عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

فرحت فلسطين وحزنت (إسرائيل)

محمود صالح عودة

سأكون صريحًا معك؛ لو قلت لي قبل عام ونصف العام عندما زرت مبارك إنّ الإسلاميّين سيستولون على السلطة لقلت إنّك مجنونة. لم يتوقّع ولم يحلم أحد بهذا، ما توقّع هذا أيّ رجل مخابرات ولم يتمّ التخطيط وإجراء الحسابات لهذا اليوم.

ذكر هذا عضو الكنيست الإسرائيليّ بنيامين بن إليعيزر ، أحد أركان العلاقات الإسرائيليّة بنظام مبارك وصاحب المقولة الشّهيرة “مبارك كنز استراتيجيّ لإسرائيل” بنبرة تشاؤميّة في مقابلة مع قناة الكنيست الإسرائيلي هذا الأسبوع. كما ذكر في ذات المقابلة أنّه على الجيش الإسرائيلي الاستعداد لمواجهة عسكريّة مع مصر في المستقبل.

ما خفّف من قلق بن إليعيزر وغيره من الإسرائيليّين المختصّين بالشؤون العربيّة هو المجلس العسكريّ في مصر، فقد أبدى المذكور وغيره ارتياحهم لعمليّة سلب السلطات التي قام بها المجلس العسكريّ من الرئيس المنتخب، ويرى مع غيره أنّ العمليّة تلك بمثابة حماية لأمن إسرائيل القوميّ.

لقد دخل محمّد مرسي قصر الرئاسة مكبّلاً من المجلس العسكري إثر الانقلاب الذي قام به الأخير من خلال سلسلة إجراءات مهينة بحقّ الشعب المصري وإرادته الحرّة، وإن كان مرسي والإخوان لم يطلقوا شعارات وتهديدات ناريّة ضدّ إسرائيل والغرب، وسعوا لطمأنة الجميع في وضع حسّاس للغاية، وأعلنوا أنّهم سيحترمون الاتفاقات الدوليّة بما فيها كامب ديفيد – مع ختمها بـ”ولكن” في معظم الحالات وإبدائهم معارضتها أصلاً – إلّا أنّه يبدو أنّ إسرائيل وأمريكا لم يطمئنّوا لكلام الإخوان الذين يسعون لإنجاح تجربتهم الأولى في حكم مصر، وجاء الأمر من البيت الأبيض للمجلس العسكريّ الذي يتلقّى المليارات من الإدارة الأمريكيّة لتكبيل الرّئيس المنتخب والضغط عليه، في محاولة لإدخاله “بيت الطاعة” الصّهيو-أمريكي مستقبلاً ووضعه أمام أمر واقع، مع الكذب العلنيّ باحترام الشعب وخياره الديمقراطيّ.

فاستمرار الرشاوى الأمريكيّة للعسكر المصريّ المسمّاة زورًا بـ”المعونات” خير دليل على موقف أمريكا الحقيقيّ من التحوّل الديمقراطيّ في العالم العربي والإسلاميّ وفي مصر تحديدًا، بالرغم من كلامهم المعسول، ولم تكن تلك الرشاوى لعيون المصريّين بل لعيون الإسرائيليّين وأمنهم، الذين يرون في المجلس العسكريّ في مصر أملهم الوحيد في الظرف الحالي.

لقد دخل محمّد مرسي – أعانه الله – مرحلة البلاء الأكبر بفوزه بمنصب رئيس الجمهوريّة في أكبر دولة عربيّة وتحمّله مسؤوليّة أكثر من 85 مليون مواطن يبحثون عن رغيف الخبز، والعمل، والتأمين الصحّي المناسب، ورفع مستوى التعليم ومطالب أساسيّة أخرى، بعد أن كان في صفّ المعارضة طوال حياته مع الشرفاء من أبناء مصر.

لقد فرحت فلسطين وحزنت إسرائيل بفوز مرسي، ولكن الثورة ما زالت في بدايتها، لا سيّما وأنّ الرئيس المصريّ الجديد ما زال لا يملك صلاحيّاته كاملة، وما زالت أمامه تحدّيات جسام وعلى رأسها إعادة المجلس العسكريّ المدعوم أمريكيًا إلى موقعه الطبيعيّ وقطع نفوذه السّياسيّ على مستوى الدّاخل والخارج، وبذلك يكتمل إلى حدّ بعيد التعبير الحقيقيّ عن الإرادة الشعبيّة التي طالما حاربتها قوى الاستكبار والاستعمار. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات