مرسي.. انقلاب على الانقلاب وقلق إسرائيلي

الخطوة التاريخية التي اتخذها الرئيس المصري محمد مرسي، بإزاحة الثنائي القوي طنطاوي وعنان من المؤسسة العسكرية وإحالتهما إلى التقاعد، كما فعل مع الكثيرين من الجيش، تُعد انقلابًا على مركز القوة التي مثّلها المجلس العسكري والذي بدوره كان قد أجرى انقلابًا على المؤسسة الرئاسية فور إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وفوز مرسي، من خلال سلسلة القرارات التي اتخذها وأهمها: الإعلان الدستوري المكمل حيث أصبحت في مصر منذ تلك اللحظة: ازدواجية في المسؤوليات مثّلها الرئيس المنتخب والمجلس العسكري.
قرار المجلس بالتوافق مع قرار المحكمة الدستورية بإلغاء البرلمان، كان القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ حددت ميزان القوى الذي أخذ في الميل لصالح المؤسسة العسكرية خاصة بتراجع الرئيس مرسي عن قراره بإلغاء قرار هذه المؤسسة بحل البرلمان بعد الضجة التي واجهها قراره المعني.
مما لا شك فيه، أن مرسي عرف كيفية اختيار الوقت المناسب للقيام بانقلابه، إذ استغل أيما استغلال الهجوم الإرهابي على ثلة من الجيش المصري في سيناء، الأمر الذي وجّه ضربة قوية لقيادة الجيش مما أثّر على قوته بشكل نسبي طبعًا وأدى إلى إعطاء المبررات للرئيس لإجراء تغييراته الانقلابية التي بدت مبررة لأطراف عديدة، خاصة وأن الرئيس ألحق تغييراته بأوسمة قلدها للثنائي طنطاوي – عنان، وبتعيينهما مستشارين له (بالطبع لا يستشاران) بما يضمن لهما الابتعاد عن التعرض للمحاكمة مستقبلًا إن بالنسبة لضربة سيناء أو إصدارهما لقرارات قد تعتبر تعدّياً على مؤسسة الرئاسة، وبخاصة بعد تعيين القاضي محمد مكي في منصب نائب الرئيس وهو الذي اشتهر بتصديه لمحاولات الرئيس المخلوع حسني مبارك للحد من تأثير السلطة القضائية. مكي وفقًا للمراقبين: بعيد عن السياسة فلم يكن يومًا سياسيًّا وهو غير معروف وقريب من الإخوان المسلمين (حزب الحرية والعدالة) تمامًا مثل رئيس الحكومة قنديل، الأمر الذي عزز من قوة الحزب وأدّى وفقًا للعديدين إلى سيطرته على السلطتين: التشريعية والتنفيذية.
الرئيس مرسي استمر في طرح مفاجآته وخاصة بالنسبة لقضيتين هامتين تعززان من نفوذه بين الجماهير المصرية أولًا والأمة العربية ثانيا وهما: التطبيع مع العدو الصهيوني إذ أعلن وزير الإعلام المصري: أن الحكومة لن تقوم بالتطبيع مع “إسرائيل” إلا بعد اعترافها بالحقوق الوطنية الفلسطينية ونيل الفلسطينيين لها مما يشكل مفاجأة إلى حد ما بالنسبة لمسيرة العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية. بالنسبة للقضية الثانية فقد أوحت المصادر الرئاسية والحكومية المصرية بإمكانية تعديل اتفاقية كامب ديفيد فيما يتعلق بتواجد الجيش المصري في سيناء للسيطرة على الأمن في الصحراء المترامية الأطراف. بالطبع حول هذه النقطة تحديدًا فعلى ما يبدو أن هناك موافقة أميركية وإسرائيلية ضمنية على التعديل.
عمليًّا وبعد مرور بضعة أيام بدت تغييرات مرسي مستقرة، حيث من الصعب على المؤسسة العسكرية أن تتجه ناحية انقلاب جديد على الرئيس، وبخاصة في ظل وزير الدفاع الجديد: السيسي الذي قام مرسي بتعيينه وهناك مقالات لعديدين: يفتون فيها أيضًا بأنه قريب من الرئيس المصري والإخوان، وأن التغييرات وفقًا للواء العصار (الذي رقَّاه مرسي إلى موقع نائب وزير الدفاع) تمت بالتشاور مع الجيش.
الأميركيون اتخذوا موقف المراقب بالنسبة لتغييرات مرسي. وهناك وجهات نظر لصحفيين وكتَّاب ومحللين سياسيين تشي بأن التغييرات لم يقم بها مرسي إلا بعد أن ضمن موافقة الأميركيين، اعتمادًا على تصريح لوزيرة الخارجية كلينتون عندما زارت مصر فقد قالت: إنَّ على الجيش المصري أن يقوم بتسليم مهماته للسلطة المدنية. وزير الدفاع بانيتا بدوره أكد على دعم واشنطن لعملية التحول الديمقراطي في مصر.
في “إسرائيل” هناك قلق عام لدى المسؤولين السياسيين والعسكريين تعكسه الصحافة الإسرائيلية في تصريحات منقولة على ألسنتهم: أحدهم وصف التغييرات: “بأنها عملية استراتيجية أكبر كثيرًا مما بدت عليه في البداية، هذه الدراما وقعت على “إسرائيل” مثل رعد في يوم عاصف”، آخر قال: “بأن مصر تسير الآن باتجاه متطرف”، وطرح الكثير من المخاوف وعلامات الاستفهام حول مستقبل معاهدة السلام بين مصر و”إسرائيل”. ثالث: وصف إقالة طنطاوي وعنان: “بأنها لا تبشر بالخير بالنسبة لإسرائيل لأنهما كان يقيمان علاقات حميمة مع القيادة الأمنية الإسرائيلية، والآن ستبدأ مرحلة تجريبية ليس معروفًا نوعيتها وإلى ما ستؤدي إليه”.
معلقو الصحف الإسرائيلية يعكسون أيضًا ذات القلق. الخبير في شؤون الدفاع في صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليكس فيشمان رأى أن الوضع الجديد في مصر “هو عبارة عن زلزال يشكل خطرًا حقيقيًّا على إسرائيل”. صحيفة معاريف اعتبرته “استنزافًا وهذا ليس بفأل جيد على إسرائيل”. الخبير في الشؤون العربية في صحيفة “معاريف” اوديد غرانوت يرى “بأن المشكلة الرئيسية في العلاقات الإسرائيلية ـ المصرية في عهد مرسي تأتي من رفض مصر لإقامة علاقات سياسية مع إسرائيل”.
يبقى القول: إن قرارات مرسي هي تاريخية وتصب في مصاف الخطوات الاستراتيجية.
كاتب فلسطيني
صحيفة الوطن العمانية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

15 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....