هي القدس التي توحد الأمة وتلك حشودها الهادرة

من رأى جموع الوافدين إلى أقرب نقطة في الأردن إلى القدس (سويمة- المغطس) وقرب عبق “الكرامة” وشهدائها، لن يشك لحظة في أن هذه الأرض التي تنفّس عشرات الآلاف من الناس رائحة طهرها لن تبقى بيد الاحتلال إلى أمد بعيد.
جاؤوا من كل فج عميق، لم يمنعهم بُعد المسافة ولا وعثاء السفر من المشاركة في مسيرة القدس، تماماً كما حدث في لبنان وعدد من الدول يوم الجمعة وسيحدث اليوم الأحد في الدول التي تكون عطلتها الأحد.
في الأراضي الفلسطينية المحتلة كان المشهد رائعا أيضاً؛ من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، والأراضي المحتلة عام 48، كان الفلسطينيون يحتفلون بيوم الأرض، ويهتفون للقدس ولكل فلسطين.
رأيناهم؛ شيوخاً وشباباً وأطفالاً ونساء من كل الأعمار. رأيناهم يحملون القدس في أرواحهم ويهتفون لطهرها وحريتها، وعلى وقع هتافاتهم لسنا نشك في أن المحتلين كانوا يرتعدون خوفا؛ هم الذين تشكل القدس قلب مشروعهم الصهيوني سواءً أكانوا من اليسار أم اليمين.
صرخات مئة ألف في منطقة الغور، وأكثر منهم بكثير في داخل فلسطين وشتى أنحاء العالم العربي والإسلامي وعواصم العالم، لا يمكن إلا أن تحمل الرسالة الواضحة، والتي خلاصتها أن هذه الأرض لن تكون إلا لأهلها وأن الأساطير المؤسسة للمشروع الصهيوني لن تغير في واقع الحال شيئاً.
بوسع المحتلين أن يغيروا الخرائط، وبوسعهم أن يهودوا المدينة المقدسة وسائر الضفة الغربية، بل بوسعهم أن يهدموا المسجد الأقصى إن كانوا جاهزين لردود الفعل، لكن ذلك كله لن يغير من حقيقة أن هذه الأرض ستعود لأهلها، وأن هذه الجحافل التي جاءت من كل فج عميق وأكثرها ولد في الشتات لن تفرط بحقها ولا بقدسها ولا بعودتها إلى أرضها ومقدساتها.
إنها ليست مجرد مسيرات مثل كل المسيرات. إنها “بروفا” لما هو قادم. “بروفا” لمسيرات أكبر بكثير ستأتي عما قريب، بعد عام أو عامين، أو خمسة. لسنا متأكدين من التوقيت، لكننا متأكدون من أنها حقيقة قادمة، حيث سيلتحم المنتفضون البواسل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بإخوانهم من الشتات، وإلى جانبهم جماهير الأمة في زحف مقدس لا يوقفه شيء.
في الغور، لم نر أبناء الشتات والأردنيين من كل المناطق وحدهم، بل رأينا وفوداً تمثل العالم العربي والإسلامي أيضاً، كما رأينا وفوداً تمثل أحرار العالم، فالقدس هي عنوان آخر احتلال عنصري على وجه الأرض، وللأحرار دور في تخليصها من الاحتلال أيضاً، لكن العرب والمسلمين هم العنوان الأكبر، ومن رأى الجزائريين والمغاربة يتظاهرون ويهتفون، وكذلك الإندونيسيين والماليزيين وسواهم من المسلمين سيتأكد من أن الاحتلال زائل لا محالة.
هي قضية العرب وقضية المسلمين المركزية، ولن تتقدم عليها أي قضية أخرى رغم انشغال الأمة في ربيعها ضد الطغيان، فهل بوسع الصهاينة أن يعادوا ملياراً ونصف المليار مسلم ثم يربحوا الحرب، هل يمكن لمدينة تهفوا إليها قلوب كل هؤلاء البشر أن تبقى محتلة إلى أمد بعيد؟!
أياً يكن الأمر، فقد كنا أول أمس الجمعة أمام مسيرات رائعة في يوم من أيام القدس وأيام فلسطين، وقد ردت تلك المسيرات الأمل لمن شاركوا فيها، ولمن تابعوها أيضاً، مع العلم أن أعداداً غفيرة من الناس كانوا جاهزين للذهاب، وقد حضروا إلى أماكن التجمع المعلنة، لكن الحافلات المتوفرة لم تكف غير عدد محدود.
إن حجم الحماسة التي تابعناها تفوق الوصف، ولا يمكن إلا أن تبث الأمل في القلوب، وترد على سائر المثبطين، بل وترد على سائر المتخاذلين الذين بدل أن يرتبوا الأجواء لمرحلة جديدة من مراحل الصراع بعد الربيع العربي نراهم لا يتحدثون إلا عن السياحة للقدس ودعوة المسلمين لزيارتها من خلال سفارات العدو الصهيوني.
لقد رأينا أبناء الأمة يأتون إلى حدود فلسطين لمبايعة القدس على بقائها في الروح والقلب، وذلك أفضل ألف مرة من الذهاب إليها بتأشيرات من سفارات العدو وتطبيع العقول والقلوب على بقائها تحت الاحتلال.
استوقفنا في هذا السياق حديث البعض عن اللون الواحد لمسيرة الغور (ماذا عن المسيرات الأخرى؟!)، وهو كلام سخيف لا يستحق الرد، ليس فقط لأن الناس من مختلف الأطياف كانوا حاضرين ومشاركين (منع المنظمون أي أعلام حزبية)، بل أيضاً لأن قيام تيار سياسي بنصرة فلسطين لا ينكر عليه، بل ينبغي الإنكار على الغائبين (إذا كان لهم وجود بالطبع).
كان يومًا رائعًا، ومسيرات رائعة، فشكراً لمن نظموها ومن شاركوا فيها (من عزموا ولم يجدوا ما يحملهم هم مشاركون بالفعل)، وكذلك من فرحوا بها بعد أن حالت ظروفهم دون المشاركة. شكراً لهم جميعاً، وندعو الله أن يجعل مسيرات الزحف الأخيرة قريبة؛ وما ذلك عليه سبحانه بعزيز.
صحيفة الدستور الأردنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...