الأحد 11/مايو/2025

هل يقدم نتانياهو على مغامرة كبرى متحدياً واشنطن؟

هل يقدم نتانياهو على مغامرة كبرى متحدياً واشنطن؟

تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، صفعة كبرى مؤخراً، من الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الذي عارض شن حرب على إيران بصورة علنية واعتبرها كارثة على “إسرائيل”، وهذا هو لسان حال رجالات أمن مهمين في “إسرائيل” وخارجها يشككون في صدق نوايا وتقديرات نتانياهو، وهناك من يعتقد أن نتانياهو مستعد لجر “إسرائيل” لحرب غير محسوبة دون غطاء دولي وأميركي بالذات، فقط من أجل أن ينجو بنفسه من هزيمة ممكنة في الانتخابات القادمة، بعدما تراجعت شعبيته كثيراً في أعقاب انسحاب حزب «كاديما» من الائتلاف الحكومي، على ضوء نقض عهوده بشأن تعديل قانون الخدمة العسكرية بما يفرض الخدمة على المتدينين والعرب، وأيضاً بسبب الاحتجاجات الاجتماعية التي ستكون لها الأولوية في الحملات الانتخابية القادمة في “إسرائيل”، والمرجح إجراؤها في الربع الأول من العام القادم، في حال فشلت الحكومة في تمرير موازنة العام 2013 قبل نهاية هذا العام.
يسعى نتانياهو لابتزاز الولايات المتحدة حتى يحصل منها على أعلى ضغط ممكن على إيران، وتكثيف العقوبات عليها، والحصول على دعم عسكري استراتيجي للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك أحدث القنابل الذكية المتخصصة بالأنفاق والمواقع المخفية تحت الأرض وفي الجبال، ولكن السؤال المهم هو ما إذا كان هذا المسعى سيجنب نتانياهو هزيمة انتخابية محتملة؟
من الواضح أن نتانياهو مستفيد من خلق أجواء الذعر والخوف لدى الجمهور الإسرائيلي، الذي بات يفكر ليل نهار في كيفية الوصول للملاجئ أو اقتناء الكمامات الواقية من الغازات وغيرها من وسائل الحماية والوقاية، وذلك بسبب الدعوات المتكررة لقادة الجبهة الداخلية للجمهور للحصول على الكمامات وتفقد اقرب مواقع للملاجئ، والنقاشات الصاخبة في وسائل الإعلام حول ماذا يمكن أن يحصل لو هاجمت إسرائيل إيران، وما هو الرد الإيراني وعدد الصواريخ التي يمكن أن تصل إلى “إسرائيل”، وإلى أي مواقع، وكم عدد القتلى والمصابين المحتمل في أسوأ أو أفضل الحالات، وكم يلزم للبلديات لفتح الملاجئ وتجهيزها للمواطنين بعد أول هجوم صاروخي إيراني، وهل صحيح أن “إسرائيل” تعتزم نقل مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الضفة الغربية، في حال تعرض وسط “إسرائيل” أي منطقة تل أبيب لقصف مكثف؟
في ظل أجواء كهذه يبدو نتانياهو هو الزعيم الأقوى القادر على التعامل مع خطر إيران، وما يمكن أن ينجم عنه من حرب أو صراع جدي، ولكن هذه الأجواء قد تتبدل إلى النقيض تماماً، إذا لم يجرؤ نتانياهو على شن حرب خلال الخريف القادم، وهو الموعد الأسوأ للولايات الأميركية، التي تستعد للانتخابات الرئاسية، والتي لا تريد أن تفرض “إسرائيل” عليها حرباً في هذا التوقيت، الذي قد يترتب عليه تأثير مباشر على فرص المرشحين، وخاصة الرئيس الحالي باراك أوباما، وهنا قد يخسر نتانياهو لأنه سيواجه الحقيقة العارية التي تقول «إنه فاشل في كل شيء وأن ما يهمه هو استمرار حكمه»، وهنا لا يسجل له الجمهور والساسة ووسائل الإعلام أي انجاز يذكر، ولا يوجد لنتانياهو ما يفاخر به، وهو الذي اهتم أكثر من أي شيء آخر بإرضاء اليمين والمستوطنين على حساب غالبية الإسرائيليين.
أمام خطر السقوط الذي يواجهه إذا تراجع عن الحرب، هل سيكون بمقدور نتانياهو أن يواجه المعارضة الداخلية والأميركية والدولية ويقدم على مغامرة أو مقامرة كبرى قد تضع “إسرائيل” أمام كارثة كما يقول بيريز؟
المرجح أن يشهد الشارع الإسرائيلي حركة معارضة واسعة لإقدام نتانياهو على هكذا مغامرة، فمن جهة يبدو نتانياهو ووزير حربه إيهود باراك أكثر تصميماً على شن الحرب ويحاولان تجنيد الرأي العام الإسرائيلي وحتى السعي لإقناع الحاخامات بدعم فكرة الحرب باعتبار أنها وجودية لإسرائيل، كما حصل مع الحاخام عوفاديا يوسف الزعيم الروحي لحركة «شاس»، الذي أرسلا له جنرالات كباراً لشرح موجبات ومبررات الحرب لكي يؤيدها، ويسعيان للضغط على الولايات المتحدة الأميركية لتجنيدها لدعم القرار الإسرائيلي في حال اتخاذه، ومن جهة ثانية هناك أوساط سياسية وأمنية وازنة في “إسرائيل” ترفض الفكرة وترى أن الترويج للحرب الآن قبل أن تفعل العقوبات الاقتصادية فعلها في إيران لثنيها عن مواصلة تخصيب اليورانيوم وصولاً إلى امتلاك السلاح النووي. بل إن الإدارة الأميركية ترفض الفكرة بتاتاً في هذه المرحلة وتدعو “إسرائيل” للتريث لأنها لا ترى أن إيران تجاوزت الخطوط الحمر.
صحيفة الوطن القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات