الخميس 08/مايو/2025

لوبي إسرائيل يقابل حركة «احتلوا وول ستريت»

لوبي إسرائيل يقابل حركة «احتلوا وول ستريت»

لفت انتباهي الأسبوع الماضي، إعلان مدفوع الأجر في صحيفة نيويورك تايمز، باسم “اللجنة الطارئة من أجل إسرائيل”. وكنت قد كتبت في هذا المكان قبل شهور، عن تلك اللجنة التي أنشأها المحافظون الجدد من أجل دعم “إسرائيل”، وانضم لها عدد من رموز اليمين الديني الذين يؤيدون “إسرائيل” على أسس لاهوتية. واللجنة تضم عدداً من عتاة المحافظين الجدد، بعضهم من الأكثر عنصرية على الإطلاق تجاه العرب والمسلمين.
أما الإعلان الذي نشرته اللجنة في نيويورك تايمز، فهو للتشهير بمنظمات أميركية تعتبرها اللجنة معادية ل”إسرائيل”، لأنها انتقدت بعض سياسات الحكومة الإسرائيلية. فالإعلان ذكر موقعاً إلكترونياً ومركزاً من مراكز الفكر، واتهمهما بمعاداة “إسرائيل” وكراهيتها، ومع الاتهام قائمة بأسماء الجهات التي تمول الموقع والمركز. وفي ذيل الصفحة يطالب الإعلان القارئ المهتم، بالاتصال بتلك الجهات الممولة – وأغلبها يهودية بالمناسبة – ومطالبتها “بوقف تمويل التعصب والتطرف المعادي لإسرائيل”.
ما يلفت الانتباه هو أن تلك الاتهامات ليست جديدة، فهي متداولة منذ فترة ويدور حولها جدل داخل الجماعة اليهودية الأميركية تحديدا. القضية إذن في توقيت نشر الإعلان، فهو نشر في بداية مارس، أي عشية انعقاد المؤتمر السنوي لإيباك، لوبي إسرائيل في واشنطن.
ومؤتمر إيباك السنوي، عادة ما يتحول إلى مهرجان احتفالي في حب “إسرائيل”. فالرئيس الأميركي ونائبه والوزراء وأعضاء الكونغرس وغيرهم من الرموز السياسية، يحرصون على حضور ذلك المؤتمر، حرصهم على إلقاء كلمة خلاله تعبر عن الولاء ل”إسرائيل” والاستعداد لدعمها على طول الخط.
لكن مؤتمر إيباك ينعقد هذا العام وسط أجواء سياسية مشحونة، فهو ينعقد في خضم الحملة التمهيدية للحزب الجمهوري، لاختيار مرشح الحزب الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية ضد أوباما في الخريف. والحملة تعكس الحالة الخطيرة التي صار عليها أحد الحزبين الكبيرين في أميركا، فبفعل قوى اليمين الديني وحركة حفل الشاي، انجرف الحزب نحو تطرف يميني واضح، صار يجذب المرشحين جميعاً نحو المزايدة وإعلان مواقف أكثر يمينية من بعضهم البعض.
والموقف من “إسرائيل” صار هو الآخر موضوعاً للمزايدات، فبينما يوافق كل المرشحين الجمهوريين على توجيه ضربة عسكرية لإيران، وعلى دعم “إسرائيل” دون شروط، يرى المرشح نيوت غينغريتش بكل صفاقة، أن “الفلسطينيين شعب تم اختراعه”.
وينعقد مؤتمر إيباك أيضاً وسط طبول الحرب التي تدقها “إسرائيل” وأنصارها في واشنطن، وعلى رأسهم إيباك، من أجل توجيه ضربة عسكرية لإيران. وليس خافيا أن إدارة أوباما تعارض الموقف الإسرائيلى، فهي ترفض أن تورط الولايات المتحدة في حرب جديدة ذات نتائج كارثية، بل وترفض أن تقوم إسرائيل بتلك الضربة بمفردها على نحو يؤدي لنتائج أكثر كارثية.
