الخميس 08/مايو/2025

45 يوماً

45 يوماً

الحكم على قناص في جيش الاحتلال “الإسرائيلي” بالسجن 45 يوماً، على خلفية قتله امرأتين فلسطينيتين، خلال الحرب العدوانية على قطاع غزة أواخر عام 2008، وما ساقه دفاع مجرم الحرب هذا ومحكمته العسكرية من حجج، وما وضعاه من صفقة يتم بموجبها “تخفيف” أو إلغاء أي حكم أو اتهام بحقه، يثبت مجدداً، كما بات معروفاً ومفروغاً منه، كيف ينظر الاحتلال في مختلف مؤسساته وبناه العدوانية والعنصرية، إلى القيمة الإنسانية للفلسطيني – هذا إن اعتبر في عرفهم المتطرف إنساناً – خصوصاً بعدما فرضت محكمة احتلالية الإقامة الجبرية على جندي نشر فيديو وهو يمسك بقط من ذيله، ويضع المزيد من علامات الاستهجان والإدانة لهذا المحتل الغاشم أولاً، وللمجتمع والقانون الدوليين اللذين يواصلان سياسة الكيل بمكيالين، كلما تعلق الأمر بهذا المحتل المجرّم دولياً.
تاريخ هذه المحكمة الصورية بدأ بحكم ب “القتل غير المتعمد”، بحق هذا القناص عام 2010، الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام في الكيان اسم “السرجنت أس”، والذي أشرع رشاشه في وجه ريا أبو حجاج (64 عاماً) وابنتها ماجدة (37 عاماً) خلال العدوان على غزة، رغم أنهما كانتا تلوحان براية بيضاء، وأرداهما، في جريمة لا تقل خطورة عن جرائم التطهير العرقي، والإبادة الجماعية.
وبعد ذلك بعامين، وقبل أيام قليلة أعلن الاحتلال مجدداً “تخفيف” الحكم على مجرم الحرب ذاك، إلى تهمة يطلق عليها في الكيان “استخدام السلاح في شكل غير مشروع”. في إطار صفقة بين جيش الاحتلال ومحكمته التي لا تقل إجراماً ولا سادية عنه، أسفرت في النهاية عن حكم بالسجن 45 يوماً فقط.
هذه الجريمة المكشوفة، وهذه المحاكمة الصورية، وما أسفر عنها من قرار، لا تعدو كونها نقطة اكتشفت، في بحر من الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الفلسطيني، التي لا يترك الاحتلال وجيشه ومستوطنوه يوماً من دون ارتكاب المزيد منها، ولا تعليل ولا حجة يمكن أن تقنع عاقلاً، أن الكيان المحتل يقتل النساء والأطفال والشيوخ العزل حفاظاً على ما يزعم أنه “أمنه”، وكأن رضيعاً أو مسنة أوقعتها الأقدار مع ابنتها الشابة أمام رشاش عنصري محتل، يهددون هذا الكيان المدجّج بأحدث الأسلحة وأشدها فتكاً.
هذه المهزلة الجديدة ما هي إلا حلقة تضاف إلى سلسلة طويلة من مسلسل الإجرام والتعنت “الإسرائيلي”، الذي يتواصل بحق الشعب الفلسطيني، ودونها آلاف أو عشرات آلاف المآسي الإنسانية التي سببها الاحتلال، ومثلها من الشهداء والأسرى، والثكالى والأيتام، الذين ينتظرون يوما يكنسون فيه هذا الاحتلال الغاشم، ويقتصون به من مجرميه وجلاديه.
45 يوماً من السجن، قد تنفّذ أو لا تنفّذ، لكن لا فرق، فالأمران سيّان، وحياتا فلسطينيتين أزهقتا برصاص متطرف تشرّب الكراهية والحقد والعنصرية منذ الصغر، وضع لهما ثمن بخس، وأي ثمن، 22 يوماً ونصف اليوم سجناً عن كل ضحية، ما لا يمكن إلا أن يقارن باثنين وعشرين يوماً من العدوان والإجرام الاحتلالي على قطاع غزة وقت ما ارتقت تانك الشهيدتان، وما أفرزه من آلاف الشهداء والجرحى، والدمار المادي الهائل الذي لحق بالقطاع، وما تبع ذلك من جريمة لا تقل وطأة تتمثل بالحصار الغاشم الذي يحاول قطع كل أساسيات الحياة عن الفلسطينيين.
الحياة البشرية لا تقدّر بثمن، لكنها في مقاييس الاحتلال “الإسرائيلي” ونظرته إلى الشعب الفلسطيني، لا تتعدى كونها رقماً جامداً، لا حياة فيه، مع أنها في كل الديانات والتشريعات الدولية والإنسانية أسمى الحقوق، وأجدرها بالصيانة والاحترام، ومن أجلها أنشئت المحاكم والمنظمات الدولية، التي لا نرى منها إلا تدخلاً في كل شأن لا يعنيها، وتجاهلها للمجرم الدولي الأوحد الممثل بالكيان المارق.
صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

10 أعمال للمقاومة في الضفة خلال 24 ساعة

10 أعمال للمقاومة في الضفة خلال 24 ساعة

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام تصاعدت أعمال المقاومة بالضفة الغربية المحتلة، خلال الـ 24 ساعة الماضية، ورصد مركز معلومات فلسطين "معطى"، تنفيذ...