عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

المحرر العواودة: الإضرابات أجبرت الاحتلال على الرضوخ لإرادة الأسرى

المحرر العواودة: الإضرابات أجبرت الاحتلال على الرضوخ لإرادة الأسرى

يسطر الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال فصلا جديدًا من ملاحمهم البطولية في صراعهم مع صلف السجان الصهيوني تجسد في معركة “الأمعاء الخاوية” التي يخوضونها مجتمعين من أكثر من 20 يومًا.
 “المركز الفلسطيني للإعلام” رأى أن يستحضر هذا الزخم المقاوم الذي يمارسه أسرانا الأبطال من خلال الحديث مع الأسير المحرر صلاح الدين العواودة أحد المحررين في صفقة “وفاء الأحرار”، الذي تستضيفه الحكومة التركية مع 13 محررًا آخرين ليوجز لنا صورة الصراع داخل سجون الاحتلال.

– حدثنا  بداية عن القضية التي سُجنتُ لأجلها نحو 20 عامًا؟

– التهمة كانت الانتماء إلى مجموعة عسكرية من كتائب عز الدين القسّام بقيادة الشهيد عماد عقل رحمه الله، والقيام بعدد من عمليات إطلاق النار وإصابة وقتل عدد من جنود الاحتلال الصهيوني، وقد تنقّلتُ بين تسعة سجون خلال فترة اعتقالي البالغة حوالي 19 سنة، وشاركتُ في عددٍ من الإضرابات وكثيرٍ من خطوات المواجهة مع إدارة السجن، وهذا يعني معرفتي بكل ما يمرّ به الأسرى الآن وهم مضربون منذ حوالي الثلاثة أسابيع.

من خلال مكوثك هذه الفترة الطويلة في سجون الاحتلال، كيف تصف معاناة الأسرى خلال الإضراب؟

إنّ أسهل ما يواجه الأسير أثناء الإضراب هو الجوع … ولكنّ الإضراب أشد من ذلك بكثير؛ فالأسير المضرب عن الطعام لا ينام ولا يرتاح ولا يتمتّع بالصحة التي يتمتع بها في الأيام العادية ويعاني من كثير من القضايا المرافقة للإضراب مثل الهزال والتعب والدّوار والدوخة ورائحة الفم الكريهة.

ولكن المسألة لا تقف عند هذا الحدّ بل إنّ إدارة السجن لا تدّخر جهدًا في مضايقة الأسرى المضرين بدءًا من سحب كل ما لديهم من امتيازات قبل الإضراب مثل بعض الأدوات الكهربائية وبعض المشروبات كالحليب وما لديهم من ملح كان الأسرى في السابق يستخدمونه للتخفيف من معاناة الإضراب من خلال أخذ كميات منه لتغيير طعم الفم والتشجيع على شرب الماء الذي يصبح مذاقه مُرًّا بعد عدة أيام من الإضراب.

كما تواصل إدارة السجون التفتيشات اليومية والمداهمات والمضايقات ضدّ الأسرى وصولاً إلى تكثيف النقليات بين الغرف والأقسام والسجون، يرافق ذلك إهانات واستفزازات غير محدودة ولا ننسى الممارسات غير الأخلاقية من قِبَل إدارة السجن التي تحضر اللحوم وتبدأ بحفلات شوائه على الفحم في باحات أقسام السجون المتواجد بها أسرى مضربون عن الطعام، بهدف استفزازهم ومحاولة التأثير على نفسياتهم وأعصابهم وإثارة شهيتهم للأكل والإحساس بالجوع لديهم مما يزيد من معاناتهم.

كما وتقوم إدارة السجن بعزل عدد كبير من الأسرى القياديين سواء ممن يقودون الإضراب أو ممن تتوقع الإدارة منهم أن يقودوا الإضراب خلفًا لغيرهم من القادة الذين يتم نقلهم أو عزلهم ويرافق النقليات والعزل كثير من الاستفزازات والتحرشات والمضايقات.

-هل لك أن تشرح لنا محاولات إضراب سابقة حققت نتائج لصالح الأسرى؟

كان الإضراب الأهم الذي خاضه الأسرى الفلسطينيون عام 1992 وقد حققوا فيه نقلة نوعية على صعيد ظروفهم المعيشية.

وفي هذا الإضراب حقق الأسرى زيارة الأهل ومدتها 45 دقيقة مرتيْن في الشهر، وحققوا إدخال الأطفال عندهم أثناء الزيارة وسُمح لهم بإدخال بعض المواد الغذائية والملابس من أهاليهم عن طريق الزيارة وسُمح لهم بشراء بعض الأجهزة الكهربائية مثل: الراديو كما وسُمح لهم باقتناء أجهزة كهربائية تستخدم لإعداد الطعام كما وتم وقف التفتيش العاري المهين لهم ولأهلهم وتم إخراج عدد كبير من الأسرى المعزولين من عزلهم وسُمح للأسرى بالتزاور بين الأقسام داخل السجن الواحد بالإضافة إلى عدد من الإنجازات الأقل أهمية من ذلك.

أما الإضراب الثاني والذي تحقق فيه إنجاز هام وهو إخراج المعزولين كلهم فكان في العام 2000م، وكل إضراب من هذيْن الإضرابيْن استمر عشرين يومًا.

-هل تعتقد أن الفعاليات التي نظمت في الخارج كانت كافية للتاثير على الرأي العام العالمي؟

نعم كان لذلك تأثير كبير سواء في العام 1992م وعام 2000م ؛ ففي الأولى كانت بداية عملية التسوية وحكومة حزب العمل والتي كانت معنية بتهدئة الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة وكانت الاحتجاجات المساندة للإضراب شديدة جدًّا وقد سقط عدد كبير من الشهداء أثناء تلك الاحتجاجات مما شكّل ضغطًا كبيرًا على حكومة الاحتلال.

وفي عام 2000م كانت حكومة إيهود باراك أيضًا من حزب العمل، وكان الإضراب قبيل الذهاب إلى كامب ديفيد للتفاوض على المرحلة النهائية من اتفاقيات أوسلو وإقامة “الدولة الفلسطينية” فشكّلت المظاهرات والمسيرات المساندة للأسرى وإضرابهم ورقة ضغط على حكومة الاحتلال، فأجبرت إدارة السجون على الرضوخ لمطالب الأسرى فأخرجت المعزولين من عزلهم ورافق ذلك في الحالتين حراك شعبي في أكثر من مكان في العالم ساهم كثيرًا بالضغط على سلطات الاحتلال.

– كيف يواجه العدو إصرار الأسرى على مواصلة الإضراب؟

تستخدم إدارة السجون كثيرًا من الوسائل في محاولتها ثني الأسرى عن إضرابهم وكسْر إرادتهم مثل: عزل قيادة الأسرى وعزل قيادة الإضراب المعلنة وعزل كل الكوادر التنظيمية التي تتوقع الإدارة أن تحل محل القيادة المعزولة.

كما تضغط على الأسرى جميعًا بمجرد بدئهم الإضراب؛ حيث تسحب منهم كل امتيازات الحياة التي يمتلكونها فتأخذ منهم ملابسهم وأغطيتهم والأدوات الكهربائية عندهم كالتلفزيون والراديو وتحرمهم ساعات التنفس اليومية (الفورة) وهي ساعات التنزه في الساحة يوميًّا، كما تصادر منهم إمكانية التزاور بين الغرف وإمكانية زيارة الأهل  والمحامين وممثلي الصليب الأحمر وغيرهم من المنظمات الحقوقية.
 
كما وتقوم بخلط الأسرى بعضهم ببعض دون مراعاة الانتماء الفصائلي أو حق الأسير باختيار الأسرى الذي يعيشون معه في نفس الزنزانة وهذه أمور تم تحصيلها في إضرابات سابقة ولا يعتبرها العدو حقوقًا، كما تستخدم الادارة وسائل أخرى ذكرتها سابقًا كحفلات الشواء والدخان وما شابه.

– هل تعتقد أن الإضراب الأخير تأثر بما مارسه الأسرى الذي أضربوا عن الطعام ورضخت إدارة السجون لإطلاق سراحهم؟

بالتأكيد لذلك تأثير كبير شجّع الأسرى وزاد من ثقتهم بقدرتهم على تحقيق النصر، رغم أنّ الإعداد للإضراب استمر فترة طويلة سبقت إضراب أولئك الأخوة، إذ إنّ الإعداد له بدأ منذ مطلع عام 2010م وتصاعد أواخر عام 2011م حيث أضرب عدد محدود من الأسرى قبيل إتمام صفقة وفاء الأحرار، والتي شكّلت سببًا لتأجيل الإضراب ستة أشهر وهو الموعد الحالي وقد استفاد الأسرى من دروس الماضي كثيرًا ووضعوا في حسابهم كل السيناريوهات المحتملة مما يعزز ثقتي بقدرتهم على المواصلة حتى النصر هذه المرة.

-كأسير سابق، ما هي أفضل الفعاليات الخارجية الداعمة للأسرى والتي كان تعزز من صمودكم في مواجهة الجلاد؟

هناك تأثيران لما يحدث خارج السجون: التأثير الأول: على العدو والذي يحسب كل حساب لكل تحرك مهما كان صغيرًا وأينما كان لصالح الأسرى، وأما التأثير الثاني: فهو على معنويات الأسرى المضربين عن الطعام أنفسهم.

أما أهم الفعاليات التي كانت تعزز من صمودنا بالإضراب فهي المظاهرات والاحتجاجات التي كانت تنطلق في الضفة الغربية إذ تعتبر المنطقة الأكثر تأثيرًا على أمن العدو واستقراره بشكل مباشر، ولكن للأسف تقوم السلطة الفلسطينية بمنع أي تحرك حقيقي في الضفة الغربية لصالح الأسرى، بل إنها أثّرت على قرار حركة فتح داخل السجون مما جعلها تمتنع عن المشاركة في الإضراب مع بقية الأسرى على الأقل في المرحلة الأولى منه.

كذلك الاحتجاجات التي كانت تنشر في أنحاء كثيرة من العالم خصوصًا عند السفارات والقنصليات الصهيونية، كان لها تأثير كبير أيضًا ولا يقل عن تأثير هذه وتلك تأثير التغطية الإعلامية، التي كانت تقوم بها بعض وسائل الإعلام المحلية والدولية وخصوصًا القنوات الفضائية الكبيرة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...