من النهر إلى البحر فقط…!

في أحدث تصريحاته وأهمها وعلى وقع النكبة ووجعها قال وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك “إنّ إسرائيل تسعى إلى ضم مستوطنتي “عوفرا وبيت إيل” القريبتين من مدينة رام الله في أي حل مستقبلي ولكنه أضاف متبجحاً: “إن دولة إسرائيل ستكون فقط بين نهر الأردن والبحر المتوسط” إذا أي حل مستقبلي يريده باراك و”إسرائيل” تتمدد حتى نهر الأردن…?!
وفي حكاية “من النهر إلى البحر” هناك على ما يبدو إجماع سياسي أمني إسرائيلي أحياناً يكون صامتا وأحياناً يعلنونه كما فعل باراك فهم من جهة يتحدثون على مدار الساعة عن السلام ولكنهم من جهة ثانية يهدفون إلى كسب الوقت وبناء المزيد والمزيد من حقائق الأمر الواقع على الأرض.
ولعل حكاية” من النهر إلى البحر” هي الأجندة الحقيقية لدى قيادات الاحتلال وعليه إن كان أحد من المفاوضين الفلسطينيين أو العرب يتحدث عن إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية فعليه أن يستيقظ ويفكر بخيارات وأوراق أخرى فالتسوية مستحيلة مع احتلال يجمع على تخليد الاحتلال….!
وباراك هنا لا يتفرد في موقفه هذا فقط كان شارون ينطلق في حروبه من مزاعمه الأيديولوجية المتعلقة ب”أرض إسرائيل من البحر إلى النهر” وبـ “أن من حق اليهود الاستيطان في كل مكان” و”أن من حقهم بالتالي الدفاع عن أنفسهم في مواجهة العماليق الأشرار” كذلك أولمرت الذي اثبت انه لا يقل تشددا وتطرفا ودموية وتمسكا بالثوابت الصهيونية التقليدية عن سلفه البلدوزر ولعل تلك التصريحات التي أدلى بها أمام “مؤتمر نوبل للسلام – البتراء 2006” الذي عقد في وادي موسى جنوب الأردني 2006/6/22 إنما عبر فيها أبلغ تعبير عن كل هذه المضامين التي نتحدث عنها التي تشكل في الحصيلة الاستراتيجية الخلفية والمنطلقات الأيديولوجية لحروب أولمرت التي توجت بـ “أمطار الصيف” فعندما سئل أولمرت في المؤتمر عن حجم الاستعداد للتنازل الإقليمي قال “نحن الإسرائيليين اليهود جازمون أن أرض “إسرائيل” التاريخية من نهر الأردن إلى البحر/الأبيض المتوسط/ هي أرضنا وتراثنا ونحن اليهود نملك الحقوق التاريخية..الآثار في الأرض لليهود وليس للفلسطينيين”.
أما عن رئيس وزرائهم الحالي نتنياهو فقال في جلسة للحكومة بعد عودته من قمة في واشنطن انه “من أجل الوصول إلى حلول عملية سيتعين علينا التفكير بحلول جديدة للمشاكل القديمة” ودعا إلى تعلم دروس الـ 17 سنة من المفاوضات الفاشلة والشروع في التفكير في النزاع “من خارج العلبة” بشكل أصيل وإبداعي و”بطرق جديدة”.
والتفكير في حل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني “من خارج العلبة” هو التفكير من خارج “حدود “إسرائيل” الغربية” ويقصد نتنياهو: دولتان للشعبين نعم ولكن ليس بين نهر الأردن والبحر المتوسط تقسيم الأرض نعم ولكن ليست قطعة الأرض الصغرى التي انشغلوا فيها على مدى 17 سنة من المفاوضات الفاشلة الحل يجب أن يتناول أرضاً أوسع بكثير التسوية يجب أن تكون إقليمية وكل تفكير آخر هو تفكير يبقى داخل ذات العلبة المغلقة والمستعملة التي يسعى نتنياهو إلى التخلص منها – كما كتبت أمونا ألون في”إسرائيل اليوم15/9/2010″.
ولذلك نقول إن الأصل في قراءة احتمالية نجاح المفاوضات والتسوية هي العودة دائما إلى قراءة أدبياتهم وأجنداتهم السياسية والأيديولوجية على حقيقتها فالأصل في الوعي السياسي الإسرائيلي المتبلور “أن هناك إجماعاً في إسرائيل على تخليد الاحتلال للضفة” كما أكد الكاتب والمحلل الإسرائيلي الوف بن في هآرتس مضيفاً “يتبلور في إسرائيل إجماع على أن الانسحاب من الضفة الغربية لم يعد ممكنا وقد يمكن إبعاد الفلسطينيين عن الأعين بجدار الفصل لكن لا يمكن التحرر من السيطرة عليهم وأن الجميع يشتركون في هذا الاستنتاج في جميع المعسكرات وفي جميع الأطراف السياسية وأن المشترك لهذه المواقف من اليسار واليمين هو أنها تُخلد الوضع القائم مع عشرات المستوطنات ومئات الحواجز وآلاف الجنود وراء الجدار”.
وليس ذلك فحسب يذهب نتنياهو أوضح من ذلك ليؤكد “أنه لا بديل عن استمرار السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية” وتحدى نتنياهو العالم العربي قائلاً:” لن تستطيعوا هزيمتنا طالما بقينا فوق جبال الضفة الغربية ولا يجب علينا أن ننسحب من هضبة الجولان بل علينا البقاء فيها” وقال نتنياهو “إن هناك حاجة إلى اتفاق سلام يصمد أمام إعادة فتح جبهة شرقية من جهة العراق خاصة أنه يوجد في الشرق الأوسط “رمال متحركة” والأوضاع تتغير وأن هناك حاجة لاتفاق يصمد أمام هذه التغييرات- لثلاثاء/28/07/2010 “.
أما وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان فيعترف بأنه” يريد محو القضية الفلسطينية من القاموس” وكرر تصريحات سابقة قائلاً “يهمنا إزالة الموضوع الفلسطيني عن جدول الأعمال بقدر ما نستطيع وهذه أجندة سياسية بالأساس” وأضاف”مرّ 16 عاماً منذ أوسلو لكن لا يوجد احتمال للتوصل إلى أي اتفاق شامل بإمكانه حل المشكلات بعد 16 عاماً آخر أيضاً- يديعوت أحرونوت/ الجمعة 4/09/2009 “.
ما يقودنا هنا إلى استخلاص كبير يتعلق باستحالة السلام مع تلك الدولة وفي ذلك ربما يكون البروفسور الإسرائيلي المعروف يسرائيل شاحك خير من شرح حقيقة الاستراتيجية الصهيونية في هذا الصدد حينما أوضح في كتابه: “إسرائيل استراتيجية توسعية مغلفة بالسلام” “أن رغبة إسرائيل الحقيقية هي في السيطرة والنفوذ وهدفها الحقيقي هو بسط نفوذها وسيطرتها على الشرق الأوسط برمته من المغرب حتى باكستان وأطماعها أطماع إقليمية أصلاً إلا أنها لا تخلو من أطماع عالمية” .
وعليه فإن الأدبيات السياسية الإسرائيلية التي تؤكد استحالة التسوية والسلام لا حصر لها بل هي متفرخة يوماً عن يوم ولذلك نوثق أيضاً – أن الفرص الحقيقية للتسوية الدائمة لن تقوم لها قائمة ما يستدعي من الجميع المراجعة والخروج والبحث عن خيارات وأوراق أخرى كي لا يمضي الزمن لنجد أنفسنا أمام وطن مهود بالكامل من النهر إلى البحر…!.
صحيفة العرب اليوم الأردنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...