ماذا تستطيع موسكو عمله للفلسطينيين؟

بسبب خطورة مخططات الحكومة الإسرائيلية لتقويض حل الدولتين ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وتطويق القدس الشرقية وعزلها عن باقي الأراضي الفلسطينية، قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية دعوة مجلس الأمن الدولي إلى عقد «اجتماع عاجل» لمناقشة تصاعد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
من جانب آخر أجلت قيادة عباس ــ على ما يبدو ــ اللقاء مع موفاز إلى أجل غير مسمى، رداً على إعلان حكومة نتانياهو عن إقامة وحدات استيطانية جديدة.
التأكيد الروسي خلال زيارة رام الله مؤخراً على ضرورة ربط التسوية بالمفاوضات ينبغي أن يعيد الاعتبار للمطالب التي تقدم بها الجانب الفلسطيني من أجل أن تكون هذه التسوية ناجحة من خلال دعم هذه المطالب.
وقد ورد بعضها في بيانات عدة للجنة الرباعية، ومن موقع الحرص على علاقات إيجابية بين الشعبين الفلسطيني والروسي من الضروري أن تدعم موسكو هذه المطالب وخاصة فيما يتعلق بالاستيطان وتحديد مرجعية المفاوضات بما يقطع الطريق على السياسات التوسعية الإسرائيلية، فمن شأن ذلك أن يعزز فرص الوصول إلى التسوية الشاملة والمتوازنة،ولذلك فإن موقفاً روسياً واضحاً وصريحاً بهذا الخصوص سيكون له صدى إيجابي على مواقف الاتحاد الأوروبي وبالتالي على مواقف اللجنة الرباعية الدولية من زاوية الضغط على موقف واشنطن بهذا الخصوص.
من جانب آخر، تستطيع موسكو من موقعها كدولة كبرى أن تشعر الجانب الإسرائيلي بشكل مباشر بأن الطريق الذي يسير فيه بشأن التسوية طريق مسدود لأنه لا يستجيب إلى الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية، وسيبقى بالتالي الصراع متأججاً وفي ذلك استدامة لمظاهر التوتر في المنطقة وهو ما يتعارض مع تحقيق المصالح المشتركة لدول كثيرة من بينها بالتأكيد روسيا.
سبق لموسكو أن دخلت على خط جهود المصالحة الفلسطينية واستضافت لقاءات فلسطينية بهذا الخصوص مما يجعلنا ندعو إلى مواصلة هذه الجهود وتعزيزها مع جميع الأطراف ذات الصلة، ونرى في ذلك رسالة قوية إلى أطراف عدة من بينها واشنطن وتل أبيب بأن استعادة الوحدة الفلسطينية مطلب دولي أيضا ويشكل رداً على تهديدات كثيرة سابقة من قبل “إسرائيل” والولايات المتحدة في حال تم إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بمشاركة جميع مكونات الحالة الفلسطينية.
كما يمكن لموسكو أن تلعب دوراً مؤثراً بصيانة الحقوق الوطنية الفلسطينية على الصعيد الدولي خاصة أنها من الدول الأساسية التي ساهمت بإصدار قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومن بينها القرار الدولي 194 الذي يكفل للاجئين الفلسطينيين حقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها، في الوقت الذي نشهد فيه محاولات أميركية متصاعدة لشطب هذا الحق وتصفية وكالة الغوث الدولية (الأونروا) عبر تعريفات مستجدة لمفهوم اللاجئ الفلسطيني تقصرها على الجيل الذي عاش في فلسطين وخرج منها إبان النكبة.
إن دولة كبرى مثل روسيا الاتحادية هي من تصوغ سياساتها ربطاً بمصالحها الاستراتيجية، لكن ما نتحدث عنه هنا ينطلق من العلاقات التاريخية التي ربطت بين شعوب المنطقة وخاصة الشعب الفلسطيني مع الشعب الروسي خلال فترات مديدة، كما أنها مطالب تنطلق مما أجمع عليه المجتمع الدولي بخصوص حقوق الإنسان وفي المقدمة حق تقرير المصير للشعوب.
ما يجعلنا نرفع من مستوى توقعاتنا بشأن الموقف الروسي على جبهة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي هو أن موسكو قطعت مراحل وخطوات على طريق ترتيب أوضاعها الداخلية على المستوى الاقتصادي والعسكري تحديداً وهو ما يمكنها ــ من وجهة نظرنا ــ لأن تمتلك حرية أوسع في التحرك على هذه الجبهة، وهي تدرك أن خطوات إيجابية من قبلها على هذا الصعيد تشكل المفتاح السياسي لاستعادة دورها في المنطقة ربطا للمصالح المشتركة مع شعوبها وفي المقدمة المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني وتحقيقها من خلال تسوية متوازنة وشاملة. وهذا يجعلنا نؤكد مجدداً على ضرورة استعادة اقتراح المؤتمر الدولي بما يلغي هيمنة الولايات المتحدة و”إسرائيل” على مستقبل التسوية السياسية.
صحيفة الوطن القطرية