عبودية مقنّعة

يعد مشروع فرض الخدمة العسكرية تحت تسميات مختلفة (“الوطنية”، المدنية) على الشباب الفلسطيني داخل ما يسمى “الخط الأخضر” أحد أركان مشروع “الأسرلة”. وتقع الخدمة المدنية أو “الوطنية” في دائرة الخدمة العسكرية، وتقوم على نفي الانتماء وتجريد المتطوع أو المجند من إنسانيته، ولذلك فهي تندرج في خانة التشوه الأخلاقي والعدمية القومية.
وكان وزير “الدفاع” “الإسرائيلي” الأسبق، شاؤول موفاز، عين لجنة برئاسة الجنرال دافيد عبري في بداية عام 2004، وأوكل إليها فحص إمكانية توسيع “الخدمة الوطنية” بديلاً للخدمة العسكرية لمن تم إعفاؤهم من هذه الخدمة.
وفي 17/8/2004 أعدت “لجنة عبري” التي بحثت في “توسيع الخدمة الوطنية” في “إسرائيل” توصيات قدمتها إلى رئيس الحكومة “الإسرائيلية” الأسبق أريئيل شارون، حيث أوصت بإلزام المواطنين العرب بما تسمى “الخدمة الوطنية”. وأوصت اللجنة أيضاً، بأن من لا يؤدي هذه الخدمة “لن يتمتع بحقوق أساسية، مثل مخصصات الأولاد، قروض إسكان بضمان حكومي، الحصول على قسائم أرض من دائرة أراضي “إسرائيل” وامتيازات أخرى”.
واعتبرت “لجنة عبري” أن “الخدمة الوطنية” تأتي بديلاً للخدمة العسكرية واقترحت إمكانية استبدال اسمها بالخدمة المدنية للتخفيف على العرب وجعل أمر تقبلها ممكناً. وكان من الطبيعي بعد فرض التجنيد الإلزامي على الشباب العرب الدروز منذ عام 1954، أن يكون للدروز دور بارز في التصدي للمؤامرة فقامت حركة مقاومة قمعتها السلطة بالحديد والنار، وتعرض قادتها للتهديد بالتصفية الجسدية في حال متابعة نشاطهم. وكان من أبرزهم الشيخ فرهود فرهود، رئيس لجنة المبادرة الدرزية لاحقاً. وفي أواخر الستينات وأوائل السبعينات انطلقت مجموعة من الشباب ترفع شعار مقاومة التجنيد وتشكلت “لجنة المبادرة الدرزية” في مارس/ آذار 1972 وترأسها الشيخ فرهود. انضمت اللجنة إلى الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة سنة 1977 ونشطت في هذا الإطار.
وفي أواسط التسعينات، خرجت من صفوف “لجنة المبادرة” مجموعة من أعضائها، وانقسم الباقون على أنفسهم لاحقاً، فالشيوعيون ظلوا تحت اسم “لجنة المبادرة الدرزية” وأبرزهم الكاتب محمد نفاع سكرتير الحزب الشيوعي السابق والشاعر نايف سليم وجهاد سعد، الذي انتخب سكرتيراً لها. واتخذ الآخرون اسم “حركة المبادرة الدرزية” وأبرزهم الشيخ جمال معدي رئيس اللجنة السابق.
وشكلّ المتحالفون مع التيار القومي “ميثاق المعروفيين الأحرار”، الذي يترأسه اليوم المحامي سعيد نفاع، وهو يؤكد على رفض الخدمة من منطلق قومي وإنقاذ العرب الدروز من أوزارها وعودتهم إلى حضن شعبهم باعتبار أنه حق قومي ووطني وإنساني. وتوج انطلاقته بلقاء التواصل القومي الأول في عمّان/ 2001 مع “الحزب التقدمي الاشتراكي” برئاسة وليد جنبلاط، مخترقاً الحصار الذي فرضته المؤسسة الصهيونية على العرب الدروز عامة، وقواهم الوطنية القومية خاصة. وفي أعقاب اللقاء أعلن مشايخ الدروز في لبنان ومعهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي عن دعوتهم لدروز فلسطين لرفض الخدمة في الجيش “الإسرائيلي”. وأدى اندلاع الانتفاضة عام ،2000 ومقتل 13 عربياً بنيران الشرطة “الإسرائيلية”، إلى تراجع ملحوظ في نسبة المسلمين والمسيحيين الذين يتجندون في الجيش.
وقدر عدد المتجندين في كل سنة نحو 150 متجنداً. نصفهم تقريباً في سلاح المشاة وخاصة في “كتيبة الجوالة الصحراوية” وعدد قليل جداً في وحدات مشاة أخرى، في حين يخدم المجندون ذوو اللياقة الطبية المنخفضة في وحدات الإسناد مثل السياقة.
وتعمل الحكومة “الإسرائيلية” حالياً على سن قانون جديد بدلاً من “قانون طال”، الذي يمنح الحريديم امتيازات وإعفاءات في الخدمة العسكرية، وقررت المحكمة العليا، قبل شهور، إلغاء سريان مفعوله بحلول الأول من أغسطس/ آب المقبل.
وفي هذا السياق، أشار رئيس الحكومة “الإسرائيلية”، بنيامين نتنياهو، إلى أنه سيسعى إلى فرض الخدمة المدنية على الشبان العرب أيضاً، فيما أعلن رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، أن حزبه سيطرح مشروع قانون يفرض التجنيد الإلزامي على جميع الشبان في “إسرائيل”، اليهود والعرب، الذين يبلغون سن الثامنة عشرة.
وعلى أي حال، فإن ما يتم طرحه حسب صحيفة “هآرتس”، على العرب، هو الخدمة المدنية، التي وصفها بأنها “اسم مغسول لأعمال سخرة، أو لعبودية تحت رعاية الدولة، حيث سيكتفي المجندون بأعمال إدارية وأعمال تنظيف وطبخ”.
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...