فلسطين والعلاقات الإسرائيلية – التركية

مرت سنتان تقريباً منذ أبحر أسطول من ست سفن، من بينها السفينة التركية “مافي مرمرة”، حاملاً مئات الناشطين المحتجين على حصار غزة. قبل وصول السفن إلى هدفها، قام فدائيو الأسطول الإسرائيلي بالصعود إليها، ونتج عن العملية مقتل تسعة ناشطين أتراك في مواجهة على متن السفينة.
نتج عن الحدث تدهور شديد في العلاقات الإسرائيلية – التركية، رغم أنه تدهور يمكن عكس اتجاهه.
ألغت تركيا بعد حادثة “مافي مرمرة” مجموعة من مجالات التعاون الأمني والعسكري، ولكنها لم تكن مشاريع كبيرة. تأثرت التجارة الإسرائيلية التركية سلباً نتيجة للحادث، ولكن ليس بشكل حرج أو حاسم. اهتزت العلاقات بين البلدين من حيث الجوهر بشكل حقيقي، ولكن ليس إلى الدرجة التي غطّاها الإعلام. إلا أنه ليس هناك شك بأن مفتاح إصلاح العلاقات بشكل كامل بين “إسرائيل” وتركيا يكمن في إيجاد حل عادل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
لدى تركيا و”إسرائيل” أمور كثيرة مشتركة يمكن البدء منها للعمل معاً حول هذا الموضوع. يتشارك البلدان في مصالح عسكرية واستراتيجية في المنطقة، وقد أثبتت هذه العلاقة أنها مفيدة بشكل متبادل. تحتاج تركيا، على سبيل المثال، إلى التكنولوجيا الإسرائيلية لمكافحة الهجمات الداخلية العنفية من جانب حزب العمال الكردي، واعتبرت “إسرائيل” تركيا، منذ زمن بعيد، من خلال موقفها الديمقراطي العلماني وتحالفها العسكري مع الولايات المتحدة وأوروبا، شريكاً إقليمياً طبيعياً.
استمر التعاون بين الدولتين حتى في مواجهة حادثة “مافي مرمرة”، بعد اشتعال الحرائق في غابة الكرمل في “إسرائيل” في أواخر العام 2010، بعد شهور قليلة من حادثة أسطول الإغاثة، أرسلت تركيا طائرات للمساعدة في إخماد النيران. وفي هذه المناسبة، أوضح رئيس الوزراء التركي أن العقوبات الأخيرة كانت ضد الحكومة الإسرائيلية وليس ضد الشعب الإسرائيلي أو ضد اليهود.
الواقع هو أن العلاقات المتدهورة لا تعكس تغييراً في مواقف غالبية الأتراك تجاه الجالية اليهودية في تركيا أو اليهود بشكل عام، وإنما عدم موافقة متنامية لسياسات “إسرائيل” تجاه الفلسطينيين. لم تكن حادثة “مافي مرمرة” سوى نقطة الانقلاب. طالما كان النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني حجر عثرة بالنسبة لتركيا. كان النزاع مهماً للأتراك المسلمين، إلا أن القضية اكتسبت مؤخراً أهمية لعدد من الأسباب. أولاً، هناك أهمية لشخصيات المعنيين. أصبحت تركيا مع انتخاب أردوغان رئيساً للوزراء وتعيين أوغلو وزيراً للخارجية أكثر نشاطاً وتطلعاً إلى الخارج، ساعية إلى إعادة تأكيد هيمنتها التاريخية على الشرق الأوسط. وقد أصبح ذلك صحيحاً بشكل خاص في أعقاب “الربيع العربي” وانهيار نظام مبارك في مصر. وإذا رغبت تركيا في أن تكون اللاعب الرئيسي في السياسة الإقليمية، فإن الأزمة الإقليمية الرئيسية، وهي النزاع الإسرائيلي الفلسطيني تتطلب مشاركتها.
ثانياً، وبما أن المجتمع التركي المسلم أصبح محافظاً أكثر في السنوات الأخيرة، فقط أعطيت أهمية أكبر لواحدة من أهم القضايا المتعلقة بالمسلمين، ألا وهي النضال الفلسطيني. يواجه معظم الأتراك المتدينين مشكلة مع “إسرائيل” تتعلق بما يعتبرونه إنكاراً للحقوق الفلسطينية في إنشاء دولة. ولكن من الضروري تكرار أن انتقاد “إسرائيل” هو أمر سياسي وليس أمراً دينياً أو عرقياً.
أعتقد في ضوء هذه الحقائق أن مفتاح إعادة العلاقات بين الدولتين على الطريق الصحيح هو إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، جنباً إلى جنب مع “إسرائيل”، بحيث تكون القدس عاصمة للدولتين. إضافة إلى ذلك، وعلى المدى القصير، سوف يعمل إعادة إحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية على تيسير العلاقات، حتى قبل إنشاء الدولة الفلسطينية.
لست متشائماً حول المستقبل، أعتقد أنه في نهاية المطاف تحكم المصالح الذاتية العلاقات بين الدول. وأثبت التعاون التاريخي بين تركيا و”إسرائيل” أنه مفيد بشكل متبادل. ومن الواضح أن فلسطين حرة ومستقلة سوف تزيل العائق الرئيسي بين تركيا و”إسرائيل”، وتسمح بعودة الروابط التي سادت في الماضي.
ـــــــــــــــــــــ
* عضو في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي
ينشر بترتيب مع خدمة “كومون جراوند” الإخبارية
صحيفة الاتحاد الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

ألبانيز: الجميع مسؤول أمام القانون الدولي لصمته على المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين
تونس – المركز الفلسطيني للإعلام قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، إن...

أبو سلمية: نفاضل بين الجرحى والمرضى والمنظومة الصحية شبه منهارة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، محمد أبو سلمية، إن الأطباء في المستشفى يفاضلون بين المرضى والجرحى. وأضاف أبو...

القوات اليمنية: نفذنا عمليتين استهدفتا مطار رامون ردًا على جرائم الاحتلال
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت القوات المسلحة اليمنية، مساء اليوم الأربعاء، تنفيذ سلاح الجو المسير عمليتين عسكريتين استهدفتا مطار رامون في...

حماس: عملية جنين أبلغ رد على محاولات الاحتلال إخماد المقاومة
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء اليوم الأربعاء، إن عملية إطلاق النار البطولية التي وقعت عند حاجز الريحان...

إصابة جندي إسرائيلي بعملية دهس في الخليل واستشهاد المنفذ
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد، يوم الأربعاء، منفذ عملية الدهس قرب حاجز "سدة الفحص" جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، والتي أسفرت...

قرار أمريكي بإغلاق مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام قرر السفير الامريكي في الكيان "مايك هاكبي" وفي خطوة غير مسبوقة إغلاق مكتب الشئون الفلسطينية في القدس ودمجه...

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...