في ذكرى أوسلو هل انتهى عمرها الافتراضي؟!

فحكومة فياض لم تبتدع سياستها من الفراغ، بل اتكأت على الإرث الأوسلوي بكل عواره، وهي –أي الحكومة- وإن كانت قد تفننت في سياسات (تفليس) الناس وإرهاقهم بالضرائب وزيادة الأسعار، إلا أنها تنهل أولاً وأخيراً من المعين الأوسلوي غير الطاهر، والذي نضب ماؤه الموهوم، لتتجلى الصورة الأصلية له بكل ما فيها من جدب وندوب وانتفاء للمحاسن!
والتطوّر المهم اليوم أن هناك شبه إجماع على أن اتفاقية أوسلو كانت مصلحة إسرائيلية خالصة، وأن القضية لم تجنِ منها سوى الغرق في الأزمات المتلاحقة على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية، وهو ما تطلب من قيادة السلطة أن تمتهن التضليل وتدجين الوعي لكي تقلل من تبعات الاتفاقية على صعيد الرأي العام الفلسطيني، وكانت دائماً تحسب أنها تفلح في إرغامه على تقبل فكرة النضال الطويل لأجل دولة ستأتي لا محالة، واستطابة كل ما قُدم من تنازلات فعلية في هذا السياق، لكنها اكتشفت فجأة أن الجمهور كان مدركاً في غالبيته إلى أنه يسير في نفق مظلم، وكل ما في الأمر أن منه من تغاضى سابقاً عن الاستحقاقات الوطنية حين غرته وعود الازدهار والتنمية والرخاء التي وُعد بها على مشارف كل مؤتمر وكل اتفاقية جديدة، ومع قدوم الحكومة الفياضية غير الشرعية، وحين اكتشف حجم الخيبة انتفض مستحضراً في وعيه أنه إنما سكت دونما ثمن من أي نوع، وبالتالي فلا بدّ من محاسبة السلطة بأثر رجعي وهجاء سياساتها ونهجها كله، وهو ما عبّرت عنه هتافات الكثير من المتظاهرين، آخرها مظاهرة رام الله الحاشدة أول أمس، حين هتفت الجماهير: “يا حرية وينك وينك.. نهج السلطة بيني وبينك”.
أي أن هذه السلطة المتكئة على إرث أوسلو لم تفقر الشعب وترهقه اقتصادياً وحسب، بل جنت على أولوياته، وأضر نهجها بنضاله ضد الاحتلال، حتى وصل لمرحلة وجد نفسه فيها مكبّلا وخالياً من كل شيء، فلا هو حقق رخاء اقتصاديا، ولا امتلك مقوّمات استمراره في نضاله لأجل حريته، فكان تراكم الاحتقان مولداً لهبة واسعة ترجمت نفسها من خلال الشارع، وما زالت تتفاعل، وبات الحديث عن نهج السلطة وتحليل اتفاقية أوسلو وما تفرّخ عنها حديث الناس الأثير في الضفة الغربية.
ومن هنا جاء التفاؤل بأن هذه الاتفاقية قد بلغت نهايتها، لأنه لم يسبق أن وصلت حالة الإنكار لنهج السلطة؛ السياسي قبل الاقتصادي، هذا المدى لدى مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني، لا فئة النخبة فقط، ولا الفصائل المعارضة لنهج السلطة. فوعي المواطن الآن تسلّح بتجربة طويلة مع بفرصة واسعة أخذتها قيادة السلطة لتخرج مشروعها، فكانت النتيجة فشلاً مركباً وأعباء مضاعفة تراكمت على كاهل المواطن، ولا أعتقد أنه بات قابلاً للإيمان مجدداً بأن خيار التسوية والمفاوضات جدير بفرصة أخرى!
ما بني على باطل سينهار دون شك، فما بالنا بمشروع كان منحة غير مسبوقة حظيت بها دولة الاحتلال، ورُزئت بها القضية الفلسطينية، أما متى وكيف سيسدل الستار على تلك المرحلة النشاز، فالأيام وحدها من ستحمل الإجابة، لكنّ المؤشرات باتت تشي بوضوح إلى اقتراب نهاية المسار الأعوج المختل، ليبدأ بعده مسار مستقيم مختلف عنه جملة وتفصيلا!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...