الأحد 11/مايو/2025

وقف الغاز المصري للكيان الصهيوني بين التجارة والسياسة

وقف الغاز المصري للكيان الصهيوني بين التجارة والسياسة

أعلنت مصر إلغاء الاتفاق الذي تزود بموجبه “إسرائيل” بنحو بليوني متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً. وكانت مصر وقّعت الاتفاق في حزيران/ يونيو 2005 لمدة 20 سنة وبأسعار تتراوح ما بين 75 سنتاً و1.5 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية من الغاز وتتسم بالثبات لـ 15 سنة. ويمر خط الأنابيب المخصص لنقل الغاز من العريش في سيناء إلى عسقلان في “إسرائيل” بطول 100 كيلومتر.

ويعتبر سعر الغاز عند 75 سنتاً لكل وحدة حرارية بريطانية سعراً منخفضاً، وهذا ما تناوله الإعلام المصري، خصوصاً بعد الثورة المصرية. ولهذا السبب وبسبب الرشاوى المحتمل أنها رافقت العقد، طالب المصريون بإلغاء عقد الغاز. والاتفاق اتفاق تجاري بحت وليس مثل اتفاق كامب ديفيد الذي يلزم مصر بتزويد “إسرائيل” بالنفط الخام من حقول سيناء وبأسعار عالمية ويلزم الولايات المتحدة بتسديد أي فارق سعري لحساب “إسرائيل”.

ويؤمل أن يكون لدى مصر بديل أفضل من السعر الحالي السائد، فمصر تنفق أكثر من 12 بليون دولار لاستيراد المنتجات البترولية، خصوصاً من الكويت والسعودية. وقد يكون البديل تزويد السوق المحلية بالغاز الطبيعي المصري وتوفير العملة الصعبة بدلاً من شراء المنتجات البترولية من الخارج. أما سعر 1.5 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية فيعتبَر سعراً منافساً لأن السعر السائد حالياً هو في حدود دولار، علماً ان السعر السائد حين توقيع الاتفاق فكان بين دولار و 1.5 دولار.

وأسعار الغاز في العقود الطويلة المدى غير متغيرة وتظل ثابتة لسنوات بسبب التكاليف العالية التي تترتب على الدولة المستهلكة التي تنشئ البنية التحتية اللازمة، من خطوط أنابيب لمسافات طويلة المسافات وصهاريج تخزين وناقلات، وهي تكاليف تفوق تلك التي تترتب على استيراد النفط والمنتجات النفطية. وانخفضت أسعار الغاز حالياً نتيجة لتطوير تقنيات استخراج الغاز الصخري وعلى رغم زيادة استهلاك الغاز، خصوصاً في اليابان وألمانيا اللتين تحولتا من الطاقة النووية إلى الغاز الطبيعي.

وفي غياب المعرفة المؤكدة لأسباب إلغاء العقد، تشير الدلائل والمؤشرات كلها إلى أن السبب الوحيد سبب تجاري بحت فيما لا توجد عوائق أو أسباب سياسية. وربما رأت مصر أن الأسباب الأمنية، ومنها التفجيرات المتكررة لخط الأنابيب في سيناء، وشملت 12 انفجاراً، رفعت الكلفة بالنسبة إلى مصر التي أصبح لزاماً عليها تعزيز الحفاظ على سلامة خط الأنابيب.

ويذكّر الحديث عن الأسباب بخلافات على زيادة الأسعار تحصل سنوياً تقريباً بين روسيا والدول المجاورة لها، فكثيراً ما طالبت روسيا أوكرانيا، مثلاً، بزيادة السعر وهددت بوقف الإمدادات في حال عدم الاستجابة، وفعلاً أوقفت الإمدادات مرات. لكن الخلافات انتهت بعد تدخل الدول الأوروبية المستهلكة وجرى التوصل إلى زيادة سعر الغاز الطبيعي وفق رغبة البائع الروسي.

الحياة، 7/5/2012

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات