السبت 10/مايو/2025

ملاحقة جرائم العدو

ملاحقة جرائم العدو

ليس هناك دولة في مشارق الأرض ومغاربها، ارتكبت جرائم ضد الأبرياء، و لم تلاحق على جرائمها، ولم تحاسب عليها، إلا الكيان الصهيوني، وهذا في تقديرنا السبب الرئيس.. لاستمراره في ارتكاب المجازر والمذابح والمحارق.. وبدم بارد، لأنه موقن تماما، بأن طرق العدالة موصدة، ولن تصل إليه يدها، ما دام محمياً “بالفيتو” الأميركي.
بالأمس حلت ذكرى مجزرة دير ياسين، التي ارتكبتها عصابات العدو وفق نهج صهيوني خبيث، يهدف إلى إرهاب الشعب الفلسطيني، ودفعه إلى الهجرة من وطنهم هرباً من الموت الصهيوني المحقق، وقد ارتسمت في ذاكرته صور أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ، الذين قتلهم العدو، وقام بإحراق جثثهم، وأصبحت تلاحق كل فلسطيني وعربي، ككابوس أينما حل، وحيثما ارتحل.
الجرائم والمجازر التي ارتكبها العدو بعد ذلك، ولا يزال.. بلغت أكثر من مئة مجزرة ومذبحة، كما يقول الدكتور سليمان أبو ستة، وجميعاً داخل فلسطين المحتلة، ما عدا صبرا وشاتيلا وقانا وفي لبنان، وبحر البقر في مصر.
هذا السجل الإجرامي، الذي ينفرد به العدو لم يلاحق، ولم تقم الدول العربية ومنظمة التحرير، بملاحقة الجناة، وتحويلهم إلى المحاكم المختصة، ولم نلمس فعلاً جدياً بهذا الخصوص وعلى مدى أكثر من ستة عقود، إلا ما قام به ذوو ضحايا صبرا وشاتيلا، برفع قضية لدى محاكم بلجيكا، إلا أن قوى الشر أغلقت طريق العدالة، إضافة لتقرير جولدستون، والذي يعتبر الوحيد الذي أدان العدو، بعد تحقيقات إضافية وحسب الأصول، وطالب بتحويل الجناة للمحكمة الجنائية الدولية، بعد ثبوت قيامهم بجرائم ضد الإنسانية، واستعمالهم أسلحة محرمة في عدوان غزة 2008.
هذه الصورة القاتمة يجب أن لا تدعنا إلى ترك الجاني حراً يفعل ما يشاء، كما تعود، ما يرتب على الجامعة العربية أن تقوم بدورها، في ضوء رفض المحكمة الجنائية الدولية، طلب منظمة التحرير، التحقيق في جرائم العدو بغزة، كون المنظمة ليست بدولة… وهذا يفرض على نبيل العربي، وهو رجل قانون أن يبادر إلى اتخاذ الإجراءات القانونية، التي تضمن ملاحقة جرائم العدو في الجنائية الدولية وغيرها، خاصة أن هذه الجرائم والمجازر والمحارق، لا تسقط بالتقادم.
إن اقتصار دور الجامعة وأمينها على إصدار بيانات التنديد والشجب والاستنكار، في الوقت الذي تدخلت “بالباع والذراع” في قضايا أقل خطورة وأهمية من القضية الفلسطينية، ومن الكارثة التي تتعرض لها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وجرائم التطهير العرقي التي يقارفها العدو لتهويد القدس، تستدعي التساؤل… وقبل ذلك تستدعي توجيه النقد لدور الجامعة الذي تراجع، بخصوص قضية العرب الأولى، ولم تعد فلسطين تحظى بالصدارة والأولوية، بعد أن قامت دول عربية بخطف الجامعة، وجعلت منه غطاء للتدخل الأميركي والغربي في الربيع العربي لإجهاضه.
باختصار… ندعو الجامعة العربية وأمينها، والدول الشقيقة، إلى إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، وإلى الشعب الشقيق، بإعادة القضية إلى صدارة اهتماماتها.. وإلى الخروج من مربع التدابر والتنابذ، والمناكفة وحروب داحس والغبراء، والتصدي لعدو الأمة، ومتابعة جرائمه، في المحاكم الدولية… فالسكين الصهيونية لا تفرق بين عربي وعربي..
[email protected]
صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات