حصلت توترات واهتزازات بين إسرائيل وإدارة أوباما. البعض منها مبرمج ومقصود في التوقيت والمضمون. فالرئيس بحاجة إلى الأصوات، وهو في الموقع الأضعف لا سيما بعد الفشل في الداخل والخارج. وفي ظل الاندفاعات الإسرائيلية وتراجع الوضع العربي.
ما العمل؟
انعقد مؤتمر الحزب “الديموقراطي”، وأكد ترشيح أوباما للرئاسة مرة ثانية، استنفر كل طاقاته وإمكاناته. حضر الرئيس الأسبق بيل كلينتون، تصرف بشكل ” حضاري”، انحنى أمام رئيسه ومرشح حزبه. دعمه، قال فيه كلاماً طيباً. حرص على حزبه ومواجهة خصومه ومحاولة تأمين كل مقومات وفرص النجاح للرئيس الحالي. هذا أمر طبيعي وممكن حصوله في دول مثل أميركا. لكن الأهم الذي حصل، وهو الذي يعنينا مباشرة، هو رفع شعار “القدس عاصمة إسرائيل”، و”الله”. يعني لمواجهة رومني واندفاعته الإسرائيلية ذهب “الديموقراطيون” إلى الآخر وقالوا كلمتهم في “القدس العاصمة”، ومعروف أن موضوع القدس كان متروكاً للمفاوضات النهائية. هذا التزام قاطع من الرئيس الحالي وحزبه، ولن يتمكن من الخروج عنه إذا ما أعيد انتخابه.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن إسرائيل هي الأهم والأساس والقضية. “الجمهوريون” يريدونها. و”الديموقراطيون” يريدونها مع القدس عاصمة لها. وإسرائيل تؤكد مراراً وتكراراً أنها دولة يهودية. وأخشى ما أخشاه هو أن ينجح نتنياهو، وعصابته لاحقاً في تحقيق هذا الهدف في ظل هذا الواقع الفلسطيني والعربي، وهذا الموقف الأميركي دون أن ننسى زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ مدة إلى إسرائيل وتقديمه كل الدعم والتعهدات والالتزامات لضمان تفوقها وأمنها واستقرارها ومصالحها ومستقبلها!
“جمهوريون” و”ديموقراطيون” رؤساء وحكومات وشركات، كلهم يعرفون مصالحهم ويعملون من أجلها. وفي طليعة هذه المصالح إسرائيل، التي تعرف بامتياز ماذا تريد، هل ندرك نحن هذا الشيء؟ ونحضّر أنفسنا ونتعامل مع الإدارة المقبلة وانطلاقاً من تحديد أولوياتنا ومصالحنا واعتبارها المعيار الذي على أساسه يجب أن يتعاطى الجميع؟ الأمل ليس كبيراً في ذلك في المدى المنظور.
صحيفة الاتحاد الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: اغتيال المقاومين في الضفة لن يزيد شبابها الثائر إلا مزيداً من الإصرار على المواجهة
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن سياسة الاحتلال الصهيوني باغتيال المقاومين وتصعيد استهدافه لأبناء شعبنا في الضفة الغربية؛...

الأمم المتحدة تحذّر من استخدام المساعدات في غزة كـ”طُعم” لتهجير السكان
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت هيئات الأمم المتحدة من مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة كوسيلة للضغط على السكان ودفعهم قسرًا للنزوح، مع...

الإعلامي الحكومي: الاحتلال يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين
المركز الفلسطيني للإعلام قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع...

حماس تردّ على اتهامات السفير الأمريكي: أكاذيب مكررة لتبرير التجويع والتهجير
المركز الفلسطيني للإعلام رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات السفير الأمريكي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، التي اتهم فيها الحركة بالتحكّم...

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...

حماس تثمّن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع...

صاروخ من اليمن يعلق الطيران بمطار بن غوريون
المركز الفلسطيني للإعلام توقفت حركة الطيران بشكل مؤقت في مطار بن غوريون، بعد صاروخ يمني عصر اليوم الجمعة، تسبب بلجوء ملايين الإسرائيليين إلى...