لكن المسؤولين الإسرائيليين الذين طاروا إلى واشنطن من أجل حضور مؤتمر إيباك، يقودون حملة في العاصمة الأميركية لخلق رأي عام أميركي مؤيد لتوجيه ضربة لإيران ومتعاطف مع “إسرائيل”، بما يسمح لهم بمطالبة أوباما باستخدام لغة أكثر عدوانية تجاه إيران، وبإعلان خطوط حمر إذا ما تخطتها إيران توجه أميركا لها ضربة عسكرية.
باختصار، تسعى “إسرائيل” وأنصارها إلى إعداد الساحة الأميركية لشن هجوم على إيران. ومثل هذا الهجوم سيجد مؤيدين فوريين من مرشحي الرئاسة الجمهوريين، وهو الموقف نفسه الذي تتبناه دوائر نافذة في الكونغرس، أعلنت مؤخراً تأييدها لأوباما إذا ما قرر ضرب إيران.
لكن كل هذه الترتيبات تلقى معارضة وانتقادات واسعة من جانب اليهود الأميركيين الليبراليين، الذين يجدون في دفع أميركا لحرب ضد إيران، إعادة إنتاج لسيناريو غزو العراق. فالحيثيات التي تستخدم واحدة تقريباً، والأشخاص والمنظمات التي تدفع أميركا نحو الحرب اليوم، هي التي دفعت نحو حرب العراق التي كلفت الولايات المتحدة 3 تريليونات دولار.
هنا، يصبح واضحاً لماذا تنشر “اللجنة الطارئة لدعم إسرائيل”، الإعلان مدفوع الأجر في نيويورك تايمز عشية مؤتمر إيباك. فالإعلان لا يستهدف فقط التشهير بتلك المنظمات، وإنما توجيه رسالة ردع لغيرهم ممن يوجهون انتقادات لإسرائيل ولإيباك في هذه اللحظة، التي تعتبرها “إسرائيل” حاسمة لتحقيق هدفها بإقناع أميركا بضرب إيران.
لكن حملات التشهير تلك لم تعد تخيف الكثيرين منذ فترة، بل إنها صارت في ذاتها موضع هجوم، وبالذات من اليهود الأميركيين الذين ضاقوا ذرعاً بمحاولات إسكات صوتهم الناقد ل”إسرائيل”.
لكن الجديد هذه المرة، هو أن إيباك تأتيها المواجهة في مؤتمرها هذا العام، ليس من هؤلاء اليهود الأميركيين كما حدث في أعوام سابقة، وإنما من حركة “احتلوا وول ستريت”! فالحركة التي رفعت شعار “99%”، أي الدفاع عن حقوق 99% من الأميركيين ضد احتكار 1% فقط للثروة والسلطة، تعتبر أن جماعات المصالح القوية تضر بحقوق ومصالح ال-99% من الأميركيين.
ومن هنا، فقد قررت حركة “احتلوا” أن تطلق هذا العام مؤتمراً موازياً لمؤتمر إيباك، أطلقت عليه اسم “احتلوا إيباك”، مع الترتيب لمظاهرات واعتصامات أمام مقر انعقاد مؤتمر إيباك في وسط العاصمة. فهي اعتبرت أن لوبي “إسرائيل”، الذي ينفق أموالاً بلا حدود على حملات المرشحين في أميركا، نموذج لجماعات المصالح التي تؤثر على صنع السياسة الداخلية والخارجية الأميركية، على نحو يخدم مصالح نخبة صغيرة على حساب مصالح بقية الأميركيين. والمسألة هذه المرة خطيرة، لأنها تتعلق عندهم باستدراج بلادهم لحرب لحساب مصالح “إسرائيل”.
باختصار، فإن اهتمام حركة “احتلوا وول ستريت” بقضايا العدل الدولي، هي التي وضعت لوبي “إسرائيل” على أجندتها، وهي مواجهة من نوع جديد يخوضها أنصار “إسرائيل” في واشنطن.
[email protected]
صحيفة البيان الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

10 أعمال للمقاومة في الضفة خلال 24 ساعة

10 أعمال للمقاومة في الضفة خلال 24 ساعة

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام تصاعدت أعمال المقاومة بالضفة الغربية المحتلة، خلال الـ 24 ساعة الماضية، ورصد مركز معلومات فلسطين "معطى"، تنفيذ...