الثلاثاء 13/مايو/2025

إصلاح المنظمة.. حقيقة أم وهم؟

إصلاح المنظمة.. حقيقة أم وهم؟

هل يمكن أن تستعيد منظمة التحرير الفلسطينية ما فقدته من رصيدها الوطني والأممي؟ بالعودة إلى الجذور يمكن القول إن المنظمة لم تحقق ذلك الرصيد إلا من خلال أمرين، استقلالية القرار الوطني الفلسطيني وخيار المقاومة، الأمر الأول لم تكتمل شروطه، حيث كانت الخلافات العربية- العربية تنعكس بوضوح داخل أروقة المنظمة، لكن ذلك لم يمنع من الوصول إلى قواسم وطنية مشتركة وبرنامج وفاق وطني في ظل وجود الميثاق الوطني الفلسطيني، والإجماع الفلسطيني على التمسك الثابت بالمقاومة بكافة أشكالها لتحقيق شعار التحرر الوطني الفلسطيني، وعبر هذين الشرطين الوطنيين تحقق للمنظمة حضورها الوطني والأممي واستطاعت أن تفرض نفسها كرقم صعب لا يمكن لأي حل يهدف لتحقيق تسوية سياسية شرق أوسطية تجاوزه، ومن هنا بدأت المحاولات الصهيونية لتصفية البنية التحتية للمنظمة عسكريا، والمحاولات الأميركية- الصهيونية لاحتوائها سياسيا، وقد نجحت هذه المحاولات بتوقيع اتفاقيات أوسلو واستبدال المفاوضات العبثية الماراثونية العقيمة بالكفاح المسلح وخيار المقاومة، بل وتجريد فصائل المقاومة من بندقية الثائر، والتنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني من خلال أجهزة دايتون الفلسطينية في ملاحقة واعتقال كل المتمسكين بخيار المقاومة.
وبحدوث هذه الفتنة وفي ظل اختطاف المنظمة من قبل قيادة تقليدية مارست الإقصاء والتهميش للرأي الآخر، فقدت المنظمة قرارها الوطني المستقل الذي كان يشكل محصلة إجماع وطني على قواسم سياسية مشتركة على رأسها خيار المقاومة، وتقزمت المنظمة من بعدها الامتدادي في الوطن الفلسطيني والمنافي القسرية التي تشتت فيها الشعب الفلسطيني، لتغدو مجرد سلطة لم يمنحها الكيان الصهيوني الصهيوني أكثر من صلاحيات بلدية مقيدة من قبل الاحتلال ومحاصرة المنافذ ومبعثرة الأجزاء سواء بالحواجز أو الأسوار الواقية أو المستوطنات، الأمر الذي أفقد المنظمة هيبتها الأممية وحضورها السياسي العربي والدولي، وأفرغها من بعدها التمثيلي للشعب الفلسطيني في كافة مناطق تواجده وبمختلف انتماءاته السياسية، .. فهل تيقظت القيادة التقليدية لما وصلت إليه المنظمة من وهن في ظل مراهناتها على التسوية التفاوضية مع الاحتلال؟ ما نأمله أن يكون ذلك هو الهدف الرئيسي لتلك القيادة من وراء القبول مؤخرا بتوافق وطني لإعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني الذي يشكل ديمقراطيا السلطة العليا لقرارات المنظمة على أساس التمثيل النسبي لكافة الفصائل الفلسطينية خلال اجتماع عقد مؤخرا في عمان، مع ظلال تحفظات من رغبة السلطة باستخدام هذا التوجه كورقة ضغط تفاوضية، وللهروب من واقع الفشل التفاوضي من خلال دغدغة مشاعر الخصوم بأوهام حول الإصلاح الشامل، إلا أن التعنت الصهيوني ومواصلة مشاريع الاستيطان الصهيونية العنصرية والرد على دبلوماسية الرسائل التي أطلقها الرئيس عباس بعنجهية واستكبار صهيوني يرجح مصداقية التوجهات الوحدوية التوافقية الإصلاحية الفلسطينية التي باتت أكثر ضرورة في ظل استمرار السياسات والممارسات العنصرية الصهيونية.
صحيفة الوطن القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات