الخميس 08/مايو/2025

الإسرائيليون يحاولون توريط أمريكا

الإسرائيليون يحاولون توريط أمريكا

يوم الأحد الماضي التقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في البيت الأبيض، رئيس الدولة الصهيونية شمعون بيريز، وفي اليوم التالي، التقى الأول رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، وقبل ذلك بأيام قليلة، كان هناك لقاء جمع الرئيس الأمريكي بوزير الدفاع “الإسرائيلي” إيهود باراك. وبحسب المراقبين، وما نشرته الصحف “الإسرائيلية”، فإن موضوع الملف النووي الإيراني والموقف منه، كان أهم الموضوعات التي بحثت في اللقاءات الثلاثة. وما أعلن وتسرب عن اجتماعات القادة “الإسرائيليين” الثلاثة يشير إلى أن القيادة “الإسرائيلية” مصرة، بطريقة وأخرى، على توريط الولايات المتحدة بحرب جديدة، هذه المرة مع إيران.
عشية لقاء أوباما – نتنياهو، كتب إيتان جلبواع، وهو رئيس مدرسة الإعلام، وباحث كبير في مركز بيغن- السادات، مقالاً في صحيفة (يديعوت – 2/3/2012) اعتبر فيه أن لقاء أوباما- نتنياهو “قد يكون أهم اللقاءات التي حصلت بين رئيس أمريكي ورئيس وزراء “إسرائيلي”، لأنه سيرسم إطار العلاقات الأمريكية – “الإسرائيلية” في السنوات القريبة المقبلة، لا سيما في مجالات الأمن الأكثر حساسية”. وكان أوباما قد استبق لقاءه مع نتنياهو بتصريح أدلى به في اجتماع بدأ به لجمع التبرعات من أجل حملته الانتخابية، قال فيه: “إن دعم بلاده لأمن “إسرائيل” مقدس”، وتحدث فيه عن ضرورة مساعدتها في الحفاظ على “تفوقها العسكري”.
المعلق البارز في صحيفة (هآرتس- 2/3/2012)، آري شافيت، لخص الموقف في واشنطن من إيران وملفها النووي، في العبارات التالية: تقول واشنطن إنه “كانت لنا حرب فظيعة لا داعي لها في العراق، ولنا حرب معقدة تثير الاكتئاب في أفغانستان، وقد بدأ اقتصادنا في نهاية المطاف ينتعش من أشد أزمة عرفها منذ كانت الحرب العالمية الثانية، وستجري انتخابات رئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني، ولا يخطر في طرف بالنا أن نقوم الآن بفعل ما قد يورطنا في حرب ثالثة، وتهاوٍ اقتصادي من جديد. لن نهاجم إيران بأي شكل من الأشكال، ولن ندع “إسرائيل” تهاجم”.
في ضوء الصورة التي رسمها شافيت لرؤية البيت الأبيض للحظة الراهنة، لا يخالج المراقب أي شك من أن المحاولات “الإسرائيلية” لتوريطه في حرب جديدة مع إيران ستفشل. لكن السؤال المطروح هو، إذا كانت الصورة بهذا الوضوح للبيت الأبيض، فكيف يمكن للقادة “الإسرائيليين” أن ينجحوا في توريط الولايات المتحدة في حرب ترفضها وترى مخاطرها بشكل واضح؟
بالطبع ليس هناك ما يمكن الجزم به من بعيد، لكنه في الوقت نفسه، ليس مؤكداً أن ينجح القادة “الإسرائيليون” في توريط الأمريكيين، أما المؤكد أنهم لن يتوقفوا عن المحاولة. وهنا يتحول السؤال عن “الطريقة” التي يسعون من خلالها لتحقيق هذا الهدف؟ أولاً، لا بد أن نتذكر أن زيارات أهم ثلاث شخصيات في السلطة “الإسرائيلية” جاءت في ظروف “نموذجية” للضغط على الرئيس الأمريكي: بدء جمع التبرعات للحملة الانتخابية، والاجتماع السنوي الذي يعقده اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، ممثلاً في منظمة (إيباك)، وتراجع النفوذ الأمريكي عموماً في العالم بدليل الارتباك الذي يغشى السياسة الأمريكية في منطقة “الشرق الأوسط”. ثانياً، وهو الأهم، اللعب في توزيع الأدوار بين رموز القيادة “الإسرائيلية” بين “مؤيد” للسياسة الأمريكية و”معارض” لها، بحيث، أو على أمل أن، تنتهي “المقايضات” الجارية إلى تحقيق الهدف “الإسرائيلي” في التوريط. كيف؟
في الظاهر، يبدو شمعون بيريز، وهو الثعلب الأكثر خبرة وخبثاً في الكيان الصهيوني، وكأنه “الحمل” الأكثر تفهماً للسياسة الأمريكية، فيظهر وكأنه على خلاف مع بنيامين نتنياهو وإيهود باراك، اللذين يمثلان “الصقور”، واللذين يسعيان إلى “ضربة استباقية” للمنشآت النووية الإيرانية. وبحسب الصحف “الإسرائيلية”، فإن بيريز أعرب لأوباما عن اعتقاده بأنه “كلما كان التهديد باللجوء إلى عمل عسكري ضد إيران صادقاً كانت احتمالات عدم اللجوء إليه تزداد ويزداد معها أن تحقق العقوبات الاقتصادية الأهداف المتوخاة منها”. ويضيف بيريز “ناصحاً” أوباما إنه “كلما كانت التصريحات الأمريكية المتصلة بالموضوع واضحة قلت حاجة نتنياهو للتصريحات حول الموضوع”!
هل لاحظتم خبث بيريز؟ كيف يمكن أن يبدو التهديد بالعمل العسكري “صادقاً”؟ كل المسؤولين الأمريكيين يرون أن العقوبات الاقتصادية ستؤتي أكلها عاجلاً أو آجلاً، لكنهم يحرصون في كل مرة يتحدثون فيها عن الملف النووي الإيراني أن يعلنوا بوضوح “أن كل الخيارات ممكنة ومطروحة وعلى الطاولة”. فماذا يمكن أن يقولوا أكثر من ذلك حتى تبدو تهديداتهم صادقة؟ إن بيريز يسعى إلى جر أوباما إلى موقع نتنياهو حتى يمنع “تهور” الأخير! إنه يجر أوباما إلى التهور ليمنع تهور نتنياهو ! ولكن من سيضمن بعد ذلك ألا تؤدي الأمور إلى ما لا يريد أوباما أن يصل إليه؟
بعد دور بيريز، يأتي دور نتنياهو ليسلم أوباما مطالبه، التي نكتشف بسهولة أنها ليست سوى نفس ما انطوت عليه “نصيحة” بيريز لأوباما، ولكن بلهجة أخرى. وبحسب الصحف “الإسرائيلية”، فإن مهمة نتنياهو كانت أن يبلغ أوباما أنه يريد أن يسمع منه أقوالاً واضحة “تفيد أن الخيار العسكري موجود على الطاولة الأمريكية”، ولكن على طريقته وليس على الطريقة الأمريكية.
لقد سبق ل”الإسرائيليين” أن ورّطوا إدارة جورج دبليو بوش في حرب “فظيعة ولا داعي لها في العراق”، وهم يحاولون اليوم توريط إدارة باراك أوباما في حرب أفظع، وأيضاً لا داعي لها في إيران، فهل يفعلها “الإسرائيليون” مرة أخرى؟
صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

10 أعمال للمقاومة في الضفة خلال 24 ساعة

10 أعمال للمقاومة في الضفة خلال 24 ساعة

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام تصاعدت أعمال المقاومة بالضفة الغربية المحتلة، خلال الـ 24 ساعة الماضية، ورصد مركز معلومات فلسطين "معطى"، تنفيذ...