حرق المساجد

كانت هناك حاجة إلى جهد حتى تجد في الصحف الإسرائيلية خبراً عن حرق مسجد قرية جبع، بين مدينتي رام الله والقدس المحتلتين، قبل فجر يوم الثلاثاء الماضي. فأصلاً، خبر هذه الجريمة الإرهابية لم يأخذ حيزاً في وسائل الإعلام الالكترونية في نفس اليوم، والحال لم يكن أفضل في صحف اليوم التالي.
وهذا ليس مجرد عنصرية، بل أخطر منها؛ إنه تأقلم المجتمع الإسرائيلي مع الإرهاب. ولا غرابة في ذلك، لأن رد فعل كبار ساسة “إسرائيل” كان متجاهلاً أكثر. منذ أكثر من أسبوعين، أنذر عدد من قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، من مخابرات وجيش، بأن موجة اعتداءات جديدة ستشنها عصابات المستوطنين الإرهابية، على خلفية قرار حكومة الاحتلال إخلاء خمسة مبان في بؤرة استيطانية، لكونها مبنية على أرض فلسطينية بملكية خاصة، رغم أن حكومة بنيامين نتنياهو أعلنت فورا عن بناء 850 بيتاً استيطانياً جديداً في الضفة الغربية المحتلة، بدلاً من المباني الخمسة.
وأكثر من هذا، فقبل أسبوعين، تحدثت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن أن نتنياهو التقى بقادة احتياط ومتقاعدين، من أجهزة أمنية وعسكرية مختلفة، وممن يُعتبرون خبراء في عدة مجالات، وحملوا له رسائل تحذير من استفحال جرائم العصابات الإرهابية، وحذروه بشكل خاص من شن اعتداءات على المساجد، ولكن بالأخص “على مسجد كبير ذي أهمية”.
حسب وصف الصحيفة، فإن نتنياهو لم يعر الاجتماع والمجتمعين الاهتمام المطلوب. ولكن حينما سمع عن هذا الاحتمال ثار اهتمامه، وشرع يطرح أسئلة، وكل واحد منا يستطيع تخيل أي “مسجد كبير” هذا الذي له مكانة كبيرة في الضفة الغربية المحتلة. وفي خلفية هذه التحذيرات، موجة الاعتداءات الإرهابية التي وقعت خريف العام الماضي، وطالت عدداً من المساجد، ومنها واحد في مناطق 1948، وأيضا كنيسة في القدس المحتلة. وتنوعت الاعتداءات من حرق ومحاولات حرق وتدنيس. ولكن منذ تلك الفترة وحتى اليوم، لم يتم اعتقال أي إرهابي، رغم التقارير التي كانت تتحدث عن أن هوية أو أوكار الجناة معروفة جيداً للأجهزة الأمنية. وآخر شيء يمكن لنا أن نصدقه، هو أن الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية عاجزة عن معرفة المتورطين في كل واحدة من هذه الجرائم. بمعنى أن نوايا الإرهاب كانت معروفة سلفاً، وفي جولات سابقة كانت تتحرك الأجهزة الإسرائيلية لاتخاذ خطوات وقائية ضد عصابات الإرهاب، حينما كان هذا حاجة إسرائيلية، ولكن “إسرائيل” اليوم ليست فقط غير معنية، بل باتت تتأقلم مع هذا الإرهاب المستفحل، وحتى إنها تُدرجه في إطار “حرية التعبير!” و”حرية العمل السياسي!”، وإلا كيف من الممكن أن نفسر رفض النيابة تقديم لائحة اتهام ضد حاخامات أصدروا كتاباً يتضمن فتاوى دينية يهودية بقتل العرب وأطفالهم وأبنائهم، باعتبار أنه لا يمكن إثبات الإدانة، لأن الفتاوى مأخوذة من توراتهم؟!
والخطورة لم تتوقف عند ظاهرة استفحال العنصرية والإرهاب المحمي من المؤسسة الحاكمة، ولا من تمدد عصابات الاستيطان الإرهابية في كافة أروقة الحكم، بل باتت هذه الخطورة تكمن أيضاً في أن هذه الأجواء انحدرت إلى كافة زوايا الشارع الإسرائيلي. وتُثبت الصحافة الإسرائيلية مرّة أخرى أنها في هذه القضية كغيرها، مجنّدة تماماً للمؤسسة الحاكمة؛ فنحن نعرف كيف تستطيع الصحافة ووسائل الإعلام الإسرائيلية إثارة قضية وإخمادها بكبسة زر.
إن دور وسائل الإعلام الإسرائيلية في موجات الإرهاب الاستيطانية واليمينية العنصرية المتصاعدة، هو تعميق روح البلادة في الشارع الإسرائيلي. ولكن ما يعرفه الإسرائيليون جيداً، وأكثر منا، هو أن عصابات الإرهاب هذه، بطابعها المتزمت الدموي والشرس، لن تقف عند هذا الحد، وبات منظوراً اليوم الذي سيمتد فيه حريق هذا الإرهاب إلى داخل الشارع الإسرائيلي؛ فهذه العصابات وحينما كانت قبل سنوات صغيرة و”هامشية”، نفذت وحاولت تنفيذ اغتيالات سياسية ضد ساسة إسرائيليين، فكيف سيكون الحال في المستقبل القريب وهي أشد شراسة وقوة؟
[email protected]
صحيفة الغد الأردنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تهنّئ البابا ليو الرابع عشر لانتخابه رئيسًا للكنيسة الكاثوليكية
المركز الفلسطيني للإعلام تقدّمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأصدق التهاني والتبريكات إلى البابا ليو الرابع عشر، بمناسبة انتخابه رئيسًا للكنيسة...

الحصاد المر لـ 580 يومًا من الإبادة الجماعية في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشر المكتب الإعلامي الحكومي ينشر تحديثاً لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية...

رامي عبده: خطة المساعدات الأميركية الإسرائيلية أداة قهر تمهد لاقتلاع السكان من أرضهم
المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إن الخطة الأميركية‑الإسرائيلية التي تقضي بإسناد توزيع مساعدات محدودة...

قتلى وجرحى بتفجير القسام مبنى بقوة من لواء غولاني في رفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قتل عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخرين في رفح، اليوم الخميس، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فيما قالت كتائب...

شهيد وجرحى في سلسلة غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن لبناني وجرح آخرون، في سلسلة غارات شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على جنوبي لبنان، اليوم الخميس، على ما...

حصيلة الإبادة ترتفع إلى أكثر من 172 شهيدا وجريحا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الخميس، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 106 شهداء، و367 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

الادعاء الروماني يحيل شكوى ضد جندي إسرائيلي إلى النيابة العسكرية
بوخارست - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مؤسسة “هند رجب” أن المدعي العام في رومانيا أحال الشكوى التي تقدمت بها المؤسسة ضد جندي إسرائيلي إلى مكتب...