السبت 10/مايو/2025

حروب الانترنت

حروب الانترنت

الواضح أن وسائل الإعلام المختلفة تتحول من يوم إلى يوم، من مكانتها ودورها كسلطة رابعة بعد التشريعية والتنفيذية والقضائية، إلى السلطة الأولى، إذ يتبين لنا أن بقدرتها أن تصنع الأحداث والخرائط، وأن تهدم وأن تبني، وأن تقلب الحقائق رأساً على عقب، وأن تحول الحق إلى باطل والباطل إلى حق، ففي هذا الزمن الفضائي، تنتقل وسائل الإعلام إلى مرتبة متقدمة جداً من حيث دورها الاستراتيجي في التأثير على الرأي العام، بل وفي صناعة رأي عام حول قضية محددة، فتحولت هذه الوسائل عملياً لتلعب دوراً حربياً ونفسياً بارزاً.
في الحروب العربية الصهيونية، كان للإعلام الإسرائيلي والغربي المتأسرل دور خطير في الحرب النفسية والمعنوية، وفي صناعة الأخبار والأحداث وفي حسم الأمور والمعارك…ألخ، وقد تطور هذا الدور مع تطور وتقدم التكنولوجيا وأدوات الإعلام التي يحتل الانترنت في هذه الأيام ذروتها.
فلم يغفل الإسرائيليون بدورهم دور الإنترنت في الحرب الإعلامية ضد الفلسطينيين واللبنانيين والعرب، ويعتبرون أن للإنترنت تأثيراً كبيراً لا يمحى على الرأي العام العالمي، وتعتبر مصادر إعلامية إسرائيلية” أن رياح الحروب الأخيرة التي شهدتها “إسرائيل”، إنما فعلت خيراً للإنترنت العبري، حيث قفزت المواقع الإخبارية الإسرائيلية إلى الأمام – عن ملحق عسكيم / صحيفة معاريف “، وذهبت المصادر الإعلامية الإسرائيلية إلى رفع شأن ودور الإنترنت مستقبلاً، حيث قالت: “إننا نشهد الآن بديلاً حقيقياً لوسائل الإعلام التقليدية في وقت الضائقة”.
واعتبرت المصادر ذاتها “أن الحرب الإعلامية – تركت بصماتها الكبيرة على المواقع الإخبارية الإسرائيلية على شبكة الإنترنت، حيث تعلّمت هذه المواقع كيف تعمل تحت النار، باعتبارها عنصراً إخبارياً وحيداً في الميدان من حيث بثها التقارير الإخبارية الساخنة بسرعة فائقة”.
وفي السياق نفسه أكد تقرير آخر نشرته معاريف العبرية على الدور الحربي الذي تضطلع به شبكة الإنترنت العبرية، حيث جاء في التقرير: “أن على كل من لم يتجند حتى الآن للجيش الإسرائيلي وفقاً للأمر العسكري رقم –8- ، عليه أن يعتبر نفسه مجنداً وفقاً للأمر نفسه في الحرب الإعلامية.. إذ علينا أن لا نقول إن إعلامنا سيئ، بل علينا أن نعمل بأنفسنا من أجل مساعدة وإسناد المعركة الإعلامية الإسرائيلية”، ودعت المصادر الإعلامية الإسرائيلية في هذا الإطار إلى “تدمير مواقع العدو على الإنترنت”.
وبينما نقرأ تلك الدعوة الإسرائيلية لتدمير مواقع العدو كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية النقاب عن:
“أن شبكات الإنترنت الإسرائيلي واجهت مئات محاولات التسلل والقصف الإلكتروني قام بها فلسطينيون ولبنانيون وعرب في أنحاء العالم، وكان من ضمن المواقع التي هوجمت، مواقع تابعة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي”.
بينما أكدت مصادر إعلامية إسرائيلية لاحقاً: “أن الحرب الدائرة بين المواقع الإسرائيلية والعربية على الإنترنت تتفاقم، حيث قام أنصار حزب الله بقصف مواقع إسرائيلية مهمة على شبكة الإنترنت، منها مواقع تابعة للكنيست، وحركة الليكود، ووزارة الخارجية الإسرائيلية، وكذلك مواقع تابعة للجيش الإسرائيلي “بينما نجح الهكرز السعودي على سبيل المثال في اقتحام وتدمير شبكات الانترنت لعشرات المؤسسات الإسرائيلية البنكية والعسكرية وغيرها.
وفي سياق حرب الانترنت، ” تمكّن “هكر” فلسطيني من الدخول لعشرات المواقع الإسرائيلية، وأن يزرع فيها الكثير من العناصر والرسائل المعادية للصهيونية، وقد تسبب بضرر يُقدّر بمئات آلاف الشواكل”، وعلى سبيل المثال، فقد استطاع الهكر الفلسطيني اختراق “موقع القادمين الجُدد من الأرجنتين في إسرائيل”، والذي يُعتبر من المواقع المهمة في “إسرائيل”، ووضع فيه صورة العلم الإسرائيلي وهو يحترق، بالإضافة إلى عبارات وأفلام قصيرة تُوضح أن الحركة الصهيونية حركة غير قانونية”.
كما وضع الهكر الفلسطيني على “موقع القادمين الجُدد”، قطاعاً طويلاً من الصور لأطفال فلسطينيين أُصيبوا في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وأشارت صحيفة إسرائيل اليوم إلى “أن هذا الهكر اخترق مواقع إنترنت إسرائيلية أخرى، مثل موقع نقابة الصحافيين في إسرائيل، ومواقع أخرى”، وذكرت “أن الهكر سار قدما واستطاع أن يُسقِط شبكة تُخزِّن 40 موقعاً آخر، وأحدث فيها أضراراً كبيرة جداً”.
وقبلها خاض مهندسون من غزة والضفة الغربية، معارك إلكترونية لتثبيت اسم فلسطين على الشبكة العنكبوتية رداً على حذفها من مواقع إلكترونية أخيراً، مثل موقع ” ياهو” الشهير، فقد أقدم موقع ” ياهو” على حذف اسم فلسطين أو الأراضي الفلسطينية من الخريطة الجوية للموقع بعد تحديثه، واستبدال القدس بـ” أورشاليم”، وهو ما أثار استياءً فلسطينياً وعربياً، واستتبع مخاطبات فردية وجماعية عربية إلى إدارة الموقع، ما يُذكِّر بما حصل مع موقع ” فيس بوك”، الذي حذف اسم فلسطين، قبل أن يعيد تثبيته”.
ونقل موقع (قضايا مركزية) الإسرائيلي الإخباري على الشبكة العنكبوتيّة، عن رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق، يوفال ديسكين، تحذيره من الأخطار الكبيرة التي قد يلحقها قراصنة الحاسوب العرب بالدولة العبريّة، معتبرا “أن ما يحدث اليوم قد ينذر بما أسماها بالحرب الإرهابية الواسعة على إسرائيل، ووسائل الحماية والجهود المبذولة اليوم لا ترتقي لحجم ما قد تواجهه إسرائيل في المستقبل”، واعترف بان “الدولة العبرية تتعرض لـ 1000 هجوم إلكتروني في الدقيقة الواحدة”.
فلعبة الإنترنت غدت في ظل حروب “إسرائيل” المتواصلة – لعبة إعلامية حربية بكل معنى الكلمة ..!
ومساحة هذه اللعبة الحربية بلا حدود أو سقوف، بل هي مساحة مفتوحة يستطيع الفلسطينيون والعرب أن يحققوا فيها هواجس ديسكين المرعبة لــ “إسرائيل”.
[email protected] 
صحيفة العرب اليوم الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...