حكومة بأجندات إيديولوجية حربية….!

في الخريطة السياسية الإسرائيلية اتفاق نتنياهو وموفاز حول حكومة الوحدة الوطنية يعتبر مفاجأة من العيار الثقيل فبعد أن هيأ الكنيست الإسرائيلي نفسه لانتخابات مبكرة جاء الاتفاق ليقلب الحسابات والمعادلات وليحمل دلالات وأجندات داخلية وخارجية وفي مقدمتها أن نتنياهو نجح في تشكيل حكومة وحدة تحظى بأوسع قاعدة برلمانية في تاريخ”إسرائيل” ما رفعه وفق تعليقات إسرائيلية عديدة إلى مرتبة ملك “إسرائيل” التي لم يحظ بها سوى شارون قبله وعلى المستوى الحزبي فإن حزب كاديما بزعامة موفاز إنما يعني عودة الفصل-كاديما- إلى الأصل -الليكود- وبذلك يعود الليكود ليسود المشهد السياسي الإسرائيلي بثقل كبير يصل إلى 56 مقعداً برلمانياً ما لم يحققه حزب العمل في أوجه.
كنا نقول دائماً إن “هناك إجماعاً سياسياً إسرائيلياً يمتد من أقصى اليمين الفاشي إلى أقصى اليسار المعتدل على الأهداف والثوابت الاستراتيجية الصهيونية” مع أننا كنا نستثني أحياناً بعض قوى ورموز اليسار الحقيقي وهم قلة قليلة اليوم في “إسرائيل”.
أما اليوم وقد أطل علينا المشهد السياسي الإسرائيلي بحلة يمينية فاشية صافية بعد هذا الاتفاق بين نتنياهو وموفاز صاحب أكبر سجل في الاغتيالات الإرهابية وقبل ذلك مع العنصري الفاشي السافر أفيغدور ليبرمان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” ومع الجنرال باراك صاحب أكبر قدر من “الأوسمة البطولية” التي حصل عليها مكافأة له على حروبه ومجازره واغتيالاته التي اقترفها على الفلسطينيين ثم مع حزب شاس الديني المتشدد ومع حزب “البيت اليهودي” الديني المتطرف فيمكننا أن نثبت بالبنط العريض أن “إسرائيل” أصبحت اليوم دولة بقيادة رباعية ورؤوس أربعة رئيسية من نتنياهو وباراك وليبرمان وموفاز وهي أول حكومة في “إسرائيل” تتشكل من ممثلي كافة الأطياف السياسية الصهيونية ففيها الجنرالان باراك وموفاز عن المؤسسة العسكرية الأمنية وفيها نتنياهو وليبرمان عن الأيديولوجيا الصهيونية العنصرية الإرهابية وفيها عن التيار الديني المتطرف من شاس والبيت اليهودي إذ نحن عملياً أمام حكومة صهيونية شاملة الأطياف السياسية كافة باستثناء طبعاً “أقصى اليسار” والأحزاب العربية…!
من حيث الجوهر تعتبر هذه الحكومة حكومة يمينية فاشية استيطانية سافرة ببرنامج أيديولوجي متطرف وأجندة حربية صارخة ولذلك يمكن أن نوثق أنها ستكون عملياً حكومة حروب عسكرية عدوانية واستيطانية تهويدية فلن نرى في ظل هذه الحكومة عملياً سوى لغة القوة والغطرسة والإخضاع والتهديد والوعيد…!
هكذا كانت حكومات “إسرائيل” من قبل أيضاً: شارونية مثلاً أو بن غوريونية أو ديانية أو بيغنية أو شاميرية ليتبين لمن ما زال الغشاوة تغطي على عيونهم وما زالوا يتحدثون عن احتمالية السلام مع “إسرائيل” بحكومتها وأجندتها الراهنة إننا بتنا عملياً وبمنتهى الوضوح أمام خريطة سياسية إسرائيلية يمينية عنصرية إرهابية أكثر من أي وقت مضى.
فهي بالتأكيد ليست حكومة تصريف أعمال داخلية بهذه القاعدة البرلمانية العريضة ولن تكون بالتأكيد حكومة مفاوضات وسلام إلا ما يتعلق بالإعلام واستهلاك الرأي العام…!.
وهي كذلك حكومة اللاءات الكبيرة تجاه كل ما يتعلق ليس فقط بالالتزام بالاتفاقيات السياسية الموقعة مع الحكومات الإسرائيلية السابقة وإنما تجاه كافة العناوين الكبيرة من الدولة الفلسطينية إلى القدس إلى تفكيك تكتلات المستعمرات إلى ترسيم الحدود إلى هضبة الجولان…!.
ويجمع الأربعة في هذه الحكومة على مواصلة الحصار على غزة وشن المزيد من الحروب على أهلها تحت زعم محاربة الإرهاب وهي حكومة أصبحت تتبنى بالإجماع قرار”ضرب إيران” بعد أن غير موفاز موقفه قبل أيام في الوقت الذي يعتبرون فيه أيضاً حتى الرئيس أبو مازن بأنه “غير ذات صلة ولا يصلح لان يكون شريكا للسلام”…!
إلى كل ذلك فان الحقيقة الكبيرة التي تحظى بأوسع إجماع هي أن هؤلاء الأربعة الذين يمثلون وجه “إسرائيل” “يذكرون بموسوليني كظاهرة فاشية” كما جاء في يديعوت أحرونوت مثلاً.. وهم “أخطر صقور إسرائيل” إرهابية وعنصرية “وهم” الوجه الحقيقي ل”إسرائيل” و”الوجه الحقيقي للمجتمع الإسرائيلي”.
لا شك أن ضم موفاز إلى حكومة نتنياهو إنما جاء لتعزيز مكانة نتنياهو كملك لـ “إسرائيل” ولإتاحة الفرصة لموفاز نفسه للملمة أوراقه حتى نهاية ولاية الحكومة “ولإطالة عمرها لأطول فترة ممكنة ولكن لانضمامه للحكومة أيضاً رسائل أخرى بليغة منها أن ذلك الحزب الكبير الذي أنشأه وقاده شارون قد بات وفق المؤشرات الإسرائيلية في غرفة الإنعاش بينما يؤشر انضمامه إلى أن الحكومة الإسرائيلية بصدد أجندة استراتيجية خفية ربما تتعلق بحرب ضد إيران أو غزة أو لبنان.
فكيف يمكن ل”إسرائيل” بهذه الرؤوس الأربعة إذا وهذا هو وجهها أن تسير نحو التفاوض والسلام?!.
فاللغة السافرة لها هي لغة القوة والغطرسة والقصف والتدمير والترانسفير العنصري فقط….
ولغة أن تكون “إسرائيل” أو لا تكون بالمضامين الحربية الصهيونية المعروفة….!
فهي إذا بالتأكيد حكومة “الأفق السياسي المغلق تماماً” وحكومة الحروب والاستيطان والتهويد في الضفة الغربية والمدينة المقدسة….!.
وهي حكومة حروب عدوانية في الأفق والمسألة دائما بالنسبة لهم مسألة وقت وتوقيت…?!
ما يعني من جهة أخرى إن على الفلسطينيين والعرب أن يعودوا إلى رشدهم وان يستعيدوا إرادتهم أن يقوموا بترتيب أولوياتهم السياسية من جديد بما يتناسب مع “إسرائيل” الصهيونية العدوانية الاستيطانية…..?!!.
[email protected]
صحيفة العرب اليوم الأردنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...

حماس: إعدام السلطة لمسن فلسطيني انحدار خطير وتماه مع الاحتلال
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الجريمة التي ارتكبتها أجهزة أمن السلطة في مدينة جنين، والتي أسفرت عن استشهاد...

تعزيزًا للاستيطان.. قانون إسرائيلي يتيح شراء أراضٍ بالضفة
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام تناقش سلطات الاحتلال الإسرائيلي في "الكنيست"، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون يهدف إلى السماح للمستوطنين بشراء...

أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من تحوّل قطاع غزة إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن يحاول تقديم المساعدة لهم. وقالت المنظمة في...