نتانياهو زعيم إسرائيلي دون منافس قوي

منذ أن تولى بنيامين نتانياهو رئاسة الحكومة في “إسرائيل” عام 2009، عرف عنه اللجوء إلى المناورة عند كل منعطف تمر به حكومته، إن كان على صعيد السياسة الخارجية أو على أصعدة السياسات الداخلية في “إسرائيل”، وشكلت عملية التسوية السياسية مع السلطة الفلسطينية، ميداناً مريحاً لنتانياهو اتسع للعديد من المناورات التي قام بها، وقد مرّ بها بنجاح بسبب الإجماع الحزبي والسياسي الواسع للشعارات التي رفعها كيافطة لهذه المناورات، وأبرزها كانت موضوعة الاستيطان، التي من خلال الانحياز الشديد لتوسعتها واستمرار عمليات التهويد، حصد نتانياهو شعبية واسعة مكنته من الحفاظ على ائتلافه الحكومي، على الرغم من الدعوات الأميركية لتغيير تشكيلة الائتلاف على خلفية التجاذبات التي نشأت بين تل أبيب وواشنطن بشأن الاستيطان.
وظف نتانياهو نجاحه في تحدي واشنطن من أجل تعزيز دوره القيادي على رأس حزب الليكود وأقصى منافسيه أو حجم دورهم على أقل تقدير، مستفيداً من الزخم الذي منحه إياه المستوطنون عبر ممثليهم في الحزب، وكان ذلك مدخلا كي يعزز دوره على رأس الائتلاف الحكومي، وفي هذا السياق، تمكن نتانياهو من شق حزب العمل بالتعاون مع رئيسه في حينها إيهود باراك، الذي خرج من الحزب وبصحبته أربعة نواب، وبذلك تخلص نتانياهو من مشاغبات «حزب العمل» داخل الائتلاف مع حفاظه على الأغلبية النيابية في الكنيست.
لكن المناورة الأوسع لنتانياهو على صعيد المشهد الحزبي في “إسرائيل”، كانت عندما أوحى بأنه عازم على إجراء انتخابات مبكرة للكنيست، مما أثار هلع الكثيرين وعلى رأسهم شاؤول موفاز الذي كان قد فرغ للتو من إقصاء تسيبي ليفني عن رئاسة «حزب كاديما»، فوضعه أمام خيار ضاغط وعقد معه صفقة، وافق موفاز بموجبها على الانضمام إلى الائتلاف، على أمل تقديم نفسه كرجل دولة بارز، بما يمكنه من كسب التأييد وخوض الانتخابات القادمة بشكل مريح، وقد وضع نصب عينيه الحصول على مقعد رئاسة الوزراء، لكن ذلك لم يحصل لأن حسابات نتانياهو كانت أبعد، فوضع شاؤول في الظل بعيداً عن اتخاذ القرارات الحاسمة، وهذا شيء طبيعي إذ لا يريد نتانياهو أن يكون هو السبب في تدعيم منافس محتمل على رئاسة الوزراء التي يحلم بالحصول عليها للمرة الثالثة، فلم يجد شاؤول موفاز مفرّا سوى الهروب من الائتلاف الحكومي بعد أن تأكد له أن بقاءه سيزيده ضعفا على ضعف.
أحدث مناورة لنتانياهو تتمثل بالإيحاءات المتلاحقة بأن تل أبيب قد نفذ صبرها ولم تعد تطيق الانتظار على الملف النووي الإيراني، وبأنها بصدد توجيه ضربة للمنشآت النووية في إيران، مع أن معظم المراقبين يستبعدون هذا الاحتمال، ربطا بالموقف الأميركي من هذه المسألة لأسباب كثيرة، من بينها قرب موعد الانتخابات الرئاسية المزمعة في شهر نوفمبر القادم، ومع ذلك لا تزال أوساط نتانياهو تضخ وتصنع الكثير من المؤشرات التي تقول بجدية توجيه ضربة إلى إيران.
رغم أن نتانياهو لا يعاني من أزمة صلاحيات إلا أنه خدمة لمناورته الكبرى، ألح على حكومته كي تصادق على توسيع صلاحياته وقد فعلت، ليخرج من اجتماع الحكومة وقد منح صلاحيات واسعة غير مسبوقة في تاريخ الحكومات الإسرائيلية، وفي هذا السياق توحي الأوساط المقربة من نتانياهو، بأن إصراره على توسيع صلاحياته إنما يأتي في سياق عزمه على اتخاذ قرارات خطيرة من نمط توجيه ضربة عسكرية لإيران، ولتعزيز هذا الإيحاء قام نتانياهو بتعيّن آفي ديختر رئيس الشاباك السابق والمنشق عن «حزب كاديما»، وزيرا لما يسمى «حماية الجبهة الداخلية»، كي يضع الجمهور الإسرائيلي في وضع نفسي وكأن الحرب ستقع غدا.
سياسة نتانياهو هذه، على الرغم من الانتقادات الداخلية الموجهة اليها، حققت على الجبهة الخارجية انجازات استراتيجية، تمثلت في توقيع باراك أوباما على منح إسرائيل تقديمات أمنية، وتجديد تأكيد الادارة الأميركية وحرصها على أمن “إسرائيل”، حتى ولو جاء ذلك في غمرة السباق الرئاسي، لأن الموقف من “إسرائيل” ودعمها لم يكن في يوم من الأيام نقطة خلاف بين الحزبين الأميركيين الكبيرين، الديمقراطي والجمهوري.
الآن يبدو وضع نتانياهو قوياً إلى حد كبير بعد كل هذه الترتيبات التي أجراها داخل حزبه وفي إطار الحكومة، وبات يمتلك ما يمتلكه من صلاحيات، وان كانت شعبيته حسب استطلاعات الرأي، تتراجع من وقت لآخر، لكنه سيبقى يراهن على عاملين رئيسيين أولهما غياب المنافس القوي، والثاني قدرته على المناورة.
صحيفة الوطن القطرية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...

السفير الأمريكي في إسرائيل يجدد دعم واشنطن لتهجير الفلسطينيين من غزة
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام جدد السفير الأمريكي لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي مايك هاكابي، دعم واشنطن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، رغم...

جيش الاحتلال يعلن استعادة رفات جندي قٌتل في اجتياح لبنان 1982
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، استعادة رفات جندي إسرائيلي من الأراضي السورية في عملية وصفة بالخاصة....

مسيرة احتجاجية في ستوكهولم تنديدا بالإبادة الإسرائيلية في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت في العاصمة السويدية ستوكهولم، السبت، مسيرة احتجاجية تنديدا بقرار إسرائيل توسيع الإبادة على قطاع غزة. ووفق الأناضول؛...

1500 مواطن فقدوا بصرهم جراء الإبادة في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 1500 مواطن فقدوا البصر جراء حرب الإبادة، و 4000 آخرون مهددون بفقدانه؛ مع نقص...

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، حملة دهم واعتقالات في عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة، تخللها...

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...