إضراب الأسرى وأهمية توحيد الصفوف

بدأ 1600 أسير في سجون العدو الصهيوني إضراباً مفتوحاً عن الطعام في 17 إبريل الحالي (يوم الأسير الفلسطيني). من ناحية أخرى بدأت إدارة السجون الإسرائيلية في فرض إجراءات مشددة على المضربين، فقامت بعزل المضربين في أقسام وغرف منفصلة وقطعت الكهرباء عنهم، وسحبت كافة الأجهزة الكهربائية بما فيها أجهزة التلفاز لمنع تواصلهم مع الأحداث الخارجية، كما منعت إدخال الصحف إليهم. تهدد إدارة السجون بإجراء تنقلات في صفوف المضربين وتشتيتهم في أكثر من سجن، وزج عدد منهم في زنانين انفرادية (كعادتها) وحرمان المضربين من زيارات علائلاتهم ولقاء المحامين وإغلاق مرافق العمل عنهم.
معروف أن إدارة السجون تقوم بهذه الإجراءات العقابية بهدف كسر شوكة المضربين وتحطيم إضرابهم وللتأثير على معنوياتهم والحد من تداعيات الإضراب، معروفة أيضاً تلك الظروف الإنسانية الصعبة التي يعاني منها أسرانا في سجون العدو على مختلف الصعد وبلا استثناء، وبخاصة بعدما استصدر نتنياهو قراراً من الحكومة الإسرائيلية جرى تسميته “بقانون شاليط” والذي يجعل من ظروف اعتقال الفلسطينيين جحيماً لا يطاق، هذا القانون سنته الحكومة الإسرائيلية في الفترة التي كان فيها شاليط محتجزاً لدى حركة حماس، أي قبل صفقة تبادل الأسرى الأخيرة.
هذا الإضراب يأتي أيضاً في الوقت الذي يُضرب فيه عن الطعام بعض الأسرى، وقد أمضوا ما يزيد على الأسبوعين ممتنعين عن الأكل، وبعضهم من مضى عليه 55 يوماً. هذا الإضراب يُذكّرنا أيضاً بالإضراب الذي خاضه بعض الأسرى الفلسطينيين في نهاية العام الماضي 2011 احتجاجاً على سياسة العزل الانفرادي، والذي استمر لما يقارب العشرين يوماً، وبعد الاتفاق بين اللجنة القيادية للإضراب وإدارة السجون على أن تقوم الأخيرة بإنهاء سياسة العزل الانفرادي، وبضمانة الوسيط المصري (إبّان فترة إنجاز صفقة الأسرى الأخيرة) قام المضربون بفك إضرابهم، لكن “إسرائيل” كعادتها نقضت الاتفاق وأعادتهم إلى زنازينهم. الإضراب الحالي يذكّرنا أيضاً بإضراب الشيخ خضر عدنان والأسيرة هناء شلبي، وقد اضطرت سلطات الاحتلال إلى إطلاق سراحهما رغم أنها أبعدت شلبي إلى غزة.
كان الإضراب عن الطعام ومازال، وسيظل وسيلة نضالية وكفاحية لأبنائنا وبناتنا وإخوتنا في سجون العدو الصهيوني، وهذه قضية لا يشك فيها أحد، ولكن حتى يحقق المعتقلون مطالبهم من خلال الإضراب يتوجب أن يتفقوا كلهم وبلا استثناء (وعددهم يقارب السبعة آلاف معتقل ومعتقلة) على كلمة واحدة، وعلى بدء الإضراب مجتمعين وبذلك يكون الإضراب أكثر فاعلية وتأثيراً في تحقيق الأهداف المرجوة منه، وبذلك أيضاً يجري إفشال إجراءات العدو وإدارة السجون التي تحاول جاهدة تفريق كلمتهم، والتي أسهل بالنسبة إليها أن تتعامل مع إضرابات جزئية للأسرى بدلاً من التعامل مع الإضراب الذي يشمل كل الأسرى.
باختصار لا نريد للانقسام الفلسطيني القائم في الخارج أن يؤثر على الوحدة الوطنية للأسرى، والذين وعلى الدوام وعوا مخطط إدارة السجون في تشتيت شملهم والعمل على إيجاد الشروخ الكبيرة بين فصائلهم في السجون.
أسرانا البواسل ومنذ بدء الاحتلال في عام 1967 حوّلوا السجون إلى مدارس نضالية تصاعد من التزام المعتقلين بقضيتهم الوطنية وبحقوق شعبهم المغتصبة من قبل العدو الصهيوني. من ناحية ثانية ندرك حجم التعارضات القائمة بين سلطتي غزة ورام الله، ولكن ورغم وجود هذا الانقسام فإن ذلك لا يمنع من التنسيق والتواصل بين قيادتيهما حول قضية الأسرى بشكل عام، ومن حيث الحرص على وحدة كلمتهم وإضرابهم لأنهم يجابهون عدواً واحداً ما زال يحتل الأرض الفلسطينية كلها من البحر إلى النهر بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة. أي بمعنى آخر فإن السلطتين مازالتا تحت الاحتلال الإسرائيلي.
على صعيد آخر، فإن الإضراب الحالي الذي يخوضه جزء من أسرانا في سجون العدو الصهيوني يظل بحاجة إلى التضامن معه من كافة الفصائل الوطنية الفلسطينية ومن سلطتي غزة ورام الله، فالأسرى وقضيتهم يظلان أكبر من الانقسام السخيف والبائس. الإضراب الحالي بحاجة إلى التضامن العربي معه على الصعيدين الشعبي والرسمي وعلى صعيد الجامعة العربية وكل المنظمات الحقوقية والأخرى المعنية بقضايا الأسرى الفلسطينيين للحصول على أكبر تضامن دولي مع الإضراب. يبقى القول إن كل العالم عرف اسم جلعاد شاليط وأنه كان محتجزاً لدى حماس.. ألم يحن الوقت ليدرك فيه هذا العالم إنسانية قضية أسرانا؟ سؤال نوجهه إلى المعنيين فلسطينيين وعرباً.
كاتب فلسطيني
صحيفة الوطن العمانية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...