الأحد 11/مايو/2025

رهان المفاوض الفلسطيني على رد نتانياهو خاسر

رهان المفاوض الفلسطيني على رد نتانياهو خاسر

الوضع الفلسطيني أمنياً وسياسياً سيبقى مهماً لمصر كدولة، بغض النظر عن طبيعة نظامها الحاكم، وسيبقى منحى هذا الدور واتجاهاته الأساسية، موقع ملاحظة من قبل تل أبيب، وكل المعنيين إقليمياً ودولياً، والتصعيد الإسرائيلي الأخير، ليس أولى الحلقات العدوانية منذ اندلاع ثورة يناير في مصر، إلا أن تل أبيب تضع الموقف «الرسمي» المصري، قيد الاختبار الدائم، خاصة وأن القاهرة كانت الوسيط الدائم، في كل ما يتصل بالملفات العالقة مع “إسرائيل” بشأن القطاع، وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، ولعبت دوراً أساسياً في الوصول إلى التهدئة بعد كل جولة من الاعتداءات الإسرائيلية.
التصعيد الإسرائيلي مؤخراً، جاء في ظل وضع فلسطيني مرتبك، ومفتوح على عودة التجاذبات التناحرية بين طرفي الانقسام، فقد عادت نذر الاتهامات المتبادلة إلى الظهور في وسائل الإعلام، وبدا بأن المعادلات الداخلية في كل من فتح وحماس، هي من يتحكم بمنحى جهود المصالحة، بل وحتى بالقضاء على فرص إنجازها، ولا نعتقد بأن “إسرائيل” يمكن أن تجد أرضاً خصبة أكثر من ذلك، للتمادي بعدوانها وعدم الاهتمام بأية ردود فعل فلسطينية تجاهه مهما حملت من خيارات.
جاء هذا التصعيد العدواني الإسرائيلي أيضاً، في الوقت الذي ابتكر فيه المفاوض الفلسطيني في رام الله – ما أسماها بـ «أم الرسائل» الموجهة إلى حكومة نتانياهو، كوهم جديد ليملأ الفراغ السياسي الذي تعيشه العملية التفاوضية، وليوحي فيه للمواطن الفلسطيني، أن ثمة أملاً أو منعطفاً جديداً في المسار التفاوضي يستحق الرهان عليه.
في إطار سلسلة الأوهام التي جرى وراءها المفاوض الفلسطيني كان يسترشد بمقولة مضللة للذات مفادها – لا بد من تقديم تنازلات شكلية، بهدف تحقيق مكاسب حقيقية- ويتضح، في النهاية، أن المفاوض الفلسطيني، يقدم التنازلات المطلوبة، لكنه لا يجني المكاسب الموعودة، مما وضعه في مسار تنازلي، يتلوه مسار تنازلي إضافي، وكانت النتيجة المنطقية للعملية التفاوضية برمتها ربحاً صافياً ل”إسرائيل” وخسائر صافية للفلسطينيين.
لماذا لا يعترف المفاوض الفلسطيني بعقم المفاوضات أو بجمود وتوقف العملية التفاوضية؟، ولماذا يرفض تبني أي بديل لهذه العملية التفاوضية؟. وما العمل في ظل رفض الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة النزول عند متطلبات التسوية التي تضمن للفلسطينيين حقوقهم؟.
إذا كان رهان المفاوض الفلسطيني هو على رد نتانياهو، فمن الآن نقول إنه رهان خاسر، لأن نتانياهو لا يعبأ الآن بالموضوع الفلسطيني، وهمه متوجه نحو إيران، ونحو سوريا، ليس لعدم أهمية الموضوع الفلسطيني، بل لأنه يدري جيداً، أن المفاوض الفلسطيني ربط مصيره بالمفاوضات الحالية، وبالتالي مستعد أن ينتظر إلى ما شاء له نتانياهو أن ينتظر، ولست أدري ما إذا كان المفاوض الفلسطيني قادراً على أن يقلع عن الإدمان على عملية تفاوضية عقيمة، وما إذا كان بوسعه أن يتوجه، هو وباقي أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية، إلى بناء استراتيجية جديدة، يكون فيها الاستحقاق الأكبر، هو الخلاص من الاحتلال والاستيطان، فبناء هذه الاستراتيجية لا يتطلب عبقرية سياسية، وإنما يتطلب فقط إرادة سياسية.
صحيفة الوطن القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات