انتفاضة الأسرى

ما يناضله أسرانا في السجون والمعتقلات الصهيونية هو انتفاضة بكل ما في هذه الكلمة من معنى لأنهم يكافحون بمعركة كبيرة لأمعائهم الخاوية فأعداد الأسرى المضربين عن الطعام تتزايد يوماً بعد يوم إلى الحد الذي وصلت فيه اليوم (وحتى كتابة هذه السطور إلى 2500 أسير). ومن المتوقع أن تصل أعداد الأسرى المضربين عن الطعام إلى ما يقارب 5000 أسير وهم مجموعة أسرانا في السجون الصهيونية.
من المعروف أن حوالي 1200 معتقل فلسطيني بدأوا إضراباً عن الطعام في 17 إبريل الماضي. ومن المعروف أن بعض المعتقلين مثل الأسيرين ثائر حلاحلة وبلال دياب يضربون منذ 64 يوماً عن الطعام وحالتهم الآن خطرة كثيراً.
أسرانا يطالبون إدارة سجون الاحتلال بإلغاء العزل الانفرادي (والبعض يعانيه منذ سنوات طويلة) وبتحسين ظروف اعتقالهم والمحافظة على المكتسبات التي حققوها سابقاً (يضاً من خلال الإضرابات العديدة لهم)، والتي تراجعت عنها إدارة السجون الإسرائيلية بعد أن سنّ نتنياهو وحكومته الفاشية ” قانون شاليط ” الذي يدعو إلى تحويل ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين إلى ظروف سجن مشابهة للقرون الوسطى.
أسرانا يطالبون بتحسين شروط زيارة ذويهم لهم، والتي حتى الآن تتم من خلال شبك مزدوج يفصل بين جانبيه مسافة متر، يجلس المعتقل بجوار جانب وذوو المعتقل على الجانب الآخر، هذا إلى جانب حرمان المئات من الأسرى من زيارات ذويهم والذي تلجأ إليه “إسرائيل” كوسيلة عقاب للمعتقل ولدواعي أمنية ولقهر المعتقلين والمحاولة الدائمة لكسر شوكة عنفوان المعتقلين، الذي حوّلوا السجون إلى مدارس نضالية تضاعف من التحام الأسير بقضية شعبه الوطنية، وبكافة الأهداف التي يسعى مجموع المعتقلين إلى تحقيقها.
ثمانية من المعتقلين تم نقلهم إلى مستشفى سجن الرملة (وهو بالاسم مستشفى لكنه في الحقيقة زنازين متعددة لا تختلف كثيراً عن السجون العادية، وكاتب هذه السطور رأى المستشفى بعينيه كان ذلك في عام 1969). ومن بين هؤلاء الثمانية المناضل والقائد أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية وإمعاناً في القهر ومن أجل محاولة قتل هؤلاء المرضى على طريق موتهم لا تعطيهم الجهات المسؤولة عن المستشفى سوى الماء في ظل الحرمان من تناول الملح، الذي يحافظ ما أمكن ذلك على التوازن الملحي في الجسم.
من مطالب المعتقلين أيضاً: إلغاء التوقيف الإداري (وقد كتبنا عنه عدة مرات) وهو قانون من مخلفات الانتداب (الاستعمار) البريطاني لفلسطين،وبموجبه يتم توقيف المعتقل من دون توجيه تهمة إليه من 3 أشهر إلى 6 وإلى سنة، وقبل انتهائها يجري تمديدها بفترة أخرى وهكذا دواليك إلى فترة غير محدودة،في بعض الحالات تصل إلى 20 أو 30 سنة وأكثر. هذا لمجرد الشك الأمني في المعتقل دون ثبوت أية تهمة عليه. فقط إسرائيل من بين كافة دول العالم تطبق هذا القانون الجائر، ورغم كل ذلك يسميها الغرب “بالدولة الديمقراطية”.
“إسرائيل” في ظروف اعتقالها للفلسطينيين تخالف اتفاقيات جينيف والمواثيق الدولية (جميعها وبلا استثناء) فيما يتعلق بسجونها، للأسف لم نسمع ومنذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) في عام 1967 وأيضاً منذ عام 1948،بعد إنشاء دولتها (لأنها تعتقل العديدين من الفلسطينيين في منطقة 1948) منظمة دولية معنية تدين الظروف الإسرائيلية لاعتقال الفلسطينيين إلا ما ندر، فقد نسمع أحياناً عن خروقات إسرائيلية ولكنهم يربطونها بالخروقات الفلسطينية أو العربية لظروف الاعتقال.
أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة ينظمون فعاليات يومية وحملات تضامن كثيرة وكبيرة مع الأسرى، وفي بعض الأحيان يجري تنظيم اعتصامات أمام السجون التي يتواجد فيها الأسرى، السلطات الإسرائيلية تقوم بقمع وحشي لأهالي المعتقلين والمتضامنين معهم (بمن فيهم الأجانب) ويعتقلون البعض، وأيضاً دون أن نسمع ولو بيان إدانة واحد من هذه الدولة الغربية أو تلك، فإسرائيل خارج نطاق المحاسبة والإدانة، وإذا ما عانى إسرائيلي واحد أو عميل ل”إسرائيل” كجلعاد شاليط وعملاء ل”إسرائيل” في مصر من ظروف اعتقال فلسطينية أو عربية (برغم كونها سوبر ديلوكس أي ظروف اعتقال 5 نجوم) تقوم الدنيا ولا تقعد،ويبدأ العالم في استعراض قصة الأسير الإسرائيلي المعني وظروفه اللاإنسانية، ويبدأ في ذرف الدموع تضامناً مع حزن والديه وبقية أهله، وتبدأ الماكينة الإعلامية في ترديد اسمه وقصته، حتى يعرفه أطفال كل دولة وليس مواطنوها البالغين والراشدين فقط.
عشرات من الفلسطينيين استشهدوا في السجون الإسرائيلية وأطفال ولدوا في السجون وأطفال دون الخامسة عشرة يعتقلون ويقضون مدداً طويلة ونساء وفتيات كثيرات يتواجدن في السجون، وكذلك شيوخ ومرضى ومعاقون ومشلولون من بين خمسة آلاف معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية ولا أحد يتحدث عن معاناتهم أو يذكر اسماً واحداً منهم.
المطلوب من السلطة الفلسطينية والجامعة العربية والدول العربية والأخرى الإسلامية وكافة المنظمات القانونية والحقوقية الدولية: تدويل قضية الأسرى الفلسطينيين في ظروف اعتقال النازية الإسرائيلية، والمطلوب دعم انتفاضتهم الحالية فهي معركة كسر عظم وهي إما الحياة أو الموت.
كاتب فلسطيني
صحيفة الوطن العمانية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...

16 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...