الأحد 11/مايو/2025

قرار لاهاي – بيضة من ذهب..!

قرار لاهاي – بيضة من ذهب..!

كلما يستحضر قرار محكمة لاهاي الدولية بشأن الجدار الصهيوني، نسمع الدكتور أنيس فوزي قاسم الخبير في القانون الدولي والذي كان له باع طويلة في إعداد وتعميم ملف الجدار وتداعياته النكبوية يقول: كان القرار بمثابة بيضة من ذهب لم يستغلها الفلسطينيون والعرب..!
قرع الدكتور أنيس الجرس مرات ومرات لكن لا حياة لمن تنادي..؟!
واليوم، نجد أنفسنا أمام الذكرى الثامنة لقرار لاهاي الدولية بشأن جدار الفصل والعزل والتهويد الصهيوني في عمق جسم الضفة الغربية، لنذكر وندق الأجراس..!
فنحن من جهة أمام جدار صهيوني يهدف إلى تمزيق أوصال الضفة والقدس وإلى تدمير مقومات الصمود والاستقلال أيضاً..!
ونحن من جهة أخرى أمام قرار دولي بمنتهى الأهمية الاستراتيجية يطالب الاحتلال بإزالته..!
فلماذا إذن لم تسر الأمور بالاتجاه الصحيح نحو تفكيك الجدار…؟!
إسرائيلياً- لا جدال بادئ ذي بدء بان “إسرائيل” كعادتها ومنهجيتها تضرب بعرض الحائط وبمنتهى الاستخفاف والتحقير ليس فقط بقرار العدل الدولية، بل وبكل القرارات المنتظرة من الجمعية العامة وغيرها من الهيئات الدولية، كما أنها تعتبر نفسها فوق المحكمة وفوق القانون الدولي، وأنها “ستواصل بناء الجدار مهما كانت القرارات الدولية “- كما يجمع جنرالات “إسرائيل”، وانه ليس من حق أي دولة في العالم أن تحتج على الجدار” – كما أعلن وزير حربهم السابق الجنرال شاؤول موفاز.
فلسطينياً- يجمع الفلسطينيون وعلى نحو خاص نخبة من الباحثين والمحللين والأكاديميين يضاف إليهم عدد من المنظمات وجمعيات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية والدولية، على أن الجدار من اخطر الإجراءات الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية، وأنه يشكل نكبة فلسطينية أخرى، ويسبب معاناة هائلة للشعب الفلسطيني، ويدمر مقومات الاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية، فضلا عن انه يقطع أوصال الجسم الفلسطيني جغرافيا وسكانيا إلى كانتونات وجيوب عنصرية، ويعتقل الفلسطينيين في معسكرات اعتقال نازية وغير ذلك الكثير؟!
أما أممياً- فكان من ابرز واهم الايجابيات التي اشتمل عليها قرار محكمة العدل الدولية من ضمن ما اشتمل انه سحب البساط الدولي تماما من تحت أقدام دولة الاحتلال الإسرائيلي، ونزع كل الأقنعة التمويهية عن الوجه الحقيقي لتلك الدولة، باعتبارها دولة احتلال تقوم بانتهاك كل القوانين والمواثيق الدولية وتدوس عليها بقسوة وبلطجة لم تحصل عبر التاريخ.
وقد اعتبر القرار أهم انتصار / إنجاز قضائي / عدلي / شرعي / أخلاقي / معنويا وسياسيا لصالح الفلسطينيين والعرب في معركتهم الدولية ضد الجدار والمستوطنات والاحتلال.
واعتبر من جهة أخرى أهم وأقوى ورقة / سلاحاً شرعياً دولياً بأيدي الفلسطينيين والعرب.
كما أنه – أي القرار – هيأ آنذاك الأجواء الدولية لمعركة دبلوماسية / سياسية أخرى في الأمم المتحدة..!
فالقرار كان واضحا قاطعا قويا.
و”إسرائيل”غدت عارية وبلا أقنعة ذرائعية مزيفة.
فالأراضي محتلة.. والجدار غير قانوني بالقطع.
و”إسرائيل” تقترف الانتهاكات والجرائم.
والموقف الفلسطيني / العربي في قضية الجدار كان قوياً ومرتاحاً.
وإجماع الفلسطينيين هناك على إزالة وتهديم الجدار وكذلك على التعويضات عن الأضرار.
ونتساءل هنا في ضوء كل ذلك ببالغ الدهشة: طالما أن الأصل في قرار لاهاي الدولية هو اعتبار الجدار غير شرعي وان على “إسرائيل” أن تزيله- إذن لماذا لم ولا تعمل الأمم المتحدة على إجبار “إسرائيل” على إزالته- وتعويض الفلسطينيين، فالمحكمة الدولية طالبت في قرارها “إسرائيل” بتفكيك الجدار وتعويض الفلسطينيين المتضررين منه..؟!
لذلك نقول: غريبة عجيبة غير مستوعبة بعض وجهات النظر والمواقف الفلسطينية والعربية التي استخفت في حينه ولا تزال بمعركة الجدار وقرار محكمة لاهاي الدولية، وسخفت من شأنها واعتبرتها صغيرة وهامشية ولن تغير على الأرض شيئاً، وأنها تختزل القضية والحقوق الفلسطينية في قضية الجدار فقط، وأن المعركة الفلسطينية أكبر بكثير من الجدار، وأن “إسرائيل” لن تلتزم في النهاية بتوصيات المحكمة كما فعلت إزاء مئات القرارات والتوصيات الدولية الأخرى.
لكل هذه الحقائق والمعطيات نتساءل ويتساءل كل فلسطيني وعربي بعد ذلك:
إذن كيف يمكن إجبار “إسرائيل” على الالتزام وعلى التنفيذ وعلى تفكيك الجدار.. ولاحقا المستعمرات الصهيونية وبالتالي الرحيل رحيلاً استراتيجياً عن الأراضي المحتلة وفي مقدمتها المدينة المقدسة؟!!
سؤال استراتيجي يتنفس بقوة في كافة المحافل والدوائر والمستويات الفلسطينية والعربية الرسمية والشعبية..!
والكرة تبقى في الملعب الفلسطيني والعربي، ولا يسقط القرار بالتقادم والإهمال، فمعركة الجدار/ النكبة لا يجوز أن تنسى وتسقط هكذا كما سقط غيرها، كونها تحظى بغطاء محكمة العدل الدولية، وهذه سابقة تاريخية لم تحصل فيما يتعلق بالقضايا والحقوق الفلسطينية/ العربية.  
[email protected]
 صحيفة العرب اليوم الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات