الاحتلال يُحصّن نفسه على حدود قطاع غزة بنفق طويل وأجهزة متطورة

تسابق قوات الاحتلال الصهيوني الزمن لتحصين الحدود الشرقية لقطاع غزة بالسواتر الترابية، والأنفاق، والأسلاك الشائكة، إضافة إلى تثبت المئات من الكاميرات، وأجهزة الاستشعار المبكر المتطورة، وذلك تحسبًا لامتلاك المقاومة الفلسطينية لأسلحة متطورة روّج الاحتلال أنها وصلت قطاع غزة.
ولم يكن المنطاد الصهيوني الذي سقط قبل عدة أيام على حدود قطاع غزة إلا أحد العوامل المساعدة لهذه الأنفاق والكاميرات والأجهزة المتطورة، والذي تستعين به قوات الاحتلال في رصد وتوثيق كل التحركات في القطاع والشريط الحدودي.
ويوجد في داخل هذا المنطاد، الباهظ الثمن؛ مئات الكاميرات المتطورة جدًا، وأجهزة الاستشعار المبكر، وأجهزة التسجيل، وأجهزة المسح الجغرافي وغيرها من التقنيات الحديثة التي تكون مرتبطة بالأقمار الاصطناعية وغرف تحكم تديرها المخابرات الصهيونية على حدود قطاع غزة.
لم تتوقف الرافعات الصهيونية والحفّارات عن العمل طوال أيام الأسبوع، وذلك للانتهاء من هذه التحصينات، في محاولة منها لتوفير الحماية الكاملة لجيش الاحتلال وكذلك المستوطنين الذين يستعمرون الأراضي الفلسطينية المحتلة المحاذية للقطاع، وما يعرف صهيونيًا بـ “غلاف غزة”.
العارف بجغرافيا قطاع غزة، الذي لا تزيد مساحته عن 360 كيلو مترًا مربعًا، يعرف أن طول حدودها الشرقية تزيد عن 40 كيلو مترًا وهي الحدود الجاري العمل على تسييجها وزرعها بالكاميرات والأنفاق لصد أي هجوم صاروخي مضاد للدروع يخرج من قطاع غزة.
ويحد القطاع من ناحية الغرب البحر المتوسط والذي تنتشر فيه قطع البحرية الصهيونية لإحكام الحصار على القطاع، حيث يبلغ ساحل القطاع حوالي 40 كيلو متر. أما الحدود الشمالية لغزة والتي لا تزيد عن سبعة كيلومترات؛ فكانت الدولة العبرية قد أقامت جدارًا إسمنتيًا وأسلاك شائكة على امتدادها منذ شاطئ البحر غربًا وحتى معبر بيت حانون شرقًا.
أما الحدود الجنوبية للقطاع؛ فإنها تصل إلى 14 كيلومترًا، وهو الشريط الحدودي مع مصر والممتد منذ شاطئ البحر غربًا وحتى معبر كرم أبو سالم الصهيوني شرقًا.
قذيفة “كورنيت”
ونقل تقرير لوكالة “قدس برس” عن شهود عيان ومصادر فلسطينية قولها إن قوات الاحتلال وبعد إطلاق “كتائب القسام” الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” قذيفة مضادة للدروع من نوع “كورنيت” روسية الصنع في نيسان (ابريل) 2011، وأدت إلى مقتل صهاينة، شرعت هذه القوات بحفر نفق طويل أسفل (موجه بالليزر ومزود بأجهزة استشعار للحرارة لتسهيل استخدامه ليلاً)، السياج الحدودي شرق قطاع غزة داخل الشريط الحدودي لتأمين سيارات جيش الاحتلال وعمل سواتر ترابية لصد هذا النوع من القذائف، وقامت أيضًا بتغيير العربات العسكرية على حدود القطاع واستبدالها بأخرى أكثر تحصينًا.
وكانت كتائب القسام قد أعلنت آنذاك وبشكل مفاجئ تبنيها لإطلاق هذه القذيفة، التي كانت تستخدم لأول مرة في قطاع غزة، والتي يصل مداها إلى أكثر من خمسة كيلو متر كسلاح استراتيجي جديد تتمكن المقاومة الفلسطينية من إدخاله لقطاع غزة وكذلك الإعلان عنه بهذه الطريقة.
