إرادة لا تهزم

يثبت الأسرى الفلسطينيون والعرب في سجون العدو الصهيوني كل يوم، أن إرادتهم لا تقهر، وأنها أقوى من إرادة العدو… ويثبتون وهم مقيدون بالأصفاد والأغلال، أنهم أقوى من السجانين.. يرفضون الامتثال لأوامرهم.. ويصرون على انتزاع حقوقهم الإنسانية التي كفلتها القوانين الدولية، ومقاومة العدو بأمعائهم الخاوية، مسجلين في التاريخ أن الجوع قادر أن ينتصر على الجلاد.
ومن هنا أصبح الأسرى مدرسة في الوطنية.. وفي الصمود والمقاومة، يستمد الشعب منهم عزيمته وإصراره على التجذر في أرض الوطن، والتصدي للمحتلين، وعدم المساومة على الحقوق والمبادئ.
إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام، والذي يدخل اليوم أسبوعه الثاني، لم يكن الأول، ولن يكون الأخير.. ويؤشر على جملة من الحقائق والمعطيات أهمها:
إن الأسرى مصممون على الحياة الكريمة.. ومتمسكون بها، ومن هنا يأتي إصرارهم على مقاومة المحتل، وكشف الغطاء عن وجهه القبيح اللاإنساني، وممارساته النازية الفاشية، ليراه العالم على حقيقته النازية، والتي حاول التغطية عليها طويلاً، من خلال حلفائه الغربيين.. الذين أمدوه بالحياة، وبوسائل البقاء.
الحقيقة الثانية: أن هذا الإضراب يؤكد أن هؤلاء الأسرى المناضلين مفعمون بالأمل.. وبإرادة الحياة، وأنهم موقنون تماماً بأن ليل الاحتلال لا بد أن ينجلي، ولو طال، وأن صباح الحرية حتماً قادم لا محالة، وهذه الحقيقة المغروسة في وجدانهم، هي السبب الرئيس في صمودهم وهي سر قوتهم.
ومن ناحية أخرى، فإن ردود فعل السلطة والتنظيمات والدول الشقيقة، على هذا الإضراب النوعي، يكشف الخلل الكبير الذي تعاني منه القضية الفلسطينية.. إن على المستوى الفلسطيني، أو على المستوى العربي، حيث لم ترق هذه الردود إلى مستوى تضحيات هؤلاء المناضلين، وإصرارهم على الشهادة لفضح ممارسات العدو.. في حين أن ما يحدث في سجون العدو، يستوجب إشعال الانتفاضة الثالثة، وإحراق الأرض من تحت أقدام العدو.. فلقد بلغ السيل الزبى.
أما ردود الفعل العربية الرسمية والشعبية، فهي مع الأسف، غير موجودة وغائبة، بعد ما تم تغييب القضية الفلسطينية، عن أجندة هذه الدول، وأصبح همها الوحيد هو القضاء على الربيع العربي، وإجهاض الثورات العربية، حتى لا تصلها نيران هذه الثورات.
إن معركة الأسرى الفلسطينيين تفرض على جماهير الثورات العربية.. من المغرب وحتى مسقط، أن تخرج إلى الميادين العامة والشوارع الرئيسة، معلنة تضامنها مع هؤلاء الأبطال، الذين يخوضون نيابة عن الأمة كلها، اشرف المعارك، بأمعائهم الخاوية.. بجوعهم، وصبرهم الأسطوري..
باختصار… ندعو ثوار مصر وتونس واليمن… وكل الثوار العرب، أن يخصصوا يوم الجمعة القادم، لنصرة ودعم الأسرى الفلسطينيين، وهم يخوضون معركة البقاء مع العدو الصهيوني… وذلك بالدعوة إلى إسقاط كافة المعاهدات والاتفاقات مع العدو، وتحريم التطبيع، وإحياء المقاطعة الاقتصادية… فدعم الأسرى الفلسطينيين في سجون واقبية وزنازين العدو، هو واجب وطني وقومي وديني وإنساني… فلا ربيع عربيا بدون تحرير فلسطين والقدس والأقصى.
[email protected]
صحيفة الدستور الأردنية