رصد جوانب القوة والضعف لدى حماس وإسرائيل في المواجهة القادمة

أفاد الجنرال الصهيوني في الاحتياط ونائب رئيس الأركان السابق “دان هرئيل”، إنّ حالة من عدم التوافق الراسخ” بين “إسرائيل” وحماس في غزة، قد يؤدي إلى صورة مواجهة عسكرية معينة خاصة في هذا الصراع، ولهذا يُحتاج لتحديد أساسي في المستويين الاستراتيجي والتكتيكي لهذه المواجهة، بحيث يكون المستوى التكتيكي هو من يقرر كيف نحارب في الشارع الغزي.
وأضاف: “إسرائيل” في المستوى الاستراتيجي دولة فيها مؤسسات حاكمة منتخبة، تتأثر جداً بالرأي العام والإعلام، وفي غزة كيان لا يُعرف بأنه دولة، لكنها سلطة ذات عقيدة أصولية توجهها فكرة بعيدة المدى، مستعدون للتضحية بضحايا كثيرين من أجلها.
أما عن أهداف المواجهة العسكرية المرتقبة، فان “إسرائيل” تريد أن تُثبت الواقع الجغرافي السياسي وتحرز تهدئة، فيما يريد حكام غزة تغيير الواقع بمحو “إسرائيل”، ومستعدون لدفع الثمن الذي يصاحب ذلك، ومن جهة العوامل القسرية، تلتزم الأخيرة بسلوك الدول، مما يؤثر جدا في صورة المواجهة المسلحة.
وحينما نفحص عن نسبة القوى بين “إسرائيل” وحماس، سنرى:
1. الجيش الصهيوني الجانب القوي، لأن فيه مئات الآلاف من الجنود والدبابات والطائرات والسفن.
2. أما حماس فهي الجانب الضعيف، عندها عشرات الآلاف من المقاتلين وغير مسلحة بسلاح ثقيل.
وحينما يدخلان في مواجهة عسكرية بينهما، سيتغلب القوي على الضعيف، ومع ذلك فإن هذا غير صحيح، وخطأ كبير، لأنه لا يمكن قياس نسبة القوى بينهما برؤية سطحية كهذه.
* مفاهيم غير تناسبية
فالجانب “الضعيف” حماس لاحتياجه لمجابهة الجانب القوي، يجر “إسرائيل” للمواجهة في صعد أخرى تقرر بقدر كبير جدا نتيجة المواجهة العسكرية، لا في المستوى التكتيكي فحسب بل في المستوى الجهازي والاستراتيجي أيضا، لأنها مواجهة عسكرية غير تناسبية، لا تقاس بمفاهيم القوة فحسب، بل موجودة في كل مكان به اختلاف في طبيعة الجهات المتواجهة عسكريا وأهدافها وقوتها وطريقة عملها، لاسيما قواعد اللعب التي تعمل بحسبها.
وأوضح “هارئيل” قائلاً: في المستوى الجهازي:
1. الجيش الصهيوني نظامي وتقليدي يعمل بشيفرة عسكرية غربية، لمواجهة أهداف عسكرية فقط.
2. وفي غزة سرايا وكتائب وألوية، غير منظمة، وهي قوة ذائبة في المحيط المدني، ومعدة تحت بيوت ومؤسسات مدنية.
كما أن هناك اختلافا في منطق المعركة:
– حسب التصور الصهيوني يجب أن يكون القتال قصيراً، ويحرز نتائج قاطعة تُمكّن من هدوء زمناً طويلاً.
– أما الطرف الثاني فيتحدث عن صمود طويل في الميادين الموجودة، وتحاول حماس التوصل لخطة تفرض على “إسرائيل” حدودا في الأمد البعيد، فلا أحد يتوقع منها هزيمتها، وهي أقوى منها كثيرا، وبهذا تقيد يديها، وتجعل العمل صعبا عليها.
ومن جهة العوامل القسرية:
1. هناك حساسية صهيونية كبيرة بمدة المعركة، والتأثير في الجبهة الداخلية، وعدد المصابين في الطرفين.
2. في المقابل، فان حساسية حماس الرئيسة هي بقاء القيادة.
* اختفاء المقاتلين
أما في المستوى التكتيكي:
1. فقد بُني الجيش من وحدات في بنية عسكرية تقليدية، وصورة عمله واضحة بيّنة ذات ظهور كبير.
2. في المقابل فان وحدات حماس العسكرية تعمل في غزة بطريقة الاختفاء، وبظهور ضئيل جدا، وتعمل داخل محيط مدني مهيأ لعمل عسكري، وموجودة تحت الأرض، ولها اتصال مستقل عن الشبكات العامة، وتملك مخزونا من الذخائر المتفرقة كي لا يضطروا لحملها من مكان لآخر، ويحاولون الابتعاد قدر المستطاع عن مراكز الثقل كي لا تمكن مهاجمتهم.
ويرى “هارئيل” أنّ الحديث عن حماس يدور عن عدد كبير من المحاربين يبلغ عشرات الآلاف يعملون في أطر مفرقة داخل محيط مدني، مع استعمال العوامل القسرية للجيش بحيث لا يمكن علاجهم بصورة ناجعة في العمل لمواجهتهم، كما تلتزم حماس طريقة عمل متمثلة بإطلاق صواريخ مائلة المسار على الجبهة الداخلية من منطقة مدنية مزدحمة، مع الاستعمال المتعمد للسكان درعا بشرية، لجر العدو للدخول بوحدات المشاة والمدرعات داخل المنطقة المأهولة، والقتال في المنطقة المأهولة يُبطل فعل الجانب القوي، ويجرده من نقاط تفوقه.
وترى حماس أن محاربا مع بندقية “كلاشينكوف” يساوي في قيمته محاربا مع بندقية “إم16” يواجهه، بحيث تريد إيقاع خسائر كثيرة جدا في القتال من الطرفين.
ويزعم بأن المنطقين العسكريين اللذان يوجهان الطرفين مختلفان، وهما:
1. ما يوجه حماس هو المس بمنعة “إسرائيل”، وتصميمها على القتال بسبب خسائر كثيرة، وإحداث صورة وضع إنساني صعب، مقابل أن تفضي لضغوط دولية تسبب وقف القتال،
2. أما عن منطق “إسرائيل”، فينبغي القضاء في أسرع وقت ممكن على إطلاق حماس للنار، القضاء لا الوقف، لأن وقفه تماما صعب جدا من جهة عسكرية، وتضر إضرارا شديدا بكل ما يتعلق بحماس العسكرية، كي تنشئ ردعا في المستقبل،
3. كما أن أسلوب إنهاء “إسرائيل” للمعركة هو إحراز هذه الأهداف،
4. أما أسلوب إنهاء الفلسطينيين، فهو ضعضعة شرعية عمل “إسرائيل”.
* الدخول البري
ويحصر “هارئيل” جملة من التحديات التي ستواجه “إسرائيل” في الحرب القادمة تجاه غزة، وهي:
1. المجال العملياتي: القتال في مناطق مأهولة، بالقيام بعملية منسِّقة، كاستعمال نار مساعدة، مع الامتناع عن إضرار بالمحيط، وما زال التحدي كبيرا في هذا المجال.
2. المجال السياسي: والتحديد الواضح الحاد لهدف العملية قبل بدئها، لمنع وضع تغيير الهدف في أثنائها.
3. مجال الإعلام: عبر جهد دعائي لإحداث شرعية عامة داخلية ودولية، والحفاظ عليها لتأمين الزمان والمكان الضروريين لإحراز أهداف العملية.
4. المجال القانوني: إدارة معركة قانونية لإنشاء مجال العمل المطلوب قبل العملية وأثنائها، ولتحقيق ثمراتها، ويجب على خبراء القانون النزول من أبراجهم العاجية، والخروج للميدان ويعملوا، فهي ساحة قتال ككل ساحة قتال أخرى.
5. المجال العسكري: ويمكن حصرها في النقاط التالية: جمع معلومات استخبارية قبل الخروج للمعركة، للتمكين من القضاء على أهداف بصورة كثيفة، إصابة مراكز قوة جهازية، مع الامتناع عن الإضرار بالسكان غير المشاركين في القتال، الدخول البري، مع التحكم بالإيقاع، والوصول للأهداف، الامتناع عن سقوط خسائر من الجيش، والسكان غير المشاركين في القتال، القضاء على نيران حماس، مع تأمين توازن مناسب بين إحراز الأهداف، والعمل حسب القانون الدولي، التحكم بالتوقيت، وبصورة الخروج من الميدان من طرف واحد، كما تم في عملية “الرصاص المصبوب”.
معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني، 4/9/2012
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...