متى تُعلن نهاية تجربة مسماة إسرائيل؟

احتفل “الإسرائيليون”، مؤخراً بالذكرى الرابعة والستين لإنشاء كيان يُدعى “إسرائيل”. وشكلت الذكرى مناسبة لإجراء جردة حساب شاملة لدى الكثير من المفكرين وكتاب الأعمدة في صحافة الكيان الصهيوني. فقد خرج شاي غولدن من “معاريف” من حديث له مع وزير الحرب إيهود باراك، بانطباع هو أن “إسرائيل” دولة مركبة لا يوجد سبيل لوصفها اليوم بالسهولة ذاتها التي كانت ذات مرة في الماضي. وخلص غولدن إلى أن “إسرائيل” قوية من ناحية عسكرية، هي “إسرائيل” تقرب نهايتها من ناحية اجتماعية، وذلك لأن مواطنيها منشغلون بتحقيق أنفسهم.
محظور العودة إلى طقوس القلق الوجودي التي كنا مستعبدين لها، ولكن لا يمكن أيضاً مواصلة هذا الاتجاه، من التفكك إلى مليون كيان خاص. ملزمون أن نجد السبيل إلى ضمان مستقبل هذا الجمهور، في هذا الزمن. ملزمون أيضاً بأن نعبر عن احتياجات وتطلّعات كل قطاع وكل فرد في “إسرائيل”.
وخلص درورون روزنبلوم في “هآرتس” إلى أن “إسرائيل” تبدو “كأنها مغلفة بفقاعة وجودية غريبة: من جهة في القشرة الخارجية يوجد هدوء أمني نسبي، يستمر بشكل نادر منذ ثلاث سنوات. أما في الداخل، في مكان الإحساس بالمناعة والهدوء، تعتمل المخاوف، وتتفاقم حالة ثوران الأعصاب والعنف”.
أما إيتان هابر في “يديعوت” فكتب أن “العصبية عند صناع القرار في “إسرائيل” تزداد كثيراً لأنهم يدركون أن الوقت ينفد، ليس فقط في سياق الذرة الإيرانية وإنما في قضية المناطق أيضاً. ويتوقع ان يُنتخب في أمريكا رئيس لولاية ثانية، رئيس ليس مديناً بشيء لأحد، وقد يكون هو الذي يقرر إنهاء اللعب”.
وكان جدعون ليفي أشار في “هآرتس” إلى أن “إسرائيل” الدولة وقد أصبح عمرها 64 سنة لا تزال تواجه الأسئلة نفسها كأنها ولدت أمس ولا جواب عنها. فلا أحد لديه جواب عما سيكون وجه الدولة بعد عشر سنين. بل إنه يوجد من يشكّون في مجرد وجودها. وهل يعلم أحد هل ستكون “إسرائيل” ديمقراطية بعد عشر سنين؟ وهل يستطيع أحد أن يضمن هذا؟ وهل ستكون دولة علمانية أم تصبح دولة شريعة يهودية؟ وهل تكون دولة رفاه أم دولة رأسمالية؟ هل مدنية أم عسكرية؟ وهل يوجد فيها مجتمع أروبي أم شرق أوسطي أم شكل آخر؟ وكم من الشعوب سيعيش فيها بعد عشر سنين؟ وكم من الشعوب الصغيرة؟ ومن ستكون فيها الأكثرية؟ وهذا أيضاً سؤال لا يُسأل إلا في”إسرائيل”. وان سيناريوهات مستقبل”إسرائيل” الثلاثة باعتبارها دولة احتلال هي: استمرار الوضع الراهن إلى الأبد، أو دولتان أو دولة واحدة.
وسبق لإسرائيل آدم شامير اليهودي الروسي “الإسرائيلي”، أن كشف في كتاب سماه “الوجه الآخر “لإسرائيل””، أن الدولة اليهودية دولة وهمية تفقد بسرعة العلاقة الدقيقة التي تربطها بالواقع. هذه الدولة الشبح تقتل الناس بجمع الأموال في أمريكا، وتتابع وجودها الآثم. حقولها يرعاها عمال ضيوف مستوردون يحرسهم الروس والإثيوبيون المستوردون أيضاً، وهي ليست سوى ديكور من الورق المقوى، وإن التجربة الصهيونية قد ماتت فعلاً، ويمكن أن تبقى “إسرائيل” حية بطريقة اصطناعية لبعض الوقت، وهي حالة تشبه الإسعافات العلاجية المقدمة في بعض الحالات لجسد إنساني في حالة موت دماغي، يمكن أن يقتل بعض الأشخاص، أو يعلن قيام حرب عالمية، غير أن عودته إلى الحياة أصبحت مستحيلة.
ولكن رغم موجة التشاؤم التي تسود في “إسرائيل” سبق لأفي دافيس كبير محرري الأعمدة في مجلة jewsweek.com، ومشارك أساسي في مركز فريمان للدراسات الاستراتيجية أن قدم أسباباً تدعو للتفاؤل بمستقبل قوي واعد لدولة “إسرائيل”، ومن بعض هذه الأسباب: إنه من الثابت تاريخياً أن الثورات العربية المدنية تنهي نفسها بنفسها حين تصبح المكاسب من استمرار العنف غير ظاهرة للعيان، حيث تقهقرت كل من الثورة العربية (1936-1939) والانتفاضة الأولى (1987-1992) إلى صراع دموي داخلي مرير وعمليات انتقام للشرف. وقد أثبت التاريخ أيضاً أن الأنظمة العربية التي استغلت الفلسطينيين وابتزّتهم هي التي جرّت عليهم الويل والخراب، فقد سقط من الفلسطينيين على يد إخوانهم العرب أكثر مما سقط على يد الحكومات التي تولت زمام الأمور على أرض فلسطين، سواء كان الانتداب البريطاني أو الحكومات “الإسرائيلية”.
ولابد من التذكير أن “إسرائيل” تعد الدولة الوحيدة في العالم التي قامت بقرار دولي مشروط، ففي 11 مايو/ أيار 1949 صدر قرار عن الأمم المتحدة يحمل الرقم 273 بقبول “إسرائيل” في عضويتها بناء على تقرير تسلمته من مجلس الأمن يشدد على أن القبول جرى بعد أن تعهدت “إسرائيل” بأن تكون دولة محبة للسلام وتنفذ الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة.
وقد جرى القبول وفقاً لقرار التقسيم 181 وليس وفقاً لحدود الأمر الواقع الذي فرض بالقوة والعدوان والتوسع.
ولعل اختلاف التوصيفات والمقاربات والقراءات “الإسرائيلية” لذكرى “الاستقلال” المزعوم، هو اختلاف حول من يجرؤ على إعلان نهاية تجربة تُدعى “إسرائيل”.
صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الثاني خلال ساعات .. أمن السلطة يقتل مسنًّا في جنين
جنين - المركز الفلسطيني للإعلامقتلت أجهزة أمن السلطة -اليوم الثلاثاء - مسنًّا، وأصابت آخرين بإطلاق نار مباشر في الحي الشرقي بمدينة جنين، بعد ساعات...

حماس: قرار برلمان بروكسل تمكين للعدالة الدولية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أشادت حركة حماس بقرار برلمان بروكسل مطالب الحكومة الفيدرالية بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية...

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...

الصحة تعلن ارتفاع عدد ضحايا الإبادة بغزة إلى 52908 شهداء
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52908 شهداء و119721 مصابا منذ 7 أكتوبر/...

أمن السلطة يقتل الشاب رامي زهران في مخيم الفارعة
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام قتلت عناصر أمن السلطة، الشاب رامي زهران بإطلاق نار مباشر -اليوم الثلاثاء- في مخيم الفارعة شمال الضفة الغربية....