شرعية إسرائيل

يجب التوقف عن مسلسل البكائيات المتعلقة بالنكبة الفلسطينية والانتقال إلى مرحلة جديدة من العمل لتحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي اليهودي الصهيوني، والانتقال من المرحلة الإنشائية الاستنكارية إلى المرحلة العملية لاستئناف الفعل القادر على تحقيق المطالب الفلسطينية المشروعة في الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر، دون استثناء لأي شبر من أرض فلسطين مستفيدين من حالة المد الثوري العربي وارتفاع منسوب الوعي بالذات وبالهوية لدى قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني.
لقد حاول الكيان الإسرائيلي إلغاء الهوية الفلسطينية من خلال القتل والاغتيال والمذابح والمجازر والتهجير والتشريد والاعتقال ومصادرة الأراضي والاستيطان وجلب مستوطنين يهود من جميع أنحاء العالم لإحلالهم مكان سكان فلسطين الأصليين من الفلسطينيين العرب المسلمين والمسيحيين، وتجاوز ذلك إلى السطو على التراث والتاريخ بعد أن استولى على الجغرافيا الفلسطينية، في أكبر عملية سطو في التاريخ كله، وهذا يتطلب من الفلسطينيين ومعهم العرب البدء بهجوم مضاد للهجوم الإسرائيلي اليهودي الصهيوني الاستعماري الاحلالي، من خلال العمل على نزع الشرعية عن “إسرائيل” وتحويلها إلى دولة مارقة في المنطقة العربية والعالم، وهذا يتطلب نزع شرعية “القيادة الفلسطينية” التي تلاعبت بمصير الشعب الفلسطيني ووضعته في سلة المعادلات الإسرائيلية اليهودية الصهيونية من خلال الإصرار على “تسوية” تقوم على مساومات على حقوق الشعب الفلسطيني الطبيعية والتاريخية في وطنه وأرضه، فهذه القيادة فقدت كل مبررات وجودها، ولا يجوز في عصر الربيع العربي أن تبقى متسلطة على الشعب الفلسطيني وقراره، ولا أن تجثم فوق صدور الفلسطينيين، فهي لم تحصل على تفويض من الشعب الفلسطيني للتنازل عن حقوقه وأرضه، بل إن أي قيادة فلسطينية تتنازل عن الحقوق تفقد الشرعية ومبرر وجودها وتمثيلها للشعب الفلسطيني، وهذا يقود إلى ضرورة إنتاج قيادة فلسطينية جديدة تتمسك بالحقوق والثوابت والمطالب الفلسطينية وعلى رأسها بالطبع تحرير الأرض وعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم وبلداتهم في كل فلسطين، وهذا مطلب لابد منه.
من العبث الاستمرار بإضاعة الوقت في مفاوضات ومفاوضات على المفاوضات “من أجل المفاوضات فقط”، في الوقت الذي يبتلع فيه الكيان الإسرائيلي المزيد من الأرض الفلسطينية يوميا، ويستورد المزيد من المهاجرين اليهود من العالم، ويسرق الأرض ويمنحها للمستوطنين، في الوقت الذي يقوم فيه بتهجير أبناء الشعب الفلسطيني إلى خارج فلسطين وتفريغ القدس من سكانها ومصادرة أراضيها المقدسة، ومن العبث القبول بتسلط فئة مدعومة من الغرب والبنك الدولي وأنظمة عربية على الشعب الفلسطيني الذي يمتلك أكبر نسبة متعلمين في العالم العربي كله من قبل قيادة غير منتخبة وغير قادرة على حماية فلسطيني واحد من الاعتقال الإسرائيلي، أو حماية شبر من الأراضي التي يستولي عليها الكيان الإسرائيلي، أو وقف تهجير الفلسطينيين عوضا عن إعادة لاجئ فلسطيني واحد إلى فلسطين.
القيادة الفلسطينية المفروضة من الغرب والبنك الدولي عجزت عن حماية الفلسطينيين في العراق الذين ذاقوا الأمرين، وقبعوا في الصحراء حتى تم تهجيرهم إلى البرازيل وتشيلي، ولم تستطع حماية بعض الفلسطينيين في سوريا الذين هربوا إلى الأردن خوفاً من الموت فاعتقلتهم أجهزة الأمن الأردنية في معسكر اعتقال على الحدود وأغلقت عليهم كل المنافذ، ومن العجب “رئيس السلطة الفلسطينية” لم يسمع بالفلسطينيين القابعين على الحدود التونسية الذين هربوا من جحيم ليبيا.. فأي شرعية لهذه القيادة؟ ومن أين تستمد شرعيتها إذا كانت لا تستطيع أن تحمي فلسطيني واحد ولا أن توقف مصادرة الأرض؟
نزع الشرعية في العالم عن “إسرائيل” يبدأ بنزع شرعية التنازلات للإسرائيليين والعودة إلى المربع الأصلي وهو مربع “الحقوق الطبيعية الشرعية” للشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، ومن ثم البدء بهجوم على المستوى العربي لإعادة الأنظمة العربية إلى الرشد وإفهامها أن الوطن الوحيد للشعب الفلسطيني هو فلسطين وليس أي مكان آخر على وجه الأرض، وأن الوجهة الوحيدة للفلسطينيين هي فلسطين.
لا يجوز إضاعة المزيد من الوقت لأن ذلك يعني المزيد من الشهداء، والمزيد من الدم الفلسطيني المسفوك والأرض المسلوبة والمزيد من التهويد، وعلى الفلسطينيين اقتناص اللحظة التاريخية المناسبة والمواتية حالياً في عصر الثورات العربية للعودة إلى الميثاق الوطني الفلسطيني كما كان من دون تعديل، وإبرام عقد اجتماعي فلسطيني جديد يقوم على “شرعية التحرير”، لا شرعية التفاوض والتنازل والتفريط، ورسم استراتيجية فلسطينية جديدة تقوم على المواجهة مع إسرائيل، ابتداء من المقاومة السياسية والثقافية وصولاً إلى المقاومة المسلحة التي تبيحها كل الشرائع والقوانين. وتجميع كل الكفاءات الفلسطينية للعمل على وضع هذه الاستراتيجية الجديدة.
تحرير فلسطين يبدأ من إلغاء شرعية “إسرائيل” بوصفها كياناً مصطنعاً ومزيفاً، وشن حملة في العالم كله لنزع هذه الشرعية عن الكيان الإسرائيلي في العالم الإسلامي ومنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني في العالم، كما حدث في مؤتمر ديربان العالمي الذي نزع بعض الشرعية عن الكيان الإسرائيلي.
الهوية الفلسطينية في حالة ازدهار وتصاعد، والشخصية الوطنية الفلسطينية تتبلور بشكل أفضل وأقوى من عقدين من الزمان، والشعور الوطني الفلسطيني في حالة تفجر من جديد، والمطلوب استثمار هذا التصاعد من أجل تحرير فلسطين وإعادة الشعب الفلسطيني المشرد إلى وطنه.
◦ (صحفي أردني)
[email protected]
صحيفة الشرق القطرية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...