التنازل يدفع العدو إلى التعنت

في استعراض سريع للمشهد الفلسطيني، أو بالأحرى للكارثة التي حلت به، تطالعنا حقيقة مؤلمة تصعقنا جميعاً، وهي أن كل تنازل تقدمه القيادة الفلسطينية، يقابله العدو برفع وتيرة العدوان، ورفع اللاءات، وبالإصرار على استكمال تهويد الأرض والقدس، والحكم على الشعب الفلسطيني بالنفي الأبدي.
وإذا كان المجال لا يتسع لإيراد الأمثلة وهي كثيرة، فلا بد من الإشارة إلى اتفاقية “أوسلو” والتي أعطت العدو الصهيوني الشرعية على أكثر من 78% من أرض فلسطين التاريخية، وهو ما لم يحلم به، فهذا التنازل الذي وصل إلى حد التفريط، لم يؤد إلى إقناع العدو بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 67، ولم يؤد إلى إقامة الدولة الفلسطينية، بعد خمس سنوات، كما نصت الاتفاقية، بل استغلها العدو لرفع وتيرة الاستيطان والتهويد، رافضاً الالتزام بما نصت عليه، مطلقاً مقولته المشهورة، على لسان رابين “لا تواريخ مقدسة” .. وهكذا بعد حوالي عقدين من الزمان على توقيع الاتفاقية، لم يحصل الفلسطينيون إلا على حكم ذاتي، على شكل سلطة هزيلة، تعيش على المساعدات الأميركية والأوروبية، مقابل الاعتراف بدولة “إسرائيل”، ووقف الانتفاضة، واستمرار التنسيق الأمني..إلخ
لم تتعظ القيادة الفلسطينية من خطيئة، أو بالأحرى من كارثة “أوسلو”، بل استمرت في المفاوضات لأكثر من “18” عاماً لم تحصد سوى الخيبات والفشل الذريع، وقد استغلها العدو لتكريس الأمر الواقع، فتمت مصادرة أكثر من 86% من أراضي القدس، وأكثر من 60% من أراضي الضفة الغربية، وتحويلها إلى جزر معزولة، يستحيل معها إقامة دولة متواصلة جغرافيا.
وهكذا تغري التنازلات العدو بالاستمرار في العدوان، من خلال تنفيذ خططه ومخططاته التوسعية التهويدية، فلم تؤد المفاوضات إلى وقف الاستيطان، بل بالعكس استغلها للعدوان على غزة، واستعمال الأسلحة المحرمة، ولتشديد الحصار، ولارتكاب المزيد من جرائم التطهير العرقي، بإعلان القدس العاصمة اليهودية ل”إسرائيل”، وها هو يكشف عن أطماعه بكل وقاحة، من خلال الإعلان، بأن الحرم القدسي جزء من أرض “إسرائيل”، وهو ما يعيدنا إلى التذكير بان هذه الأطروحات هي سبب فشل “كامب ديفيد” الثانية بين باراك، رئيس وزراء العدو حينها، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، عندما طالب يراك باقتسام الحرم بين اليهود والمسلمين.
باختصار… التنازلات الفلسطينية والعربية وبالذات مشروع السلام العربي، لم تقنع العدو الصهيوني، بضرورة الالتحاق بمسيرة السلام، والتخلي عن مخططاته التوسعية التهويدية، والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بل اعتبرها مؤشر ضعف وانهيار، فعمل ولا يزال على تنفيذ خططه ومخططاته التوسعية، من وحي أن المنتصر يفرض شروطه على المهزوم.
[email protected]
صحيفة الدستور الأردنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...