الجمعة 09/مايو/2025

في الأغوار تجريف وتهديم وتهجير وتهويد!

في الأغوار تجريف وتهديم وتهجير وتهويد!

في منطقة الأغوار الفلسطينية المحتلة، نتابع الانفلات الصهيوني اليومي المسعور لاقتلاع الوجود العربي هناك، نتابع أعمال التجريف والتهديم والتهجير والتهويد، وكأنهم في سباق مصيري مع الوقت، لا يهدرون الوقت إطلاقاً، في الوقت الذي ينشغل فيه الجميع، الفلسطينيون والعرب في هموم أخرى، ففي كل ساعة هناك نشاط عسكري أو استيطاني، وهناك نكبة فلسطينية جديدة.
والحكايات النكبوية الفلسطينية في الأغوار لا حصر لها، ودليل ذلك أن حملة “أنقذوا الأغوار” تطلق صيحاتها على مدار الساعة متوجهة للسلطة وللفصائل ولكافة القوى الأممية الحية، للتصدي لمحاولات الاحتلال تهجير أهالي منطقة الأغوار بالضفة الغربية المحتلة من بيوتهم وأراضيهم، وذلك ليس عبثاً، فحسب أحدث تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، فإن سياسة التخطيط وتنظيم الأراضي التي تتّبعها سلطات الاحتلال في المنطقة (ج) في الضفة الغربية تمنع الفلسطينيين فعلياً من البناء في 99% من أراضي المنطقة المسماة “ج” الخاضعة أمنياً ل”إسرائيل”، ويقول التقرير إنه إضافة إلى منع البناء في نحو 70% من أراضي المناطق المصنفة (ج) تطبق “إسرائيل” في النسبة المتبقية والتي هي 30% سلسلة قيود تلغي عملياً إمكانية الحصول على تراخيص للبناء.
ويضيف التقرير أن السلطات الإسرائيلية لا تسمح، من الناحية الفعلية للفلسطينيين عامةَ بالبناء إلا ضمن الخطة التي صادقت عليها، وهي أقل من 1% من مساحة المنطقة (ج)، ويعيش في المناطق (ج)، حوالي 150.000 فلسطيني فقط من بينهم 27.500 من البدو والرعاة،، بالإضافة إلى أن 87% من الأراضي المُصنفة (ج)، تكاد تكون محظورة على الفلسطينيين، وهي مُخصصة لاستخدام الجيش الإسرائيلي، أو تقع تحت سيطرة المستوطنات الإسرائيلية-/وكالات: 6/7/2012″، وأشار تقرير لمنظمة أوكسفام غير الحكومية إلى أن نحو 9500 مستوطن يهودي في غور الأردن الذي تشكل مساحته 30% من الضفة الغربية المحتلة، يسيطرون المستوطنات على 86% من الأراضي في مقابل 6% للفلسطينيين- وكالات: 5/7/2012″.
وتحدث تقرير فلسطيني صادر عن معهد “أريج” للأبحاث التطبيقية عن”أن إسرائيل تكرس ضم الكتل الاستيطانية الكبرى لضرب الوحدة الجغرافية للدولة الفلسطينية، وأنها تعتزم عزل منطقة الغور التي تشكل 22% من مساحة الضفة الغربية”، وعن خرائط الاستيطان والجدران والتهويد ومناطق العزل والمصادرة، كشف الدكتور جاد إسحاق مدير المعهد النقاب عن “الخطة الإسرائيلية الرامية إلى مصادرة مساحات واسعة من جنوب الضفة الغربية وعزل الجنوب عن الوسط والشمال، إضافة إلى تهويد المدينة المقدسة وإكمال جدار الفصل العنصري بضم أكثر من 14.4% من الضفة الغربية عملياً وعزل أكثر من 38% منها خاصة في الواجهة الشرقية غور الأردن.
وأوضح اسحق “أن مساحة منطقة العزل الشرقية تبلغ 1664 كيلومتراً مربعاً وتمثل 29.4% من المساحة الكلية للضفة الغربية (5661 كيلومتراً مربعاً) وتضم أيضاً 43 مستوطنة إسرائيلية و42 تجمعاً فلسطينياً”، وأشار إلى “إن منطقة العزل الشرقية (منطقة غور الأردن) تقع فوق حوض المياه الجوفية الشرقية التي تؤمن سنوياً ما معدله 172 مليون متر مكعب من المياه، كما تقع منطقة العزل الغربية فوق حوض المياه الجوفية الغربية والشمالية الغربية والتي تؤمن ما معدله 507 مليون متر مكعب من المياه”.
تشكل هذه المعطيات غيضاً من فيض هائل مما يجري في الأغوار الفلسطينية، من تجريف وتهجير للسكان وتهويد وتزييف للتاريخ، ومن سطو مسلح على طريقة الكاوبوي في وضح النهار على الأرض، وهم يغطون كل ذلك بذرائع التوراة والأمن ووجود”إسرائيل”، فنتابع سلسلة اللاءات الإسرائيلية المجمع عليها لديهم في الدولة الصهيونية، ونتابع شروطهم لأي تسوية سياسية محتملة – وليس هناك من أي تسوية في الأفق القريب أو البعيد – وتعتبر منطقة الغور على امتداد نهر الأردن في مقدمة شروطهم، فهم يطالبون ويشترطون البقاء إلى الأبد في غور الأردن متذرعين بالأسباب الأمنية كما هو معروف، غير أن هناك إلى جانبها دائما الأجندات الخفية من استراتيجية وتوراتية – تزييفية – واقتصادية وغيرها.
لم يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي على مدى سنوات حكمه عن الإعلان عن التمسك بمنطقة غورالأردن إلى الأبد، وهو لا يفوت مناسبة إلا ويعلن فيها بقاء “إسرائيل” على امتداد نهر الأردن، ويعززه الإسرائيلي ليبرمان مؤكداً: “استحالة ضمان أمن دولة إسرائيل من دون بقاء تواجد إسرائيلي في منطقة غور الأردن”، واصفاً غور الأردن بـ “المفتاح لمنطقة تل أبيب الكبرى وبأهم مانع تمتلكه إسرائيل حيال التهديدات التي تواجهها”.
فان كانت الأغوار مفتاح تل أبيب الكبرى، فهي مفتاح الضفة الغربية والمدينة المقدسة للفلسطينيين والعرب، وما يجري في الأغوار مؤشر واضح على النوايا الصهيونية بالبقاء هناك إلى الأبد، ما لم ينتفض الفلسطينيون والعرب على نحو حقيقي في مواجهة هذه المخططات والمشاريع والنوايا الصهيونية.
[email protected] 
صحيفة العرب اليوم الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات