اعتقال المحررين مجدداً

باعتقالها الأسيرة أسماء يوسف البطران من الخليل التي أمضت ثلاث سنوات في الاعتقال وتحرّرت في صفقة مبادلة الجندي “الإسرائيلي” غلعاد شاليت مقابل مئات الأسرى، فإن “إسرائيل” تضيف صفحة جديدة إلى سجلّها الأسود تجاه الشعب الفلسطيني، وتتنكّر لتقاليد حكمت آليات التعامل مع قضية الأسرى ومطالبهم.
كثيراً ما كان ذوو الأسرى يسألون أبناءهم المحررين عن جدوى الإضرابات عن الطعام، والضمانات التي يمكن الوثوق بها عند موافقة إدارات السجون على مطالب المضربين، وكذلك الأمر في اتفاقات تبادل الأسرى التي تم العديد منها منذ العام 1978. كانوا دائماً يتساءلون: ماذا لو تنكّرت تلك الإدارات لوعودها بمجرد خروج الأسرى المتفق عليهم من السجون، أو بمجرد فك الأسرى إضرابهم عن الطعام، وبخاصة أنهم لن يكونوا قادرين على استئناف الإضراب قبل انقضاء فترة معقولة، ذلك أن قرار الإضراب ليس بالقرار السهل، وهو يحتاج إلى تعبئة نفسية ومعنوية داخلية، ولحملة إعلامية خارجية تملك الحد الأدنى من مقومات خلق حالة من الحراك الفلسطيني والعربي والدولي والإنساني المتضامن مع الأسرى، والضاغط على الاحتلال كي يستجيب لمطالبهم.
في حقيقة الأمر ليست هناك ضوابط أخلاقية أو أدبية لدى الاحتلال يمكن الركون إليها في صياغة العلاقة الاعتقالية معه، وليست هناك إمكانية للركون إلى منطق قانوني أساسه الاحتلال، بل إن الطابع العام في هذه العلاقة هو الصراع، حتى في الحالات التي يجري فيها التفاوض على شروط فك الإضراب.
وعلى ذلك، فإن تساؤلات ذوي الأسرى وتشكّكاتهم لها ما يبررها، إلا أن جواب الأسرى دائما يحمل توضيحاً مبنياً على التجارب التي أرست تقاليد شكلت حالة يمكن الركون إليها، ومفادها أن التزام إدارات السجون الاستجابة لمطالب الأسرى، يكفي لفك الإضراب. لكن هذا الالتزام ليس قانونياً ولا أخلاقياً، بل التزاماً اضطرارياً حكمته ظروف لا تحتمل الصدام الساخن على الدوام، باعتباره لا يشكّل مصلحة لأي من الطرفين.
في حالة التبادل تجري العملية برعاية الصليب الأحمر الدولي وإشرافهم، وفي معظم الأحيان بوساطة دولة ثالثة، ويتضمن الاتفاق في هكذا حالة، بنداً ينص على أنه لا يحق ل “إسرائيل” اعتقال أي أسير محرر على خلفية القضية التي سجن بسببها، لذلك فإنها في حال اعتقلت أسيراً محرراً تنسب له تهمة أخرى، أو تفبركها له لتظهر أنها لم تخرق اتفاق التبادل. وفي بعض الحالات اغتيل أسرى محررون في ظروف حملت بصمات المخابرات “الإسرائيلية”، كما حصل مع الأسير المحرر عبدالحميد السلوادي الذي تحرر في “صفقة جبريل” في مايو/أيار 1985.
الإضراب عن الطعام يشكّل إحراجاً كبيراً للاحتلال الذي يحاول تبرير انتهاكاته بحق الفلسطينيين، إذ إن العالم كلّه يعرف أن الأسير أعزل من السلاح، ولا يمكن وصفه بالإرهاب إذا استشهد تحت وطأة الإضراب، علاوة على ما يمثّله استشهاد أي أسير من تعرية للاحتلال وفضيحة تكشف زيف مزاعمه عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
يلاحظ في السنوات الأخيرة أن الاحتلال بات يخرق اتفاقاته بشأن تبادل الأسرى، أو اتفاقات إنهاء الإضرابات عن الطعام. هذا سببه المباشر تراجع الاهتمام الدولي بقضية الأسرى، وقد برز هذا التجاهل بوضوح في حالة شاليت الذي كان بنداً أساسياً على جدول مباحثات معظم مسؤولي العالم وتصريحاتهم السياسية، في ظل تجاهل شبه تام لآلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب.
إذن، عندما ينعدم المعيار الأخلاقي والقانوني، وعندما ينخفض الاهتمام الدولي بقضية الأسرى، فإن “إسرائيل” تشعر بأن يدها طليقة في انتهاك اتفاقات التبادل وسواها، ولا يبقى أمامها سوى مواجهة غضب الأسرى، وهي تعرف أنه شديد.
[email protected]
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حراس الأقصى يحبطون ذبح “قربانًا تلموديًا” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حراس المسجد الأقصى المبارك، اليوم الاثنين، إدخال مستوطنين "قربانا حيا" إلى باحاته، عبر باب الغوانمة....

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...