الخميس 08/مايو/2025

نتنياهو لإسقاط أوباما قبل ضرب إيران

نتنياهو لإسقاط أوباما قبل ضرب إيران

أخيراً اقتنع بنيامين نتنياهو أن لا سبيل إلى ضرب إيران قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية. لاقتناعه بأسباب عدّة ليس أقلها أن إدارة أوباما أفهمته بالفم الملآن أن الولايات المتحدة لن تشترك في أي هجوم عسكري تشنه “إسرائيل” من جانبٍ واحد على منشآت إيران النووية. أكثر من ذلك، تأكد نتنياهو أن  إدارة أوباما وجّهت، قبل أسبوع، رسالة سرية إلى إيران بواسطة دولتين أوروبيتين تستخدمهما واشنطن قناة اتصال مع طهران في إبان الأزمات، بأنها لا تنوي الدخول في حرب إذا ما قررت “إسرائيل” شن هجوم على إيران من جانب واحد ومن دون تنسيق معها، وأن واشنطن تتوقع في مثل هذه الحالة ألاّ تهاجم إيران أهدافاً استراتيجية أمريكية في الخليج، بما في ذلك القواعد العسكرية وقِطَع الأسطول الأمريكي وحاملات الطائرات.
هذه الرسالة جاءت عقب تصريحات أدلى بها رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي الجنرال مارتن ديمبسي، وشدّد في سياقها على ان الجيش “الإسرائيلي” لن يتمكّن من القضاء على البرنامج النووي الإيراني، وعلى أن الولايات المتحدة لا تنوي الاشتراك في أي حرب “إسرائيلية” ضد إيران. الرسالة الأمريكية صَدَمت نتنياهو، لكنها لم تحبطه.. بعد. فقد ثابر على الإيحاء بأن “إسرائيل” مازالت تستعد لتوجيه ضربة إلى إيران قبل أن تستكمل مناعتها العسكرية ضد الضربة المحتملة. لم يحدد نتنياهو تاريخاً لبلوغ إيران عتبة المناعة أو تاريخاً، ولو تقريبياً، لضربته الموعودة. تقصّد، بذلك، أن  يحقق، في سياق تهديداته المستمرة، ابتزاز الولايات المتحدة في أمرين:
* الأول، استدراجها لإعطائه “تطمينات” بأنها مازالت جادة في الحؤول دون امتلاك إيران سلاحاً نووياً. في هذا المجال، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الرئيس باراك أوباما يدرس إمكان اتخاذ خطوات علنية وسرية ضد إيران تهدف إلى تهدئة روع “إسرائيل”، وإقناع رئيس حكومتها بعدم شن هجوم عسكري من جانب واحد على المنشآت النووية الإيرانية. نتنياهو أوحى بالتجاوب مع ما ذكرته الصحيفة الأمريكية بقوله: “كلما كان الخط الأحمر الذي تضعه الأسرة الدولية أمام إيران أكثر وضوحاً، فإن احتمال اندلاع مواجهة عسكرية معها يصبح ضئيلاً أكثر”.
* الثاني، الحصول من إدارة أوباما على تعهدٍ، قبل انتخابات الرئاسة، بمنح “إسرائيل” طائرات خاصة لتزويد الوقود في الجو، وقنابل متطورة قادرة على اختراق تحصينات تحت الأرض بعمق 60 متراً، كما التعهد بتنفيذ المزيد من العمليات السرية ضد البرنامج النووي الإيراني، والتضييق على صناعة النفط الإيرانية. صحيفة “هآرتس” (4/9/2012) التي أوردت كل هذه التفصيلات، فسرت سبب تصريحات نتنياهو عن وضع خط أحمر أمام إيران، بأنه يعود إلى “وجود خشية في “إسرائيل” من إقدام الولايات المتحدة على توجيه إنذار علني إليها يحذرها من مغبة شن هجوم عسكري من جانب واحد على إيران، الأمر الذي من شأنه إلحاق أضرارٍ فادحة بقوة الردع الإسرائيلية”.
كل ذلك لم يردع نتنياهو.. بعد. صحف “إسرائيلية” وفرنسية ومصادر معلومات أمريكية أشارت إلى أنه موغل في تحدي أوباما على خط آخر هو انتخابات الرئاسة، بل ضالع في حملة منظمة للحؤول دون فوزه تضم اليهود الأمريكيين و”المحافظين الجدد” والأمريكيين الصهاينة بالتعاون مع اللوبي اليهودي النافذ “إيباك”، إضافة إلى الحزب الجمهوري الذي تسيطر على قيادته شخصيات يمينية متطرفة، وقد نجحت في اعتماد ميت رومني مرشحاً للرئاسة عن الحزب، واليميني المتطرف بول ريان نائباً له.
أوباما محيط بمناورات نتنياهو وألاعيبه ودعمه العلني لرومني. صحيفة “معاريف” (4/9/2012) كشفت بقلم محللها السياسي عوفر شيلح أن الثري اليهودي الأمريكي شلدون أدلسن، المقرّب من نتنياهو، هو من كبار المتبرعين للمرشحين الجمهوريين، وفي مقدمهم رومني، وأن أوباما اعتبر ذلك تدخلاً “إسرائيلياً” فجّاً ضد إعادة انتخابه.
أوباما لم يتأخر في الرد، مزايداً على جميع سابقيه من المرشحين للرئاسة  ديمقراطيينَ وجمهوريين، إذ أعلن بنفسه وبلسانه في أثناء تقبّل تسميته مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة، أن “القدس كانت وستبقى عاصمة إسرائيل”. المحللون السياسيون اعتبروا هذا الإعلان بمثابة طمأنة وترضية لليهود الأمريكيين ول “إسرائيل”.
مع العلم، أن برنامج الحزب الديمقراطي يتضمن شعاراً تقليدياً يرضي اليهود: ” الرئيس أوباما والحزب الديمقراطي يحافظان على التزام لا يتزعزع بأمن إسرائيل”. إلى ذلك، يحرص أوباما على دحض اتهام رومني له بأنه “رمى ب “إسرائيل” تحت عجلات الحافلة”، بإقرار مزيد من العقوبات الشديدة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. وقد يعلن لاحقاً أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة خطوطاً حمراً لكبح البرنامج النووي الإيراني.
رغم ذلك كله يبقى أن نتنياهو أعاد النظر في جدول أولوياته، إذ لم تعد الأولوية لضرب إيران قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية. فقد أرجأ الضربة، على ما يبدو، إلى ما بعد الانتخابات. الأولوية أصبحت لإسقاط أوباما وحرمانه ولاية ثانية. لماذا؟ “لأنه إذا ما أعيد انتخابه فإن ذلك من شأنه تقييد يديّ “إسرائيل”، إذ لا يعود بحاجة إلى أصوات مؤيديها”، كما جاء في صحيفة “معاريف”. هل يعقل أن  يتمكّن رئيس “حكومة “إسرائيل” من إلحاق الهزيمة برئيس الولايات المتحدة الأمريكية؟
صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات