الخميس 08/مايو/2025

راشيل كوري.. تواطؤ الجريمة والقضاء!

راشيل كوري.. تواطؤ الجريمة والقضاء!

كان ذلك في السادس عشر من آذار/2003، حينما قام جيش الاحتلال بسحق المتضامنة الأمريكية الشابة ابنة الثلاثة والعشرين ربيعاً راشيل كوري تحت أسنان جرافته العملاقة “كاتربلر”.. بينما كانت تحاول منع تقدمها لهدم منزل فلسطيني في رفح.. وكانت الجريمة بشعة واضحة سافرة وثقت من خلال الكاميرات وشهود العيان.
ولم تبق كوري وحدها، ففي ذلك الوقت انضم إليها مواطنان بريطانيان أيضاً هما توم هورندل الذي جاء هو أيضاً لمساعدة الفلسطينيين، وجيمس ميلر وهو مصور وصاحب أفلام وثائقية كثير الجوائز جاء ليُعد فيلما عن حياتهم وأسمى فيلمه “موت في غزة”.
الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي وثق في هآرتس – 30/8/2012″ أنه في غضون أسابيع معدودة قتل الجيش الإسرائيلي هؤلاء الثلاثة، فقد سُحقت كوري ودفنت تحت التراب حتى ماتت حينما حاولت أن تحمي بجسمها بيتاً أوشكت الجرافة أن “تجرفه”، وقُتل ميلر برصاص قناص بعد أن خرج من البيت وفي يده علم أبيض، واستطاع بعد الرصاصة الأولى أن يصيح نحو الجنود: “نحن صحافيان بريطانيان”، كما ظهر في وضوح في فيلم الفيديو الذي صُور في الظلام، فجاءت رصاصة القناص الثانية رداً على ذلك وقتلته، وقُتل هورندل حينما حاول أن يحمي بجسمه جماعة أطفال فلسطينيين وقعوا تحت النيران، وقد قضت هيئة محلفين بريطانية بأن ميلر قُتل عمداً، لكن الجندي الذي قتل هورندل حوكم وحده وحُكم عليه بثماني سنوات حبس وأُفرج عنه بعد نحو ست سنين، ولم يحاكم أحد على قتل ميلر”.
أما عن راشيل، فقد “برأت المحكمة الإسرائيلية الثلاثاء 28/8/2012- وبعد تسع سنوات كاملة من رفع الشكوى على يد والديها- إسرائيل من تهمة التسبب في مقتل الناشطة الأمريكية الراحلة راشيل كوري التي سحقتها الجرافة في رفح، -المدينة التي حسب المعطيات الفلسطينية هدمت ودمرت قوات الاحتلال فيها آنذاك، نحو 7800 منزل تدميراً كلياً وجزئياً في مخيم رفح، وشردت نحو 12 ألف فلسطيني لجأوا إلى الخيام والجيران”.
نقول إن القضاء الإسرائيلي مسيس، لا غرابة ولا جديد في ذلك، ونقول إن هناك تكاملاً ما بين الجريمة والقضاء في إسرائيل”، فلا غرابة في ذلك أيضاً، فـ “إسرائيل” بكامل هيئاتها وإداراتها وجيوشها وقضائها ومستعمريها في الأراضي المحتلة قائمة منذ النكبة عام/1948 على الجريمة..!
فلم يحصل أن حاكمت تلك الدولة الغاصبة جندياً أو ضابطاً إسرائيلياً على أي جريمة اقترفها، سواء بقتل مواطن فلسطيني طفلاً كان أم شاباً، أم امرأة أم شيخاً، وعمليات القتل الفردي هنا بالآلاف، ولم يحصل أن حوكم الجيش الإسرائيلي على أي مجزرة جماعية نفذها بحق عشرات أو مئات من المواطنين الفلسطينيين، وهناك في السجل الإجرامي الصهيوني مئات المجازر الجماعية.
إلى كل لك، فإن هناك تعاوناً صريحاً ما بين الجريمة والقضاء في”إسرائيل”، وما هذه المحاكمات المسرحية التي تسفر دائماً عن تبرئة المجرمين، سوى رخصة جديدة تمنح لكل جندي وضابط ومستوطن إسرائيلي بالمضي قدماً في قتل الفلسطينيين، دون حساب أي حساب للمحاكمة أو العقاب.
وهذا هو بالضبط الذي يحدث في دولة مثل”إسرائيل”: التعاون الكامل والتكامل التام ما بين الجريمة والقضاء”، فها هو وزير خارجيتهم ليبرمان يطالب بـ “وجوب منح وسام استحقاق لسائق الشاحنة الذي قتل بإطلاق النار فلسطينيين اثنين ادعى أنهما اعتديا على الموقع بقضيب حديدي في جنوب جبل الخليل- 2012/6/17″…
تصوروا…!
وعملياً على الأرض الفلسطينية فإن الجنرالات شارون وباراك وموفاز ويعلون وافي ديختر وحلوتس وايالون، يضاف إليهم عدد كبير من السياسيين أبرزهم بيغن ودايان ورابين وبيريز ونتنياهو وغيرهم من الجنرالات، مسؤولون في السنوات الماضية عن سلسلة طويلة لا حصر لها من الأعمال الإجرامية مثل المجازر الجماعية والاغتيالات والهدم الجماعي للبيوت على رؤوس أهلها من النساء والأطفال كما حدث في رفح.
ولكن، بدلاً من العمل على تقديمهم لمحكمة الجنايات الدولية- تصوروا- حصل بيغن في عهده على جائزة نوبيل للسلام، وحصل الجنرال شارون أيضاً على الدكتوراه الفخرية من جامعة بن غوريون ..؟
كما حصل الجنرال موفاز بالمقابل على الدكتوراه الفخرية من جامعة بار إيلان ..؟
كما حصلت مجموعة أخرى من الجنرالات على أوسمة البطولة من الأركان الإسرائيلية ..!
يحدث ذلك في “إسرائيل” فقط..؟!   
[email protected] 
صحيفة العرب اليوم الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...