ويشار الى ان فصائل المقاومة أطلقت فيما بعد قذائف من هذا النوع (كورنيت)، على آلية صهيونية شرق مخيم البريج إلى الوسط من قطاع غزة، مما أدى إلى إصابة الآلية العسكرية إصابة مباشرة غير أن الصاروخ لم يكن مزودًا بالرأس التفجيري.
سلاح واتفاقيات
وعلى الرغم من إعلان الدولة العبرية باستمرار عن تمكن المقاومة الفلسطينية من إدخال أسلحة متطورة إلى القطاع؛ فان المقاومة ترفض الإفصاح عما تمتلك من أسلحة جديدة لم يتم استخدامها من قبل في أي عملية للمقاومة أو أي تصد، وتفضل عدم الرد على هذه التصريحات الصهيونية وتعتبرها محاولة لمعرفة ما لديها من أسلحة.
وكانت الدولة العبرية، والولايات المتحدة الأمريكية، قد وقعتها في عام 2009 اتفاقية أمنية لمنع إدخال السلاح إلى قطاع غزة وتتبعه ومنع وصوله من أعالي البحار، وذلك بمشاركة دول أخرى من بينها دول عربية.
وتنص الاتفاقية على أن الشريكين (الأمريكي والصهيوني) يعملان مع الدول المجاورة وبشكل متواز مع المجتمع الدولي، لمنع إمداد السلاح “للمنظمات الإرهابية” التي تهدد أيًا من الشريكين، خاصة السلاح والمتفجرات التي تهرب داخل غزة لصالح حماس و”المنظمات الإرهابية” الأخرى.
وتضيف الاتفاقية: “تعمل الولايات المتحدة مع شركائها الإقليميين وحلف الناتو لمواجهة مشكلة تهريب السلاح ونقله وشحنه لحماس والمنظمات الإرهابية الأخرى في غزة، بما في ذلك البحر المتوسط، وخليج عدن، والبحر الأحمر، وشرق أفريقيا، وذلك من خلال تطوير الإمكانات الموجودة بالفعل أو إرسال الإمدادات لضمان الفاعلية في منع تهريب السلاح لغزة”.
نفق حدودي
وأضاف شهود العيان لوكالة “قدس برس” أن النفق الحدودي الذي شرعت قوات الاحتلال بتشييده يمتد من موقع “ناح العوز” العسكري الصهيوني شرق حي الشجاعية إلى الشرق من مدينة غزة، حتى موقع “إسناد صوفا”، شرق رفح جنوب قطاع غزة أي حوالي 30 كيلو مترًا، ويتواصل العمل لإكماله ليشمل كل الحدود الشرقية والشمالية للقطاع.
والنفق هو عبارة عن طريق أسفل سطح الأرض يبلغ عمقه ثلاثة أمتار بعرض مترين، ليصبح بعد ذلك عبارة عن ممر للحافلات العسكرية المحملة بالجنود الدوريات الحدودية، والقوات الخاصة التي تجوب تلك المنطقة وتؤمن الحدود من عمليات التسلل.
وقبل حفر النفق، تم وضع سواتر ترابية محاذية للسلك الحدودي من الناحية الشرقية ارتفاعها مترين لحجب الرؤية من قبل الفلسطينيين، وبعد ذلك تم حفر النفق وبدأت عملية الحفر من منطقة “ناح العوز” وهي مستمرة وقد وصلت لموقع “ميغن” العسكري شرق مخيم المغازي وسط القطاع، حيث مخطط لها أن تصل موقع “صوفا” شرق رفح.
كما وضعت قوات الاحتلال سلك حدودي وإلى الغرب منه سلك شائك ملتوي وذلك على مساحة 300 مترًا، وبعده يأتي سياج حدودي آخر وبعده يكون النفق أسفل الأرض وبعده ساتر ترابي مرتفع ومن ثم مساحة فارغة من الأرض.
وبحسب شهود العيان؛ فان جيش الاحتلال لا يستخدم هذا النفق إلا في مناطق التماس مثل منطقة “ناح العوز” شرق غزة، و”جحر الديك”- مكب النفايات، جنوب شرق مدينة غزة، وشرق مخيم البريج (مقبولة) وشرق قرية المصّدر، و”أبو مطيبق”، و”ميغين” وسط القطاع، وموقع “كسوفيم”، جنوب قطاع غزة.
وأشاروا إلى أن قوات الاحتلال قامت في هذه النقاط كذلك بحفر نفق إضافي وهو عبارة عن مخبأ للدبابة بحيث تتمركز فيه دبابة كاملة ولا يظهر منها سوى فوهتها، مع العلم أن العربات العسكرية في هذه المناطق لا تظهر من داخل قطاع غزة خلال مشاركتها في أعمال الدورية بحيث تجبر على سلوك هذا الطريق لعدم استهدافها من قبل رجال المقاومة الفلسطينية.
كاميرات مراقبة
وبحسب الشهود؛ فإنه يوجد كذلك على طول السلك الحدودي كاميرات مراقبة على مسافة 100 متر، وكذلك أمام كل موقع عسكري تكون هناك آلية عسكرية متمركزة بالقرب من الموقع خلف الساتر الترابي وداخل كل موقع عسكري يكون هناك كاميرات مراقبة على ارتفاع عال مثبتة على مكان مرتفع لكشف مسافات بعيدة.
وهناك مناطق عسكرية مجهزة بأجهزة وكاميرات للمراقبة ويصل مدها إلى أماكن بعيدة جدًا، وذلك لرصد كافة التحركات في قطاع غزة، بعضها يصل إلى شاطئ البحر أي على بعد 12 كيلو مترًا.
وتتوزع هذه الكاميرات بواقع واحدة و اثنتين على المواقع التالية: موقع “كرم أبو سالم”، “صوفا” شرق رفح، “كسوفيم” شرق خان يونس، “ميغين” وأبو مطيبق، شرق البريج، موقع “ناح العوز” شرق مدينة غزة “المقبرة الشرقية” شرق جباليا، “النصب التذكاري”، و”إيريز” شمال شرق بيت حانون، وكذلك موقع البحر غرب بيت لاهيا.
رشاشات الكترونية
ويوجد بين الموقع العسكري والآخر أبراج مراقبة عسكرية مزودة برشاشات آلية الكترونية تطلق النار على كل من يقترب من السلك مسافة 300 مترًا، وكل برج عسكري مشيّد حوله جدار إسمنتي حيث لا يرى من البرج إلا قمته من الأعلى فقط، بالإضافة إلى أن السلك الحدودي مزوّد بأجهزة استشعار حرارية وكاميرات ليلية.
كما توجد أنفاق أخرى تمتد من شرق السلك الحدودي إلى داخل قطاع غزة وهي مخصصة لتسلل قوات الاحتلال خفية وذلك عندما يكون لديها عملية عسكرية خاصة داخل قطاع غزة.
وفي الآونة الأخيرة؛ قامت قوات الاحتلال بنشر أجهزة استشعار على الخط الحدودي، حيث يبعد الجهاز عن الآخر مسافة كيلو متر واحد، وهي عبارة عن أجهزة رادار مرتبطة بمنظومة “القبة الحديدة” لاعتراض الصواريخ المتوسطة المنطلقة من غزة.
وتنصب قوات الاحتلال أجهزة اتصالات متطورة جدًا تعمل عل التشويش على الاتصالات بكافة أنواعها سواء الخلوية أو اللاسلكية حيث أن كل من يقترب 800 متراً من السلك الحدودي يتعطل الاتصال به أو ينقطع أحيانًا.
وقد عثرت فصائل المقاومة على عدد من الأجهزة التي تعمل على التشويش على الاتصالات والتنصت كذلك، حيث كانت هذه الأجهزة تقوم بالتقاط الصور عبر موجات القمر الصناعي.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

أوتشا: 70% من سكان قطاع غزة تحت أوامر التهجير القسري
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن الفلسطينيين يموتون بقطاع غزة الذي يرزح تحت حصار...

وثيقة للشاباك تحذر من خطر انتشار السلاح في الأراضي المحتلة عام 48
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ "الشاباك"، من أن النطاق الواسع لانتشار الأسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة...