الأحد 11/مايو/2025

الجولة الحالية مقدمة مبكرة لمواجهة عسكرية قادمة

الجولة الحالية مقدمة مبكرة لمواجهة عسكرية قادمة

ألقت جولة التصعيد الإسرائيلية العسكرية الأخيرة ضد قطاع غزة بظلالها على النقاشات الدائرة في دوائر صنع القرار في تل أبيب، في ظل أنها أتت عقب تحذير رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، بيني غانتس، مما أسماه تعاظم القوة العسكرية للتنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة ومنطقة سيناء، وأن الجيش سيعمل على إحباط أي عملية فدائية ضد (إسرائيل)، حتى لو ترتب على ذلك خطر وقوع جولة قتال جديدة.

ولذلك فإن (إسرائيل) تريد أن تفرض معادلة جديدة على الفلسطينيين تتلخص في استمرار الاغتيالات للقيادات الفلسطينية، مع استيعاب بعض الردود المبدئية والمتواضعة من قبل الفلسطينيين، وهو ما يتطلب إرسال رسالة تحذيرية للفصائل الفلسطينية من قبول هذه المعادلة، والعمل على إرسال رسالة قوية للاحتلال، بأن تكبح جماحه، وإلا سيكون لسان حالهم بعد فترة وجيزة “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”.

بمعنى أن غض الطرف عن هذه الاغتيالات لحسابات سياسية داخلية قد يجعلها تستوعب اغتيالات القادة السياسيين دون أن ترد رداً حقيقياً يكبح جماح (إسرائيل)، و(إسرائيل)بالمناسبة قد لا تريد بهذه العملية الاندفاع نحو عملية تصعيد كبيرة أو ميدانية في القطاع، لأنها تعتقد أن موضوع الاغتيالات لا يجب أن يربط بتصعيد ميداني كبير، ولذلك لن تتجاوز فترة التصعيد يومين أو ثلاثة أيام دون الذهاب لمواجهة كبيرة.، ولعل ذلك سببه اعتقاد الاحتلال بأن الفلسطينيين غير متشجعين في هذه المرحلة للدخول في جولة من المواجهة.

وهو ما دفع بمحافل عسكرية إسرائيلية للزعم بأن المواجهة القادمة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تدفعها لامتلاك عشرات القواعد العسكرية، والمنظومات الحربية المبنية تحت الأرض، تقود منها عملياتها العسكرية، وتصدر أوامرها وتعليماتها لمقاتليها، مع الاحتفاظ بمنظومات لإطلاق الصواريخ والراجمات تحت الأرض، بما في ذلك عشرات “الأنفاق القتالية” المرتبطة بالبيوت، بعضها معدة لعمليات اختطاف الجنود، وأسرهم عند الحاجة، وأخرى معدة لنقل وتهريب الأسلحة.

وفي حين أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يفضل بالأساس عدم الدخول إلى الأنفاق والمقار العسكرية تحت الأرض، باعتبار أن درجة المجازفة بحياة جنوده تفوق الفائدة المرجوة منها، في حين قد تكون لمثل هذه المواجهة تحت الأرض في بعض الحالات نقاط تفوق، خاصة في حالات كون الموقع ذا أهمية استراتيجية، أو اختطاف جنود.

ولذلك، سيتم دخول هذه المواقع بمساعدة “الروبوتات” الالكترونية، ثم إنزال الجنود إليها، مع العلم أن العالم “تحت الأرضي” مليء بالمخاطر والتهديدات العسكرية، فالأنفاق ليست مجرد ظاهرة جيولوجية، بل هي أمر معقد مليء بالمصائد والكمائن التي يعدها لنا العدو.

وفي خضم هذه الجولة المتواصلة في غزة، تبدي أوساط أمنية إسرائيلية مقربة من أجهزة الشاباك والموساد و”أمان”، قناعتها بأن التقدير في الجيش يزداد بأن الحرب القادمة ستُدار في عدة جبهات، وسيضطر الجيش للتعامل مع جيوش من عدة دول، ومع هجمات للمنظمات المسلحة، ولذلك فهو يتابع ما يجري حوله، وفي حال تطور الأمر، فإن هذا سيتطلب استعدادات مختلفة، بحيث إذا أدت الاضطرابات الإقليمية لواقع آخر، فإن هذا يتطلب جهداً قومياً.

كما يستعد ذراع البر لسيناريو حرب في عدة جبهات، من المتوقع أن تندلع في أعقاب التطورات في الشرق الأوسط، عبر ملاحظة الجيش خلال الفترة الأخيرة لزيادة واضحة للتعاون بين إيران، سوريا، حماس، وحزب الله.

لكن التقدير السائد أنه عندما تندلع حرب في المستقبل، فيحتمل كثيراً أن تكون مختلفة عما عرفناه، وستشمل القتال في عدة جبهات: أمام حماس في غزة، حزب الله في لبنان، سوريا، وفي حالة محددة أمام مصر، في حال أصبحت سيطرة جيشها المدرب والمتقدم نسبياً بيد “الجهات المعادية”.

ومن خلال التحضيرات الحالية لسيناريوهات حرب شاملة، تظهر صورة وضع مقلقة فيما يتعلق بإطلاق القذائف الصاروخية على (إسرائيل).

فقد أقر ضابط إسرائيلي كبير في قيادة المنطقة الجنوبية التي تقود الوضع العسكري في قطاع غزة بأن منظومات الدفاع الموجودة ستكون غير قادرة على التعامل مع كمية راجمات الصواريخ المنطلقة تجاه الدولة، وإن وضعاً ترد فيه بالنيران على النيران التي ستطلق عليها، مهما كانت ثقيلة، لا يمكنها أن تؤدي لحسم الحرب لصالحها، ولذلك، يتدرب الجيش على سيناريو تقصير جوهري لأيام الحرب.

فلسطين أون لاين، 14/3/2012

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات