الأحد 11/مايو/2025

السلطة الفلسطينية مأزومة سياسياً ومالياً

السلطة الفلسطينية مأزومة سياسياً ومالياً

تعاني السلطة الفلسطينية من أزمة سياسية ومالية مزدوجة، وليس بالإمكان حل الأزمة المالية، إطلاقاً، بمعزل عن حل الأزمة السياسية، والتي هي في الأساس، أزمة المشروع السياسي الذي يتبناه ويعمل تحت سقفه الفريق السياسي المتربع على سدة السلطة الفلسطينية في الضفة.
الأزمة المالية عادت لتطل برأسها، هذه المرة، بطريقة أكثر حدة، مهددة بانهيار اقتصادي عام، في السلطة، تتولد عنه انهيارات في مؤسساتها، وفي قدرتها على إدارة الشأن العام، وأداء الدور في الجانبين الخدمي والأمني. ولعل هذا هو السبب الرئيسي الذي دفع حاكم البنك المركزي الإسرائيلي، ستانلي فيشر، للتدخل لدى صندوق النقد الدولي، لتسليف السلطة الفلسطينية ما يمكنها من حل – ولو مؤقت – لأزمتها المالية. علماً بأن الحل الجذري لهذه الأزمة، لن يكون إلا بإقامة اقتصاد وطني، تكون له قاعدته الزراعية، والصناعية وميادين أخرى كالسياحة وغيرها.
ليس مفاجئاً للمتابع للحركة السياسية اليومية لفريق السلطة، أن يلجأ رئيس حكومة رام الله، سلام فياض إلى فيشر، رئيس البنك المركزي الإسرائيلي، يطلب منه التدخل للمساعدة في حل الأزمة المالية للسلطة، مكرساً، بهذه الخطوة، حالة التبعية التي يعيشها الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي، ومكرساً، بذلك أيضاً، ضعف الإرادة السياسية لفريق السلطة للتصدي لهذه التبعية وشق الطريق نحو بناء اقتصاد وطني، فهذا الطريق مكلف لأصحاب رؤوس الأموال، ومكلف لأصحاب الامتيازات، ومكلف للذين يراهنون على بقاء السلطة الفلسطينية على ما هي عليه، في البنية والوظيفة والامتيازات،لذلك تم التراجع عن هذا الطريق، وصار الحل بيد فيشر.
الأزمة السياسية للسلطة تزداد هي الأخرى تفاقماً، واتخذت مظهراً يبرز مدى هشاشة الحالة السياسية لفريق السلطة، وكيف أنه يهتز بشدة أمام أبسط التطورات والأحداث، على سبيل المثال التجاوب في بادئ الأمر مع رغبة موفاز، في لقاء عباس، في إطار التنافس بينه وبين نتانياهو، سرعان ما تم التراجع عنه بعد أن أرسل نتانياهو لعباس يطلب منه ألا يلتقي موفاز، ولأسباب إسرائيلية داخلية يدركها عباس جيداً، ولسان حال نتانياهو يقول للرئيس عباس: إذا كنت على استعداد للالتقاء بمسؤول إسرائيلي، فلماذا لا يكون اللقاء معي أنا رئيس الحكومة، فأنا صاحب القرار، وأنا القادر على حلحلة الأزمة، وباستطاعتي، إن شئت، أن أقدم لك «جائزة ترضية» تبرر لك هذا اللقاء في عيون معارضيك وخصومك السياسيين، فنكون أنا، وأنت من الرابحين، فانا أكون قد قطعت الطريق على موفاز ومنعته من تلميع نفسه على حسابي، حتى ولو كان نائبا لي في الحكومة، فالخصومة السياسية بيني وبينه لم تزل قائمة، خاصة وأنه سيكون خصمي الأول في أية انتخابات تشريعية مبكرة، وأما أنت – كرئيس للسلطة – فبالإمكان تعزيز موقعك من خلال إطلاق دفعة من الأسرى، نختارهم نحن، بما يمكنك من تبرير لقائك معي، حتى في ظل تعطل المفاوضات، وربما ننجح، أن نحن التقينا، في حلحلة الأزمة وتوفير فرصة لقناة خلفية، هي دون المفاوضات، وأعلى من القطيعة وبحيث نبقي باب التشاور مفتوحاً بيننا.
بطبيعة الحال، فإن عرض نتانياهو، في حسابات فريق السلطة أفضل من عرض موفاز، لأنه يقدم، مقابل اللقاء الثنائي، «ثمنا» ما، ولن يكون مجاناً، كما هو اللقاء مع موفاز، ولكن مثل هذا «الثمن» سيكون أقل بكثير من الفائدة التي سوف يجنيها نتانياهو، الذي يصبح بإمكانه أن ينفي أمام «الرباعية» – خاصة واشنطن – أن تكون المفاوضات في حالة جمود، فالقناة التي قد يرضى بها الرئيس عباس، ستكون شكلاً من أشكال المفاوضات، وإن كانت في ظاهرها تحمل اسماً آخر.
إذا كان حل الأزمة المالية، كما بدت، بيد ستانلي فيشر، رئيس البنك المركزي الإسرائيلي الذي توسط لدى صندوق النقد الدولي، لتأمين قرض مالي للسلطة الفلسطينية لدفع مرتبات موظفيها والعاملين في أجهزتها، وإذا كانت حلحة الأزمة السياسية، كما بدت، بيد نتانياهو، الذي يدير اللعبة من ديوانه، فيفتح الباب أمام لقاء موفاز – عباس، ويغلقه، ويقدم العروض والإغراءات، فما جدوى «المشروع الوطني» الذي يقوده عباس – فياض والذي تكمن مفاتيح أزماته بيد العدو الإسرائيلي؟
صحيفة الوطن القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات