السبت 10/مايو/2025

البوسنة تحيي الذكرى العشرين للحرب

البوسنة تحيي الذكرى العشرين للحرب

أحيت البوسنة أمس الجمعة ذكرى الحرب التي اندلعت قبل عشرين عاما بصف من المقاعد الخالية الحمر على طول شارع تيتو، وبلغ عددها 11541 مقعدا، هو عدد ضحايا حصار سراييفو الذي دام نحو أربع سنوات (1992-1995)، ويعتبره المؤرخون الأطول في التاريخ الحديث.

وامتدت المقاعد الحمر الخالية التي ترمز للقتلى لمسافة ثمانمائة متر في شارع رئيسي بوسط سراييفو يحمل اسم الزعيم الاشتراكي الراحل جوزيف بروز تيتو مؤسس يوغوسلافيا الذي حكمها 35 عاما. وقد عرف شارع تيتو باسم شارع القناصة إشارة إلى القناصة الصرب الذين أثاروا الرعب في سراييفو.

وحلت الذكرى العشرون للحرب بينما لا تزال الدولة الواقعة في منطقة البلقان منقسمة، فتقاسم السلطة بين الصرب والكروات والمسلمين في دولة واحدة محكوم بنظام للحصص قائم على أسس عرقية، وتعتمد وحدة البلاد على واحدة من أضعف الحكومات المركزية.

وتجاهل الصرب -في جمهوريتهم التي تتمتع بحكم ذاتي- الذكرى الرسمية التي حلت الجمعة ووافقت اليوم الذي أطلق فيه الرصاص على محتجين سلميين في وسط مدينة سراييفو، إيذانا ببدء الحرب التي استمرت فيما بين 1992 و1995. وسقط نحو مائة ألف قتيل في الفترة بين أبريل/نيسان 1992 وديسمبر/كانون الأول 1995.

واضطر حوالي نصف سكان الدولة البالغ عددهم 4.4 ملايين نسمة للفرار من بيوتهم، ووقع كل هذا على أعتاب حلف شمال الأطلسي (ناتو) في منطقة تبعد ساعات قليلة بالسيارة عن فيينا أو يفصلها البحر الأدرياتيكي عن إيطاليا. ولم يرجع سوى أقل من نصف السكان الذين هجروا ديارهم إلى البلدات والقرى التي غادروها.

وقد استمر حصار سراييفو على أيدي القوات الصربية التي سيطرت على قمم التلال 43 شهرا، وكان أبناؤها هدفا للقناصة والقصف العشوائي عند وقوفهم في طوابير للحصول على المياه أو عند التسوق، وكان ما يزيد على ستمائة طفل من بين القتلى.

وشارك في مراسم إحياء ذكرى الحرب كورال يضم 750 طالبا في سراييفو. وقالت الفنانة البوسنية سعادة كابيتش “كنا أهدافا متحركة”.

ويوم الخميس عزف فيدران إسماعيلوفيتش عازف التشيلو لأول مرة في مسقط رأسه الذي غادره عام 1993، وأصبح إسماعيلوفيتش رمزا للمقاومة عندما كان يعزف في شارع بوسط سراييفو بينما كانت المدينة تتعرض للقصف.

وكانت البوسنة تجسد يوغوسلافيا في زمن تيتو خليطا من الصرب الأرثوذكس والكروات الكاثوليك ومسلمي البوسنة، ولكن مع بدء تفكك يوغوسلافيا صوّت مسلمو وكروات البوسنة لصالح الاستقلال عن يوغوسلافيا في استفتاء.

وسيطرت القوات الصربية المدججة بسلاح الجيش اليوغوسلافي على 70% من أرض البوسنة وطردوا غير الصرب في سياسة عرفت باسم “التطهير العرقي”، ورد المسلمون والكروات بالقتال وتقاتلوا فيما بينهم أحيانا.

وأرسلت الأمم المتحدة قوات لحفظ السلام دون تفويض للرد على إطلاق النار، ولم تستخدم قوات حلف شمال الأطلسي القوة إلا بعد سقوط ما عرف بالملاذ الآمن في سربرينيتشا في يوليو/تموز 1995 في قبضة القوات الصربية التي ذبحت آنذاك ثمانية آلاف من الرجال والصبية المسلمين، وقصفت قوات حلف الأطلسي الصرب لدفعهم إلى طاولة التفاوض.

نهاية الحرب

ولقنت البوسنة الغرب دروسا قاسية في التدخل الإنساني الذي يمكن أن يجد له صدى في سوريا إلى الآن، حيث تدرس الأمم المتحدة احتمال نشر مراقبين غير مسلحين بموجب خطة للسلام لإنهاء الحرب بين المعارضة والقوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد.

وانتهت حرب البوسنة باتفاق للسلام في عام 1995 تم التوصل إليه بوساطة أميركية وجرى توقيعه في قاعدة جوية أميركية في دايتون بولاية أوهايو.

وأسكتت الاتفاقية المَدافع لكنها قسمت البوسنة إلى منطقتين على أسس عرقية، وجرى تقاسم السلطة استنادا إلى هذه الأسس المعقدة، مما أعاق التطور وترك التشاحن العرقي البوسنة دون حكومة مركزية معظم عام 2011.

والبوسنة متأخرة كثيرا عن بقية جمهوريات يوغوسلافيا السابقة على الطريق الطويل لعضوية الاتحاد الأوروبي، التي لم تتقدم إليها بعد، ويتعين عليها أولا تعديل دستورها الذي يعود إلى فترة اتفاقية دايتون بما يتماشى مع قرار للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يصف نظامها الصارم لتوزيع حصص السلطة على أساس عرقي بأنه تمييزي.

لكن الصرب يرفضون أي خطوة نحو توسيع السلطة المركزية معتبرين البوسنة كيانا مصطنعا فرضته عليهم القوى الخارجية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات